يعرف مجلس النواب مدى ضعفه وعدم فاعليته، إلا أنه لم يفعل شيئا لإعادة الاعتبار لذاته وممارسة دوره الرقابي فعليا. عدد من قضايا البلد الهامة لا يعطى لها بال وإن طرحها للنقاش لا أحد يأخذ بنتائج نقاشاته لها، إلى درجة أن وصل به الأمر إلى عدم قدرته استدعاء بعض المسئولين التنفيذيين لاستفسارهم بشأن أداء مؤسساتهم، ومن ذلك رفض الحكومة إفادتهم بشأن سفينة الأسلحة المهربة. فرغم أن هذه السفينة أعلن رسميا عن إيقافها قبل شهر، كونها تحمل وثائق مزورة باسم وزارة الدفاع وأن أصحابها أعضاء في مجلسي النواب والشورى عن الحزب الحاكم وتداعياتها المثارة حاليا بقطع مستورديها إمدادات الغاز من محافظة مأرب إلى محافظات الجمهورية. إلا أن مجلس النواب ذكرها مؤخرا وبدأ يطلب المعلومات التوضيحية بشأنها، حيث أقر في جلسة الاثنين الفائت تشكيل لجنة خاصة لتقصي الحقائق حول سفينة الأسلحة الموجودة في ميناء الحديدة وتحمل وثائق مزورة باسم وزارة الدفاع. قرار المجلس بتشكيل اللجنة من الأعضاء (محمد الحاوري وصخر الوجيه وعلي المخلافي وناصر باجيل وعلي عبدربه القاضي ومحمد النقيب) جاء إثر تخلف نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن عن تقديم تقرير الحكومة بخصوص السفينة والذي كان التزم به أمام البرلمان في جلسة سابقة. على صعيد آخر صادق المجلس -وسط رفض كتل المعارضة- على اتفاقية البيع الآجل بين اليمن والبنك الإسلامي للتنمية بشأن توكيل الحكومة لشراء معدات لمشروع صوامع الغلال في ميناء الحديدة بقيمة 21 مليوناً و250 ألف دولار أمريكي وذلك عقب التزام وزير الصناعة والتجارة يحيى المتوكل بتوصيات لجنتي التجارة والنفط بشأن اتفاقية القرض بعد إضافة توصية جديدة تلزم الحكومة بإنشاء مجلس إدارة من الجهات ذات العلاقة لإدارة صوامع الغلال والمخزون الاستراتيجي لمادة القمح، وكذا إصدار نظام المخزون الاستراتيجي إضافة إلى إلزام المؤسسة الاقتصادية اليمنية التي آل القرض لصالحها بتمكين الأجهزة والمؤسسات الرقابية في الدولة ممثلة بمجلس النواب ولجانه المختصة وموظفي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من الدخول إلى مقرات ومنشآت المؤسسة والوحدات التابعة لها لغرض متابعة ودراسة أوضاع وأنشطة المؤسسة ووحداتها وتقييم مستوى ونتائج تنفيذ موازناتها وخططها وبرامجها المختلفة وأن تقدم المؤسسة لهذه الأجهزة الرقابية كل ما تطلب وتحتاجه من وثائق وبيانات في هذا الشأن. وأقر القرض عقب جدل كبير أثير في جلسة اليوم السابق بشأن ملكية المؤسسة الاقتصادية وعدم خضوعها لأجهزة الرقابة. وكان عدد من النواب -معظمهم في المعارضة- أكدوا على أهمية التوسع في إنشاء صوامع الغلال لمواجهة أي طوارئ ولدورها في استقرار أسعار السلع وتحقيق استراتيجية الأمن الغذائي، غير أنهم احتجوا على ذهاب القرض لصالح المؤسسة الاقتصادية التي نعتوها بالتمرد وعدم الرضوخ لرقابة البرلمان والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، مذكرين في هذا الصدد برفض المؤسسة التعامل مع لجنة برلمانية -كلفت بإعداد تقرير عن وضعها- وعدم تمكينها من الدخول إلى مقراتها والمنشآت والوحدات التابعة لها لغرض دراسة أوضاعها وأنشطتها وفحص حساباتها. النواب المعترضون على ذهاب القرض لصالح المؤسسة الاقتصادية اليمنية اقترحوا تحويله إلى وزارة الصناعة والتجارة التي نفى وزيرها يحيى المتوكل أي علاقة لوزارته بالمؤسسة. وأجمع النواب من مختلف الكتل البرلمانية على ضرورة محاسبة كافة من قاموا ببيع 17 صومعة غلال في ميناء الحديدة سعتها الإجمالية ثلاثون ألف طن، وبيعت في مزاد علني للتاجر محمد علي العودي بثمانية ملايين دولار فقط، إثر تصفية المؤسسة العامة للتجارة الخارجية والحبوب التي تتبعها الصوامع. واعتبر النواب عملية البيع خطأ فادحا يتعلق بقوت المواطن، وهو ما اعترف به وزير الصناعة والتجارة يحيى المتوكل، نافيا أن تكون له سلطة أو علاقة بالمؤسسة الاقتصادية "المؤسسة ليست تابعة لوزارة الصناعة والتجارة وهناك تحفظات على إدارة المؤسسة في بعض عملياتها ومن حقكم كمجلس نواب أن تطلعوا وتحاسبوا". نواب المعارضة اتهموا المؤسسة الاقتصادية بالفساد وقالوا: "إنها أصبحت دولة داخل دولة أكلت الأخضر واليابس وورثت القطاع الخاص وتحتكر الاستثمارات وتحصل على الامتيازات والإعفاءات الضريبة والجمركية ومحصلتها الأخيرة من الأرباح (صفر) كما تحكي ذلك الحسابات الختامية". وقال النائب عبدالرزاق الهجري -عضو في اللجنة البرلمانية المكلفة بمراجعة حسابات المؤسسة- إنه لم يسمح لهم بالدخول من بوابة المؤسسة ثلاث مرات وقيل لهم بالحرف الواحد: "نحن لا نعترف بكم" في حين قال زميله في اللجنة ناصر عرمان إن المؤسسة الاقتصادية تمردت على كل مؤسسات الدولة الرقابية ولا أحد يعرف لصالح أي جهة تعمل". انتقادات نواب المعارضة للمؤسسة دفعت برئيس مجلس النواب يحيى الراعي وهو الأمين العام المساعد للحزب الحاكم لوصف موقفهم بالثأري. وقال إن المعارضة متخذة موقف من المؤسسة لأنها تخدم المؤتمر في الانتخابات. من جهته انتقد رئيس كتلة المؤتمر البرلمانية سلطان البركاني ما أسماه انجرار رئيس مجلس النواب وراء طروحات المعارضة بأن المؤسسة الاقتصادية تابعة للحزب الحاكم، معتبرا ذلك خداعا وتضليلا للرأي العام. كما انتقد وزير التجارة والصناعة قائلا: "من الخطأ الجسيم أن يأتي وزير إلى المجلس ويقول إن المؤسسة لا تتبعني" مؤكدا "أن هذه المؤسسة تتبع الدولة ولا تتبع قطيعاً أو فصيلاً أو جهة أو شخصاً بعينه" وقال البركاني إن المؤسسة الاقتصادية تخضع لأجهزة الرقابة بما في ذلك البرلمان" إلا إذا كان ضعيفا أو عاجزا فهذا شأنه". وأضاف "عيب على مؤسسة كالبرلمان أن تتلكأ في محاسبة هذه المؤسسة" مطالبا بحضور مدير عام المؤسسة الاقتصادية العميد علي الحكلاني للرد على تساؤلات النواب والالتزام بالتوصيات التي تخصه، معتبرا غيابه عن الجلسة ريبة كبيرة ويثير شكوك الأعضاء". وفي اتجاه آخر أوصى تقرير برلماني بإلزام الحكومة بتوفير الإمكانيات المادية اللازمة لمكافحة مرض حمى الضنك الذي انتشر في محافظة تعز بصورة مخيفة خلال الفترة الأخيرة. وشدد التقرير المقدم من اللجنة البرلمانية الخاصة المكلفة بالنزول إلى محافظة تعز على ضرورة توفير عدد من السيارات الحاملة لمضخات الرش الضبابي والمبيدات لتسهيل عمل المكافحة إلى جانب توفير عدد ستة أجهزة طبية خاصة بفحص الصفائح الدموية وستة أجهزة أخرى لفحص "الاليزا" في كل من مستشفى الجمهورية وهيئة مستشفى الثورة العام والمختبر المركزي والمستشفى العسكري. كما أوصت اللجنة في تقريرها بالعمل على الحل السريع لمشكلة المياه في مدينة تعز، كون الوضع الحالي يعتبر من الأسباب الرئيسة لانتشار المرض وكذلك العمل على إنشاء إدارة في برنامج الملاريا ووزارة الصحة العامة والسكان تسمى إدارة مكافحة حمى الضنك ترصد لها الإمكانيات المادية الكافية.