حاولت رئاسة مجلس النواب في مستهل جلساته الافتتاحية لفترته الحالية من دورة انعقاده السنوية الثامنة إحداث تغيير شكلي في طريقة إقرار جدول أعمال هذه الفترة ، حيث تم رفع الجلسة الافتتاحية بعد دقائق من بدئها بناءً على دعوة رئيس المجلس يحيى الراعي إلى اجتماع لرؤساء الكتل البرلمانية واللجان من اجل التوصل إلى اتفاق بشأن جدول أعماله للفترة الحالية قبل إنزاله للقاعة للتصويت على إقراره، وذلك تجنبا للجدل الذي يثار بشأنه في كل فترة انعقاد حسب قوله وليس لتحديد المواضيع التي تلامس هموم الشعب وإعطائها الأولوية في المناقشة. وفيما كان اعترض رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم سلطان البركاني على رفع الراعي للجلسة دون إقرار جدول أعمال الفترة الحالية ، مشدداً على ضرورة العمل بجدول الأعمال السابق وإضافة إليه ما استجد من أعمال ، فقد كانت جلسة اليوم الثاني كفيلة بإقرار الجدول الذي تضمن تسعة مشاريع قوانين بينها قانون مكافحة الإرهاب، وحق الحصول على المعلومات، وتعديلات قانون الأحوال الشخصية المتعلقة بتحديد سن الزواج محل الجدل على مدى ثلاث سنوات بين نواب معارضين يرفضون التحديد ونواب مؤيدين. وكالعادة اشتمل الجدول على تعديل قانون تنظيم السلاح دون نقاشه منذ عامين عقب مطالبات نواب محسوبين على التيار القبلي بإلغاء اشتمال القانون على تنظيم الحيازة والاكتفاء بتنظيم حمل الأسلحة واحتوى جدول الأعمال على عشرين تقريراً رقابياً إلى جوار ثمانين مساءلة لوزراء. ومن المواضيع التي أعطاها البرلمان اهتمامه في أولى جلساته هي رسالة الحكومة بشأن مشروع قانون فتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2010م بمبلغ مائتين وسبعة وثمانين مليار ريال ، مع أن توصياته السابقة عند اعتماد موازنة إضافية تشدد على عدم العودة لمثل هذا الأمر في السنوات اللاحقة. وبررت الحكومة طلبها فتح اعتماد إضافي بأن نتائج التنفيذ الفعلي للموازنة العامة للدولة خلال يناير سبتمبر 2010م أسفرت عن زيادة في الإنفاق العام عن المخطط لنفس الفترة، وخصوصاً في مخصصات دعم المشتقات النفطية بلغت (167,371) مليون ريال، و(41,773) مليون ريال لسداد الفائدة المحلية. وتوقعت الحكومة زيادة الإنفاق على دعم المشتقات النفطية والدين الداخلي خلال الفترة المتبقية من العام عن الربط المقدر بالموازنة بحوالي (53,529) مليون ريال (24،712) مليون ريال على التوالي.فيما أرجعت السبب الرئيسي لزيادة الإنفاق على الفوائد المحلية إلى قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة على أذون الخزانة والسندات الحكومية لمواجهة متطلبات السياسة النقدية في امتصاص السيولة والمحافظة على تحقيق استقرار نسبي لسعر صرف العملة المحلية وتمويل عجز الموازنة. وأضافت المذكرة أن تغطية الاعتماد سيتم من الزيادة المتحققة في الموارد النفطية. الجدير ذكره أن ميزانية السنة السارية قدرت بقرابة تريليوني ريال (حوالي عشرة مليارات دولار) بعجز فاق 400 مليار ريال. وفي اتجاه آخر أظهر تقرير حول أداء البرلمان اليمني خلال الفترة الماضية أن قضايا الجنوب وصعدة غابت عن النقاشات، بينما لم تعط قضية مهجري الجعاشن حقها في النقاش، كما كشف تدني مستوى الأداء التشريعي للنواب. وأظهر التقرير الذي أصدره المركز اليمني لقياس الرأي العام غياب الأوضاع في المحافظات الجنوبية عن نقاشات المجلس عدا الاهتمام بهذه الأوضاع من الزاوية الأمنية من خلال الأسئلة والاستجوابات المقدمة من عدد من النواب في فترات سابقة. وقال التقرير -الذي حاول تقييم الفترة من مايو حتى أغسطس الماضي- إنه "على الرغم من الأهمية التي تحتلها قضية الأوضاع في المحافظات الجنوبية، إلا أن المجلس لم يقارب هذه القضية من الزاوية السياسية". وانتقد التقرير عدم تعاطي مجلس النواب مع الأوضاع في صعدة، مشيرا في هذا السياق إلى أنه" لم يكن للمجلس دور رئيسي في قرار الحرب، كما لم يكن مشاركاً في الحوارات التي دارت بين أطرافها بعد قرار وقف إطلاق النار". وكشف أن الأداء التشريعي للبرلمان خلال الفترة ذاتها اتسم بتدني مستوى أداء النواب، حيث قال إن مشروع قانون واحد فقط قدم من قبل أحد الأعضاء مقابل 26 مشروعاً تولت الحكومة تقديمها للمجلس. وانتقد التقرير عدم تبني مجلس النواب لقضية مهجري الجعاشن بشكل فاعل باعتبارها احدى أبرز القضايا المثارة التي لم تلق حلاً على الرغم من مرور ما يقارب العام على إثارتها. كما انتقد عدم إيلاء الكتل البرلمانية للأحزاب السياسية هذه القضية أولوية ضمن اهتماماتها، في الوقت الذي يبرز دور منظمات المجتمع المدني في تبنى القضية بشكل رئيسي بمشاركة بعض النواب المستقلين. وقال التقرير إن مجلس النواب أقر 7 مشاريع قوانين أهمها "مشروع قانون ضريبة الدخل، قانون الاستثمار، قانون الجمارك، وقانون التعليم العالي" من إجمالي 27 مشروع قانون كانت مطروحة على المجلس خلال فترة التقرير وبنسبة لا تتعدى 26%. مقابل نقاش 5 اتفاقيات أقر منها 4، وإرجاء النقاش حول الاتفاقية الخامسة إلى فترة لاحقة. وفي الجانب الرقابي، أظهر التقرير تدني مستوى الأداء الرقابي لمعظم اللجان البرلمانية، مشيرا إلى أنه لم يناقش سوى ستة تقارير فقط من إجمالي تقارير اللجان التي كان يفترض أن يناقشها خلال هذه الفترة، وبنسبة 23% من التقارير المدرجة ضمن جدول أعمال المجلس. وبحسب التقرير، فقد سجلت كتلة المؤتمر الشعبي العام المرتبة الأولى في تقديم الأسئلة للجانب الحكومي، بواقع 44 سؤالاً، تليها الكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح التي قدم أعضاؤها 37 سؤالاً. ولاحظ في ذات الاتجاه تركيز الأسئلة المقدمة من نواب الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني على الأوضاع الأمنية وبالأخص الأوضاع في المناطق الجنوبية، وكان وزير الداخلية هو الوزير المعني بالرد في معظم الأسئلة. بينما ركزت الأسئلة المقدمة من أعضاء الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام على الخدمات الأساسية في المقام الأول، بالإضافة إلى المخالفات القانونية لبعض المرافق الحكومية. وتنوعت موضوعات الأسئلة التي قدمها أعضاء كتلة الإصلاح بين الخدمات الأساسية والبطالة وقضايا التوظيف. وفيما يخص العلاقة بين المجلس والحكومة الحالية قال التقرير إن تلك العلاقة شهدت بعض التجاذبات في الفترة التي يغطيها التقرير، حيث هاجم عديد نواب الحكومة لعدم التزامها بمواعيد كان المجلس قد حددها لمناقشة الحكومة في بعض القضايا، كما هوجمت الحكومة من قبل النواب لعدم التزامها بتوصيات المجلس في بعض القضايا كقضية أراضي الحديدة ومهجري الجعاشن. وأظهر عدم تجاوب الحكومة مع الأسئلة المقدمة من أعضاء المجلس، حيث لم ترد سوى على 7,3 % من إجمالي ستة وتسعين سؤالاً كان من المفترض مناقشتها خلال الفترة من مايو- أغسطس2010م ، في حين لم يتم الرد على 92,7% من تلك الأسئلة. وفيما يتعلق بانتظام عمل المجلس قال التقرير إن الجلسات التي يعقدها المجلس تشهد تغيباً لعدد كبير من الأعضاء، كما يحضر عدد آخر من الأعضاء فترات قصيرة من الجلسة ثم يغادرون، فيما تناقش مشاريع قوانين بعدد ضئيل من الحضور. واعتبر وقوف مجلس النواب على موضوع نهب الأراضي في محافظة الحديدة، والاستيلاء على أراضي مشروع "درة المكلا" في حضرموت، أهم الموضوعات العامة التي ناقشها المجلس خلال الفترة التي يغطيها التقرير، استجابة لمطالب ممثلي هذه المحافظات، مشيراً إلى وصول الأمر بأعضاء كتلة نواب حضرموت إلى تعليق عضويتهم في المجلس احتجاجاًَ على عدم تنفيذ الأحكام القضائية بشأن أراضي درة المكلا. وهي القضية التي انتهت بحل قبلي خارج المجلس. ونقل التقرير شكوى بعض النواب من سلوك هيئة الرئاسة إزاء طلباتهم بإدراج أسئلة أو استجوابات لهم ضمن جدول الأعمال، مستشهداً بلجوء النائب أحمد سيف حاشد إلى الاعتصام والإضراب عن الطعام لأكثر من مرة احتجاجا على عدم تمكينه من طرح استجوابه لوزير الداخلية قبل أن تتاح له فرصة الاستجواب مؤخراً، إضافة إلى اضطرار عدد من النواب إلى سحب أسئلتهم للوزراء بسبب عدم الموافقة على تقديمها في الوقت المناسب، كما هو الحال في بعض الأسئلة المتعلقة بالحرب في صعدة.