حين بدأت الثورة من ساحة الجامعة كان نواتها ثلة من الشباب الطامح الحالم بتغيير واقع اليمن الممسك بخناقه العسكر والتيار الديني ورموز القبائل والنافذون الفاسدون على اختلاف توجهاتهم . بدأوا عشرات ولحق بهم مئات التواقين للتغير وعندما بدأوا يعدون بالآلاف التحمت بهم الأحزاب ولكن ليس بغرض المساندة وإنما للهيمنة من خلال امتلاكها - والحديث هنا عن الإصلاح - للإمكانيات المادية والقدرة على التنظيم ولذا سرعان ماتمت السيطرة على المنصة الإعلامية باعتبارها أداة التواصل مع ساحة المعتصمين ومنع الإصلاح شباب الثورة الحقيقيين. وبتواطؤ فرضه ضعف الأحزاب الأخرى وحين بدأ النظام يترنح جر معه حلفاءه العسكريين والمشائخ الذين فرضوا أنفسهم كثوار وحماة للثورة بحيث تم إعادة إنتاج هؤلاء بما يتوافق مع المرحلة الثورية القادمة، ليخبو صوت الشباب وتتوارى الأحزاب مقابل ارتفاع صوت وحضور الوافدين من أركان النظام باعتبارهم المبحرين بالثورة إلى بر الأمان. وهو مايعد إعادة للتأريخ الذي لايتكرر إلا في اليمن، من خلال سرقة ثورة سبتمبر وبعدها حلم تحقيق الوحدة واليوم التأهب المبكر لسرقة ثورة الشباب والشعب بأكمله من قبل ذات الأشخاص وذات الرموز التي توالدت وتناسخت ولذا فإن من يتحاور باسم الشباب والثورة هم هؤلاء. الثورة الشبابية الشعبية التي انطلقت لإقامة دولة مدنية حديثة تواجه ثورة مضادة من القوى التقليدية التي انضمت إليها, ووفرت للنظام مساحة واسعة من التناقضات التي يلعب عليها. تحركات الشيخ صادق الأحمر ودعواته للقبائل لمواصلة الثورة لا تتوقف ، حتى بات الممثل الأول للثورة الشعبية فضلاً عن لقاءاته مع الأطراف الخارجية والتي كان آخرها السفير الأمريكي.. لقد طغى صوته على صوت الشباب الثائر، في حين اللواء علي محسن الأحمر - الذي أطاحت صوره في الساحة بصور الأستاذ النعمان - يوفد المتحدث باسمه عسكر زعيل لتولي زمام منصة ساحة التغيير بأمانة العاصمة وأفراد الفرقة الأولى مدرع ينتشرون داخل الساحة في حين كان عليها حماية مداخلها فقط لا أن تعطي نفسها الحق في السيطرة على فعاليات الشباب أو التدخل في شؤونهم أو توجيههم فيما الوفود القبلية تتوالى إلى مكتبه باعتباره رائد الثورة . وبالتوازي مع اللقاءات التي يواصل الرئيس علي عبدالله صالح إجراءها مع أبناء القبائل المنتمية لصنعاء والمحافظات المجاورة لها ، عمد اللواء علي محسن الأحمر إلى اتباع ذات الأمر ولكن باسم ثورة الشباب . ما يفترض أن يتم هو أن تظل هذه القوى مساندة فقط لا أن تتحول إلى مسيطرة ، لكن ما يلاحظ غير ذلك. لقد بات الحديث عن رحيل النظام أمراً مفروغاً منه .. الشيء المختلف عليه هو توقيت الرحيل وطريقة تسليم السلطة ، فالرئيس الذي كان يفاوض على منحه سنة لترتيب مغادرته دار الرئاسة عاد فجأة إلى التمسك بفترته حتى 2013م وذلك لكي يقبل معارضوه بالحوار ، في حين يرفض شباب الثورة ذلك وبين هذا وذاك طرحت خيارات عديدة لتجاوز المأزق الحالي وفي مقدمتها تشكيل مجلس انتقالي أو نقل السلطة إلى نائب الرئيس . لكن (صالح) الذي شعر بنشوة عارمة بالجماهير التي حشدها حزبه ومن تبقى من أدوات نظامه إلى العاصمة صنعاء لتأييد مبادراته، اعتبر تمسكه بالسلطة خوفاً منه على البلاد ممن سيخلفه .. هذا الحشد الكبير لما أسمي بجمعة التسامح الذي بالغت وسائل الإعلام الحكومية بأن عدده وصل إلى عشرة ملايين بدأ الإعداد له بعد حديث المعارضة عن تحويل الجمعة الفائتة إلى يوم زحف باتجاه القصر الجمهوري ، ورغم أن هذا الأمر قد قوبل برفض الشباب المعتصمين في ساحة التغيير، إلا أن تلك الدعوة قد أسهمت في خلق متعاطفين قبليين للرئيس ، كما أن الرئيس لم يفوتها دون الاستفادة منها ، حيث قال في أول رد على تصريح الناطق الرسمي للمشترك محمد قحطان بشأن الزحف إلى القصر بقوله " لقد سمعتم تصريحات اللقاء المشترك ممثلة بالأستاذ الحصيف صاحب اللغة الراقية والرفيعة محمد قحطان إنه سيواصل الزحف حتى إلى غرف النوم ..هذه هي لغة التجمع اليمني للإصلاح " هكذا يشعر الرئيس أن خصومه الحقيقيين حاليا هم حزب الإصلاح ،وأضاف "هم معدين خططاً لمهاجمة المعسكرات ،الآن محاصرين البنك المركزي بعمران ومحاصرين البنك المركزي في ماربوالجوف وصعدة ويريدوا نهب ودائع البنك المركزي ..هذا هو اللقاء المشترك الذي يناضل سلمياً من أجل التغيير والتداول السلمي للسلطة". واتهم الرئيس أحزاب اللقاء المشترك بالوقوف خلف الأزمة السياسية الراهنة وتحدث عن المشاريع الانفصالية التي قال إنها بدأت تطل برأسها في بعض المحافظات الجنوبية والمشاريع الامامية التي قال إنها بدأت تظهر في الجوف وصعدة ومارب. وقال هذا مشروع إمامي انفصالي بالتكاتف والتعاون مع أحزاب المشترك وتنظيم القاعدة والحوثيين ..نهب للمعسكرات واحتلال بعض المجمعات الحكومية ، وهم لديهم تجربة وخبرة من حرب 94 لنهب المعسكرات وبالذات التجمع اليمني للإصلاح، عندما نهب المعسكرات في المحافظات الجنوبية والشرقية ".وأمام حشد أنصاره الذين قدموا إلى العاصمة من محافظات ذمار، عمران، البيضاء، صنعاء، ريمة، هاجم الرئيس علي عبدالله صالح المطالبين برحيله، وقال إنهم تحالف يجمع القاعدة والحوثيين وتجار السلاح والمخدرات ومن الحراك واللقاء المشترك.لكنه قال: "سأرحل عن السلطة بعد أن أسلمها لأيدي أمينة، وليس للمتآمرين" .وجدد الإعلان العفو عن القادة العسكريين الذين تأثروا بالأحداث وغرر بهم، وقال: "ليعود كل إلى مكانه". ربما أن تزايد أعداد المنضمين من نظام صالح إلى الثورة الشعبية هي من جعلت الرئيس يضطر لعرض العفو مرة أخرى عن العسكريين الذين انشقوا وهو ما يؤكد حجم المأزق الذي يعيشه الرجل ، ففي اجتماع لمجلس الدفاع الخميس الماضي قدم الرئيس عرضه وتبريره لخطوتهم " على الذين ارتكبوا الحماقة يوم الاثنين وقبل يوم الاثنين وبعد يوم الاثنين ندعوهم للعودة إلى جادة الصواب في إطار العفو العام ونعتبرها حماقة وردود أفعال ونبرر لهم الموقف نتيجة عاطفة لما حدث يوم الجمعة (استشهاد 52 معتصماً برصاص قناصة محترفين) وقال إنه سيعتبر انشقاقهم ذلك "في إطار النزق". صحيح أن الرئيس علي عبدالله صالح وخلال فترة حكمه للبلاد واجه العديد من الإشكالات ، لكنه لم يعش ظرفاً أصعب من الانشقاق العسكري الكبير الذي أحدثه اللواء الاحمر . وقال اللواء علي محسن الذي أرسل قوات لحماية المحتجين المطالبين بإسقاط النظام في صنعاء إن الخيارات أمام الرئيس باتت قليلة، وانتقد ما وصفه بتعنت الرئيس لكنه قال إن القوات المسلحة ملتزمة بحماية المحتجين. وفي رسالة تطمين وتأكيد على عدم رغبته في السلطة قال: "إن الحكم العسكري في البلدان العربية عفا عليه الزمن وان الناس سيقررون من سيحكمهم في إطار دولة مدنية حديثة". وأضاف لرويترز "أنا واحد من أبناء هذا الشعب، خدمته لمدة 55 عاما ولم يعد لدي رغبة في أي سلطة أو منصب."وتابع "أنا في السبعين من العمر ولم يبق لي من طموح سوى أن أقضي ما تبقى من عمري في سكينة واطمئنان وبعيدا عن مشاكل السياسة ومتطلبات الوظيفة." ودعا علي محسن الرئيس علي صالح إلى تحكيم العقل والمنطق وعدم الانقياد وراء "المشورات" برفض التنحي عن السلطة. وفيما كانت التفاوضات تتواصل بشأن بحث تسليم الرئيس للسلطة ، حالت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام دون ذلك، حيث عقدت اجتماعاً برئاسة علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) ووقفت أمام تطورات الأوضاع في الساحة وتداعيات الأزمة الراهنة التي قالت إنها بسبب المواقف المتعنتة من قبل حزب الإخوان المسلمين "الإصلاح" وحلفائه في أحزاب اللقاء المشترك والحوثيين وتنظيم القاعدة، والتي سدت كل أبواب الحوار، وسعت إلى التصعيد والمزيد من التداعيات التي أضرت بمصالح الوطن والمواطنين. وأكدت اللجنة العامة بأن حشود الجمعة الماضية مثلت استفتاءً جديداً وواضحاً على الشرعية الدستورية ومكانة الرئيس في قلوب أبناء الشعب . وأوضحت بأنه من غير المقبول والمنطقي لي الذراع وتجاوز الشرعية الدستورية وفرض رأي الأقلية على رأي السواد الأعظم من جماهير الشعب. وقال حزب المؤتمر الشعبي العام ان رحيل علي عبد الله صالح الذي تطالب به المعارضة "غير مقبول" و"غير منطقي". وقبل أن تعلن أحزاب اللقاء المشترك رفض مبادرته الأخيرة لإجراء انتخابات رئاسية أواخر العام الجاري، قال صالح في اجتماع بقيادات مجلس الدفاع الوطني "كلما دعوناهم إلى الحوار سدوا كل الأبواب، تعالوا نتحاور، تعالوا نبحث كيف تنتقل السلطة سلمياً وكلما حاورناهم -قبلنا بالخمس النقاط -ارتفع سقف المطالب، قلنا تعالوا في إطار ارتفاع سقفها نتحدث معكم، لايمكن بأي حال أن يقدم النظام السياسي نفسه إلى المشنقة في كل الأحوال، تعالوا للحوار السياسي وننتقل بالسلطة سلميا عن طريق المؤسسات الدستورية ، تتحملوا كامل المسؤولية اذا سفكت قطرة دم". يبدو أن ما كان يقصده الرئيس عندما تحدث عن أنه يريد تسليم السلطة إلى أياد آمينة هو مصير حياته بعد تنحيه وليس مصير البلد ، لذا فهو يريد الاطمئنان كثيراً إلى من سيخلفه. وفيما صوت البرلمان لصالح فرض حالة الطوارئ ، إلا أن النظام لم يبدأ باستخدامه ضد خصومه حتى الآن، وذلك ربما لما أثاره إقرار القانون من جدل سياسي وقانوني وشعبي. حيث اعتبر قانونيون وسياسيون وبرلمانيون ما صدر عن مجلس النواب من إقرار لإعلان حالة الطوارئ يعد إجراء باطلا وغير شرعي شكلا ومضمونا، ويشكل مخالفة للدستور الذي يشترط وجود قانون معمول به للطوارئ. وقال البرلماني في كتلة المؤتمر أحمد صوفان إن قانون الطوارئ غير شرعي وغير قانوني ، على اعتبار أنه لا وجود لقانون قائم لدولة الوحدة ، مشيراً إلى أن القانون الذي اعتمدت عليه السلطة صادر في عام 1963 في دولة الجمهورية العربية اليمنية. و قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن قوانين الطوارئ ليست مبرراً لاستخدام القوة غير القانونية في سحق الاحتجاجات السلمية. وحذرت من أن العالم يراقب ليرى إن كان الرئيس صالح سيحترم الحقوق الأساسية المكفولة للمواطنين اليمنيين، مشيرة إلى أن قانون الطوارئ اليمني الجديد لا يُلغي التزام الحكومة باحترام حقوق الإنسان الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي. ويعيش الرئيس حالة من الإرباك وهو ما يبدو واضحاً من خلال التناقضات التي تحفل بها خطاباته مؤخراً وتحديداً مقابلته مع قناة العربية الفضائية. لقد تراجع الرئيس علي عبدالله صالح مساء الخميس الماضي عن قرار تنحيه عن السلطة بعدما كان قد أبدى موافقته على ذلك وتسليم مهامه لنائبه عبدربه منصور هادي أثناء لقاء له مع اللواء علي محسن الأحمر قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع عقد في منزل النائب (هادي). وتحدثت المصادر عن أن مفاوضات جرت في منزل النائب هادي برعاية أمريكية أواخر الأسبوع الفائت وأن (صالح) وافق على خطة لتنحيه عن السلطة، لكنه اشترط في بادئ الأمر أن يستقيل اللواء علي محسن الأحمر معه وأن الأخير وافق ، إلا أن صالح تراجع. وأشارت المصادر إلى أن موافقة اللواء علي محسن على شرط الرئيس صالح ربما لم يكن متوقعاً للأخير، ما جعله يتراجع عن موافقته على التنحي، وأنه كان يتوقع أن اللواء علي محسن سيرفض الشرط. وعقب تراجع صالح توجه إلى عقد اجتماع بقادة وزارة الدفاع وألقى ذلك الخطاب الذي تعهد خلاله بالدفاع عما أسماها ب"الشرعية". وفي اليوم التالي قال الرئيس انه "ثابت" في وجه الحركة الاحتجاجية المطالبة برحيله رغم انه مستعد لتسليم السلطة الى أياد أمينة". وأضاف -فيما كان مناصريه الذي تم جمعهم من عدة محافظات ومن الحرس الجمهوري والأمن بلباس مدني يهتفون "الشعب يريد علي عبدالله صالح"- ان "هذا استفتاء شعبي على الحرية والديموقراطية والشرعية". وتجمع أكثر من مليون شخص من المعارضين لصالح - وأكثر منهم في تعز - في ما أطلقوا عليه "جمعة الرحيل" في ساحة التغيير امام جامعة صنعاء، حيث يعتصم الآلاف منذ 21 فبراير، فيما احتشد مناصرو النظام في ساحة السبعين. وكان صالح أعلن عشية الجمعة الفائتة انه سيدافع عن نفسه "بكل الوسائل الممكنة" ودعا العسكريين المنشقين الى "العودة الى جادة الصواب". وفي مقابلته مع قناة العربية قال الرئيس علي عبدالله صالح انه لن يتنازل عن السلطة الا باتفاق سياسي، وعاد ليقول إنه "مستعد للتنازل عنها بعد شهر، بعد شهرين، ولو حتى بعد ساعة" اذا اتفقنا على كيفية نقل السلطة ولمن". وقال: "المعارضة تريد فقط أن اترك السلطة ولا تتحدث عن كيف ولمن"، "تريد بيان رقم واحد، بدلا عن الاتفاق على نقل عبر الإطار الدستوري". وعن خياراته بعد الرحيل عن السلطة قال صالح: "أنا رئيس للمؤتمر الشعبي العام، وسأتفرغ لرئاسة المؤتمر وسأعمل من المعارضة". وعن إن كان يسعى للحصول على ضمانات لو ترك الرئاسة قال صالح: "انا سأضمن نفسي ،ولست من النوع الذي يرحل ليبحث عن مسكن في جدة أو ابحث عن مسكن في باريس.. او في اوروبا.. ولكن انا سأبحث عن مسكني في مسقط رأسي". قائلا إنهم يريدون أن يرحل عن البلاد هو وأولاده وقادة الجيش وحزب المؤتمر الشعبي العام أسوة بماحدث لحزب البعث في العراق من اجتثاث"، وقال: هذا مستحيل، لن أتنازل عن السلطة إلا للشعب في خطوات معروفة. وهاجم اللقاء المشترك، قائلاً إن الاشتراكي اشترط الوحدة الاندماجية في محاولة لالتهامنا قبل فشله، والإخوان المسلمون "اخرجوا كل كروتهم، ويحاولون القيام بمهام للقوى الخارجية التي تريد اليوم بديلا إسلاميا عن الشيوعية والقومية التي فشلت، فتسعى الآن لإيصال البلدان إلى أيدي الإخوان المسلمين، الذين منهم أتت القاعدة، واليهم ينتمي اسامه بن لادن. وتابع: العالم العربي كله خائف من الإخوان، وفي مصر رغم رحيل مبارك فان المجتمع هناك متخوف من أن تصل السلطة ليد الإخوان، وفي اليمن الشعب خائف منهم. ووسط مخاوف من أن تكون خيارات ما بعد الثورة مرهونة بالإسلاميين كما يسميها البعض أو بالدولة العسكرية كما يصفها البعض الأخر، خصوصا في ظل غياب سيناريوهات واضحة لمرحلة ما بعد الثورة أشهر الخميس المنصرم في صنعاء حركة الكتلة المدنية. وفي المؤتمر الصحفي لإشهار الكتلة أكدت الناشطة الحقوقية أمل الباشا على ضرورة أن تكون الدولة المقبلة مدنية ، مشيرة إلى ضرورة أن تكون الكتلة مظلة لكل الراغبين بالدولة المدنية، وأن تبتعد عن الدولة الصفة العسكرية والصبغة الدينية. وقالت الباشا إن الكتلة ترى ضرورة تشكيل مجلس انتقالي يضم في مكوناته كافة الأطياف السياسية والاجتماعية بمختلف أيدلوجياتها وأن يكون أعضاؤه مشهوداً لهم بالحكمة والنضال وكذا تمتعهم بالقدرة على تسيير أمور الدولة في مرحلة ما بعد الثورة حتى تعطى الثورة اليمنية طابعا مختلف عن سابقتها. وأن تكون ابرز مهام المجلس الانتقالي تشكيل لجنة قانونية لصياغة دستور جديد للبلاد، حكومة انتقالية لتسيير أمور البلاد والرقابة على أدائها. على ذات المنوال أشار القيادي في الكتلة عبد الباري طاهر إلى أن اليمن عانى من الصراع والحكم ذي الطبيعة الكهنوتية ، مشيرا إلى أن ساحات الحرية والتغيير شهدت كلها مظاهرات سلمية مؤيدة لبناء دولة النظام والقانون، كون اليمنيين شعروا الآن بأن من تحكمهم هي عصابة"، معتبرا ما يقوم به الشعب من تغيير للنظام بأنه نواة لمجتمع حديث يطمح له جميع اليمنيين، متمنيا في الوقت ذاته بأن يتساوى اليمنيون في بناء الدولة الحديثة. وتقوم الكتلة التي تضم صحفيين وحقوقيين وشخصيات اجتماعية-بحسب بيانها- على أساس قيام دولة مدنية حديثة، التمثيل الوطني لكافة اليمنيين بمختلف أيدلوجياتهم ومذاهبهم ،صياغة دستور جديد للبلاد، كفالة الدولة الحديثة للتمثيل الكامل للمرأة، معالجة القضية الجنوبية وحرب صعدة، تباشر الدولة الحديثة معالجة كافة ملفات الصراع السياسي القديم، ترجمة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ضمان مشاركة الشباب من الجنسين، التأكيد على مبدأ الفصل بين السلطات. لقد فاجأ الرئيس المعتصمين بساحات التغيير الذين كانوا منتظرين ساعة الصفر لإعلانه التنحي عن السلطة . لكن ظهوره عبر قناة العربية شكل صدمة كبيرة لهم ، وبمجرد انتهاء المقابلة التي جاءت مخيبة للآمال ترافعت أصوات الشباب وهم يرفضون حديثه وظل الجميع يهتف " الشعب يريد إسقاط النظام" ارحل ارحل ". وأعلن المعتصمون في بيان رفضهم أي مبادرات أو أفكار لا تتضمن صراحة الرحيل الفوري للرئيس صالح وأقاربه وأركان نظامه الآخرين على حد سواء. وأكدوا أنهم يرفضون بشكل واضح وقطعي أي مهلة للرئيس ونظامه لأكثر من أسبوع كحد أقصى لتجهيز نفسه لمغادرة القصر الرئاسي ، إذا ما كان جادا فعلا في ترك السلطة. وعبر المعتصمون عن عدم ثقتهم بأي وعود ل "صالح" ، قائلين إن هناك تجارب كافية لتنصل صالح عن وعوده وتنكره لاتفاقات قبل أن يجف حبر مدادها. وتعالت أصوات من الساحة بتشكيل لجان شعبية لحماية الممتلكات العامة والأحياء، وتعزيز حماية ساحات الاعتصام في المحافظات .وجاءت هذه الأصوات عقب تداول مخاوف من " مخطط لإحداث فوضى عارمة من قبل بلطجية جهزوا للقيام بذلك، القصد منه أن " يثبت صالح للمجتمع الدولي أنه محق فيما ذهب إليه بأن الفوضى ستحل عقب استقالته. وفي الغضون تحدث الرئيس خلال حضوره انعقاد الدورة الاعتيادية الرابعة للمؤتمر الشعبي العام عن ضرورة تشكيل لجان شعبية لحماية الأحياء في حين كان عدد من عقال الحارات في أمانة العاصمة استبقوا ذلك بإعداد قوائم بأسماء من سيقومون بحماية الحارات في حال انفلات الأوضاع. وقد شكل عقال ووجهاء في المكلا لجاناً شعبية متعددة لحماية الحارات من عمليات النهب والفوضى المتوقعة في حالة حدوث خلل أمني في المحافظة. الأمر في المحافظات القبلية بات تحت سيطرة القبائل أنفسهم ، فبعد غموض الموقف في محافظة الجوف، التي ذكرت المعلومات أن قيادة حركة التغيير بالمحافظة أقرت تشكيل اللجنة الشعبية للمحافظة بعد سيطرة الثوار على كل مديرياتها، حيث لم يصدر أي موقف من الدولة ، انضمت محافظتا صعدة وشبوة لذات الوضع. ففي مديريتي الصعيد وميفعة، غادرت قوات الأمن معسكراتها لتتجنب مواجهات مع مسلحين وسلمت سلاحها لرجال من القبائل الذين شكلوا لجاناً شعبية، وفي حبان قال مدير المديرية إن القبائل والجيش افشلوا محاولة للحراك للاستيلاء على المعسكرات، وشكلت لجاناً في عتق لذات الغرض. وفي صعدة قال المكتب الاعلامي ل"الشيخ فارس مناع" إن اجتماعاً موسعاً لأعضاء المجالس المحلية بالمحافظة والمديريات وقيادات المكاتب التنفيذية، خرج بتنصيب" مناع "محافظا للمحافظة وان ذلك تم بحضور"ابو علي الحاكم" ممثلا عن الحوثيين، وانه بارك "ما توصل إليه الاجتماع، مبدياً استعداد الجماعة للتعاون لما فيه صالح المحافظة في تثبيت الأمن والاستقرار . المواقف الخارجية مما يدور في اليمن أخذت في التواري باستثناء الداعية لبحث مخرج مناسب للأزمة ، في حين السعودية التي يعول الرئيس عليها في التوسط ذهبت لتأمين حدودها ، حيث رفعت قوات حرس الحدود السعودية على الحدود مع اليمن حالة التأهب، وذلك بسبب تصاعد الأحداث . ونقلت صحيفة "عكاظ" عن الناطق الرسمي لحرس الحدود قوله إن: "حرس الحدود عزز إجراءاته الاحترازية على طول الشريط الحدودي مع اليمن، التي تبلغ اكثر من 1500 كيلومتر، للحؤول دون تسرب مطلوبين أمنيا أو تهريب أسلحة ومتفجرات باستغلال الوضع الراهن في البلاد". وكانت دول مجلس التعاون الخليجي أكدت أن ما يجري في اليمن«شأن داخلي بحت» . وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية في بيان له «إننا نتابع باهتمام بالغ تطورات الأحداث الجارية على الساحة اليمنية»، مؤكدا احترامه لإرادة وخيارات أهل اليمن. وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون، أن ما يجري في اليمن شأن داخلي بحت وشدد «على ضرورة المحافظة على المدنيين وعدم تعريضهم لأية مخاطر تهدد أرواحهم». كما دعا العطية إلى «عدم إهدار المكتسبات الاقتصادية والحضارية، مما يعيد لليمن أمنه واستقراره وتنميته، وازدهاره»، معربا عن قناعته «بأهمية الدور اليمني التاريخي في المنطقة،استنادا إلى الإرث الحضاري للشعب اليمني العريق».