*كمال مسعود **قال: أنتم يا شباب هذه الأيام ما معاكم إلا كلام عن الكرة؟ أنا أستغرب وأضحك عليكم كيف تتفرجوا على عشرين راجل يجروا مثل المجانين خلف الكرة؟ قلت: يا حاج لعبة كرة القدم توصف بأنها جزء من تاريخ هذا القرن فمن أهم ملامح هذا القرن انتشار كرة القدم في شتى أنحاء العالم وسيطرتها على عقول الجميع. قال: مو تخبر يا وحيد القرن كسروا قرنك، ضحك، يا ابني خذ مني نصيحة عصرنا الحديث عصر المصلحة والشطارة في التجارة (المال) هو الوحيد اللي يسيطر على عقول الجميع والا ماسمعت الشاعر اللي يقول القرش يلعب بحمران العيون. قلت: العصر الحديث عصر كروي يختلف اختلافا جذريا عن العصور السابقة ولم تعد كرة القدم لعب من أجل تسجيل الأهداف والفوز والجري خلف الكرة، فالكرة في هذا العصر تحولت إلى تجارة أيضا وبأرقام خيالية تعادل القيام بتجارة نفط أو ذهب فما بالك بمدرب لمنتخب يتقاضى 26 مليون جنيه استرليني. قال: اشتي أعرف كيف الكرة تجارة؟ قلت: من أجل تحقيق الفوز في دوري أو كأس أو أية بطولة تحتاج إلى فلسفة خاصة ونهج معين تسير عليه لكنه لا يختلف عن تجارة يقوم بها أحد التجار فهناك من التجار من يشترون أغلى وأفضل البضاعة ومنهم من يبحثون عن بضاعة جديدة وفي الحالتين ممكن الربح أو الخسارة فاللاعبون هم البضاعة لكن تبقى الشطارة في التاجر نفسه، فمنهم من يروجون لبضاعتهم بشكل جيد ويبيعونها ويحققون الأرباح ومنهم من لا يعرفون كيف يروجون لها ولا يبيعونها وتخسر وبالطبع هذا التاجر هو المدرب ومنهم من يعرفون كيف يحققون الفوز ومنهم من يخسرون وهذا لا يتحقق إلا بشطارة المدرب وذكائه وفاعلية اللاعبين في الملعب لكن بالتأكيد هذه التجارة لن تتحقق من فراغ، فالفوز لن يتحقق والتاجر لن يربح سوى بوجود العنصر الأهم في عصرنا الحالي وهو (المال) لكن توظيفه يختلف من تاجر إلى آخر. لكن هؤلاء التجار ليسوا سوى تغطية للتجار الأكبر والممولين الرئيسين لهؤلاء التجار وهم ليسوا سوى لعبة في أيديهم يتحكمون بها كما يشاؤون وبالتأكيد كل هذا ليس سوى لإسعاد المشتري وجعله يدفع المال من أجل أن يحصل على أفضل بضاعة. وهذه هي كرة القدم في وقتنا الحالي نحن ندفع المال وهم يقومون بالباقي من بيع إلى شراء لكن تبقى مهمتنا هي الأهم فنحن المستهلكون أو يمكن تسميتنا باللغة الكروية ب"المشجعين"!! إنها ببساطة ليست سوى تجارة فيها ربح وشطارة وخسارة وإفلاس!! قال: زعم يا ابني لمو خرجوا الشباب يتجمعوا عند جولة الجامعة؟ مو يشتوا؟ قلت: خروج هؤلاء الشباب ناتج عن تردي الأوضاع وسوء الإدارة والفساد المستشري في البلاد وعجز الحكومة عن مخاطبتهم بلغتهم وتوظيف قدراتهم وإمكانياتهم في بناء الوطن. قال: مو تخبر كيف يبنوا الوطن وهم جالسين يفعلوا فوضى في الشارع صبح وليل ما يخلوا الناس تجزع تشوف أعمالها؟ والتلفزيون يقول إنهم جماعة حميد والزنداني والحوثيين؟ قلت: هؤلاء الشباب في الساحات معتصمون سلميا وهذا حق دستوري ونضيح ديمقراطي يعبر عن صورة تلاحم بين مكونات المجتمع اليمني بعيدا عن التقسيمات الضيقة القائمة على الطائفية والمذهبية والحزبية وهو اصطفاف وطني. قال: يا ابني ما دام وانت فيلسوف وتسكي تكتب في الصحيفة لمو ما تخبر أننا قد ضجرنا في عيشتنا وحياتنا ونحصل صعوبة كبيرة في إيجاد اللقمة لانعدام الغاز في السوق وحتى المطاعم مقفلة واحنا قد شبعنا جمع، جمعة الخلاص والرحيل وجمعة الحوار وجمعة التسامح، لمو ما يخرجوا الناس في جمعة الغاز، نحنا نشتي غاز وقول للرئيس والمعارضة ما دخل الغاز حق المواطنين المساكين بخلافاتكم السياسية والله يحفظك يا ابني ويصلح حالك وحال الوطن!!