*عبدالولي سليم لا ريب أن هذه العبارة شائعة الاستعمال وكثيرة التداول بين أوساط الكثيرين في مجتمعنا اليمني وقد عمدت لأن أضعها عنوانا لموضوعنا هذا، وذلك حرصا مني على أن أعزم عليكم كي نتأمل سويا في ما تحويه هذه العبارة في جوفها من معان. ثمة أمر لا بد من بيانه هنا، ذلك هو إن كان القصد من وراء هذه العبارة أو المقولة هو مجرد تحديد المكان أو الموقع الجغرافي للشخص (صاحب البلاد) فلا بأس في ذلك، لا غير وأما إن كانت هي الأخرى فتلك هي الطامة الكبرى، وما أعنيه هنا هو العنصرية والتميز القبلي والمناطقي، وهذا ما سنتناوله في موضوعنا هذا. بالتأكيد فإن عبارة صاحب البلاد تحمل معنى التفاضل والتمايز الطبقي والقبلي والمناطقي بين أفراد المجتمع الواحد، وتعويلا على ذلك فإن صاحب البلاد له الأفضلية والأقدمية والأولوية على الغير وتبعا لهذا فهو وحده المستحق للتقدير والاحترام والتفضيل، دون سواه، في كل جوانب الحياة وتعاملاتها داخل المجتمع الواحد، بل ويحظى بالمزيد من المزايا والمداهنات، فقط لأنه صاحب البلاد، وغير ذلك من النتائج المترتبة على هذه العبارة. عجبا أن نرى مثل تلك السلوكيات الخاطئة متفشية عند بعض الناس داخل مجتمعنا اليمني، وإن تعجب فعجب ما يردده البعض من عبارات وألفاظ وأمثلة شعبية تعكس صورة واضحة بالمذهبية القبلية والمناطقية والتمييز العنصري الطبقي، بل وتحمل معاني السخرية والامتهان لقوم على قوم آخرين، وإذا كان هذا هو الحال عند الكبار فتخيلوا معي كيف سيكون حال أجيال المستقبل من صغار السن، وهي تنمو وتترعرع وسط جو يسوده روح الكراهية والبغضاء، بين أفراد المجتمع الواحد. وهنا نقول ألسنا كلنا أصحاب البلاد، أو لسنا باليمنيين جميعا، أو ليس تاريخنا واحداً، وديننا واحد، لا فرق بين أبيض وأسود، كما لا فرق بين صنعاني ولا حضرمي، ولا عدني ولا ذماري ولا خباني أو خولاني أو لحجي أو وصابي، أو ريمي، إلا بالتقوى والعمل الصالح، أم أننا نسينا ما توجهنا إليه الشريعة الإسلامية السمحاء والتي تنبذ روح العصبية مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من دعا إلى عصبية" مثلما أنها تحرم السخرية، كما جاء بيانا لقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم" الحجرات (11). ما هكذا كان أجدادنا الأول وما كانت تلك سجاياهم، بل ولا ينبغي أن يكون هذا هو حالنا، ونحن شعب الإيمان والحكمة، فلم تلك النظرة القاصرة، ولم نظرة الجاهلية المشوبة بالريب، والمكسوة بلون الغرور، والتي تفوح منها رائحة الكبرياء، وهل يكون هكذا تعاملنا وتخاطبنا لبعضنا البعض، مع أننا اليوم في عصر العلم والتكنولوجيا. وعصر التعامل والتخاطب بلغة العلم والتقنية والكمبيوتر، بل نحن اليوم في عصر لم يعد يؤمن بتلك الخرافات، ولكن كفانا ما قاله أحد الشعراء: لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ...ولكن أخلاق الرجال تضيق ما آمله من الله أن نكون صفا واحدا لا سيما في هذه الظروف الراهنة وأن ننبذ من بيننا العنصرية والتمايز المذهبي القبلي، والمناطقي وغير ذلك من الظواهر السلبية.