في 3 مايو 2009م أصدرت السفارة الأمريكية بلاغا صحفيا تضمن تعليقا هاما على الأحداث الجارية في جنوباليمن وليس على النخبة الحاكمة سوى أن تقرأه بعناية تامة، وأن تتبين أبعاده بدون استخفاف أو غرور، فمثل هذا البلاغ من السفارة الأمريكية لا يصدر انفعالا آنيا بحدث من الأحداث التي يمارس فيها العنف ضد مواطنين وإلا كانت السفارة أصدرت مائة بلاغ عن خمسة حروب دارت في صعدة خلال السنوات الخمس الماضية. بلاغ السفارة الأمريكية يوضح بجلاء موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية ويبين بجلاء مدى اهتمامها بالجنوب كمنطقة استراتيجية تتعلق بها مصالح دولية لا يمكن السماح بأن تكون منطقة صراع وعدم استقرار يهدد حركة السفن الدولية واستقرار الخليج ولهذا تقف بوارج العالم على شواطئ المنطقة لحماية سفنها ومصالحها. ومن ناحية أخرى يؤكد البلاغ إحساس الولاياتالمتحدة بمسئوليتها نحو أبناء الجنوب بحكم أنها دعمت الوحدة عند قيامها سنة تسعين ودعمتها أثناء الحرب الأهلية عام 1994م ويريد البلاغ أن يقول إن الوحدة التي دعمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية هي الوحدة التي ترتكز على العدل والمساواة والشراكة في السلطة والثروة والحكم الديمقراطي وهي لهذا ترفض استخدام العنف في مواجهة مطالب الجنوبيين في الجنوب. إن البلاغ مؤشر على إمكانية التدخل الدولي إذا ما أصرت السلطة على استخدام القوة بديلا عن الحوار وأصرت على احتكار السلطة والثروة بديلا عن المساواة والشراكة والمواطنة المتساوية. إنه جرس إنذار وما لم تراجع السلطة موقفها وتحكم العقل والمنطق فإننا سوف نسمع غدا كل المصطلحات التي سمعناها في مناطق أخرى، من الحظر الجوي، إلى التواجد الدولي، إلى حق تقرير المصير ودعوة محكمة الجنايات ومجلس الأمن.. ومع استمرار العناد والغرور سوف يتخذ قرار الانفصال وبناء الدولة الحديثة التي تحقق الاستقرار وتحمي المصالح الدولية في الشطر الجنوبي وتعود الشرعية تبكي ملكا مضاعا عجزت عن حمايته وأساءت إدارته وأوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه. إن تطمين بعض قيادات الجنوب في الخارج لقيادات الحراك في الداخل أنهم سوف يسمعون أخبارا سارة لا يمكن أن يكون بعيدا عن معلومات لديهم عن الموقف الدولي الذي ظهرت مؤشراته في بلاغ السفارة. فهل آن الأوان لعودة الوعي أم لا تزال النخبة الحاكمة تتصور أن الحل في نهب سيارات صحيفة الأيام ومصادرة صحفها ومحاصرة مقراتها والاستيلاء على فطار سواقين سياراتها.. أم أننا سنتجه إلى شتم التدخل الخارجي بدلا من أن نوقد الشموع ونصحح الأوضاع.. ألم نقتنع أن العنف كلفته باهظة، ومردوده ضعيف، ونتائجه مدمرة.. وأن الطرف الخارجي لا يتدخل إلا حين نخلق البيئة المناسبة لتدخله.. ألم يقل المثل المصري "امش عدل يحتار عدوك فيك". إذا أصررتم على نقض غزلكم بأيديكم فليس لنا ما نقوله سوى "إذا أراد الله أمرا سلب ذوي العقول عقولهم" وإذا حاق بوطننا الدمار وبنا الكارثة فقد ظلمنا أنفسنا لأن علماءنا ومتعلمينا، وقادة الرأي فينا قد كتموا الحق وهم يعلمون وصدق الله القائل: "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون". محمد عبدالملك المتوكل