يوم السبت 22 ديسمبر 2012 تجمهر الجموع لحملة (أنا نازل ضد عسكرة الجامعة) أمام المباني الحكومية، رئاسة الوزراء ووزارة التعليم العالي وإذاعة صنعاء، أمامهم كان يقف أفراد وضباط اللواء الرابع مدرع، الذي يسكن معسكرا في قلب إذاعة صنعاء، في مواجهة شعب لشعب وكل شعب يعتقد "أن الشعب يريد..."، جمهور الشعب من المدنيين/ات وقفوا بهتافاتهم وكاميراتهم ولافتاتهم عزلاً إلا من رغبة تجنح للحرية، جمهور الشعب من العسكر وقفوا عزلاً من أي من ذلك إلا سلاحهم الآلي برصاصه الحي وما استطاعوا التزود به من عصي بمسامير وبدون مسامير وقطع خشبية وقضبان حديدية، وبداخلهم وحشية غريبة وعداوة لم أجد لها تبريرا.. يومذاك. هجم الشعب المسلح بالعسكرة على الشعب المطالب بالمدنية، أطلق عليه رصاصاً حياً ليس إلى الفضاء لتفريق الحشد، بل إلى الأرض، إلى الأماكن التي كانوا عليها يقفون، من اشد المشاهد التي أدهشتني كان احد العساكر الذي كان يحمل مجسم قلم من خشب ويستخدمه في قمع الجماهير، الذين كان اغلبهم طلاب علم وطلاب ثقافة بمعنى أنهم أرباب أقلام، وما أغضبني وأخرجني عن طوري هو الوحشية والاستعداد للقتل المجاني والمطاردة التي تشي بفجور الخصومة بعد عامين من الهتاف برحيل الظلم والاستعباد، هل مازالت أذانهم لا تعي نداء الحرية؟. سيرني الغضب، كنت اصرخ في وجوه العسكر: ما الذي تدافعون عنه؟، هل هي 30 ألف ريال و"كدمة"؟ تدافعون عمن؟ عمن أكل لحمكم وترككم جلدا على عظم؟ لقد خرجنا من أجلكم.. نحلم بالحرية .. وستكون لنا الحرية، فماذا يبقى لكم؟ مثل فعلي فعل آخرون وأخريات، كانوا يسألون الجنود: لماذا تقتلوننا وقد خرجنا لحرية لنا ولكم؟؟، حين كنا نسألهم: هل تريدون قتلنا كانوا يجيبون نعم.. بينكم حوثيون ومندسون. مررت على عشرات الجنود وأنا اصرخ فيهم يا عيباه.. يا عيباه.. ما لم أتوقعه انه وبنهاية الأسبوع في الخميس، يكون هؤلاء الجنود طلاباً حقاً، قد تكون انتفاضتهم مسلحة، إلا أن مطالبهم حقوقية، انتفض العسكر على أربابهم، وهتفوا فيهم "ارحلوا.." هذا الهتاف الذي كان يدفعهم لقتلنا.. إلا أن المفارقة.. أنهم أيضا عنونوا عناوين جانبية.. فهم مدفوعون من هذا الحزب أو من هذا القائد أو من تلك الجماعة.. سرقت منهم لحظة حق كانوا قد سرقوها منا قبل خمسة أيام.. لا يهم. اصدق في يقيني أن العسكر كانوا صما أمام نداءات الحرية، وقد تكون وحشية لقائهم لنا هي رغبة عنيفة لقمع مطالب حقوقية تجول في ضمائرهم ومعركة ضارية بين الرغبة بالصرخة السحرية "ارحل" أيها الظالم، وبين اتقاء الشر والحفاظ على الروح ولقمة الكدم وعلبة الفول والراتب الهزيل.. قد يكون استقبالهم العنيف لنا هو سؤال يوجعهم، يتطلب إسكاته صخب العنف، ربما كانوا يطاردونه ولم يكونوا يطاردون شعباً مثلهم، يطلب الانعتاق. ولا اصدق أن توجيهات من محرضين مستفيدين هي فقط من حركت انتفاضتهم.. من له حق فليتوجه لطلبه بصوت عال وجبين أعلى، أعلى من مخاوف اندساس إرادة آخرين على إرادته، أو من استفادة حناجر أخرى من صوته، يكفيه أن طالب بحقه وإن نال آخرون باطلاً من ورائها، فحين تتجمع أصوات الحق وخطواته قد تصنع دربا للحق يصد طريق الباطل، وقد تعلو اصوات بالحق توازي أو تخرس صوت الباطل.. الحرية تحتاج لصوتك.. ارفع صوتك بالحرية، ولا تلم إلا اذن من يستمع إليك لأنه لم ينصت إليها حقا.