د/ رؤوفة حسن - يقول المنشد الاسلامي المشهور على الفيديو كليب سامي يوسف إنه فنان ويقول بقية المنشدين الذين تتميز أغانيهم بنوع من التوجه نحو معاني الدعوة أو الجهاد أو المعاني الروحية، إنهم منشدون، كي يتجنبوا مزالق التوصيفات المتطرفة للفن وأصحابه، وليميزوا أنفسهم كأصحاب فن هادف يسير في إطار الحركات الإسلامية السياسية التي برزت منذ مطلع السبعينات في القرن الماضي. هذه التداعيات نتاج استماع لحدثين فنيين الأول لقاء فني أجرته إذاعة صنعاء مع كل من الدكتور الطبيب و الفنان الأستاذ نزار غانم، ومع الموسيقي والفنان الأستاذ جابر علي أحمد. أما الحدث الثاني فقد كان الاستماع إلى شريط للمنشد الفنان عبد القادر قوزع، الذي هو خريج كلية الاعلام قسم العلاقات العامة، وأحد الأصوات التي برزت خلال أواخر التسعينات بستة أشرطة حتى الآن. البدايات المشتركة: في تسجيل عن قصة حياة أحمد نجم والشيخ إمام يتابع المرء الصعوبات التي رافقت عمل هذين الفنانين حتى كانت معظم نتاجاتهما في مصر تتم داخل السجن، بسبب رفض السلطات السياسية لنقدهم وفنهم الذي يؤلب الجماهير ويتميز بالنقد والثورية والتركيز على الصوت والكلمات. وفي تسجيلات ولقاءات متعددة لكل من الفنان المرحوم علي الآنسي والفنان المرحوم علي عبدالله السمة، والفنان المرحوم محمد حمود الحارثي نجد أنهم تشاركوا بداية واحدة. فقد كانوا يرددون أغانيهم في الأيام الأولى لهواياتهم داخل غرف مغلقة موضوع على الشبابيك والنوافذ الوسائد والأقمشة المانعة للصوت، من ناحية لأن فترة الامام يحيى ومن بعده ابنه أحمد كانت تحرم الغناء المصحوب بالموسيقى، ومن ناحية ثانية لأن كثيراً من الأغاني كانت ثورية ومضادة لذلك النظام. وفي تتبع لمسيرة الأناشيد الاسلامية الحديثة نجد البدايات متشابهة أيضا فأول التسجيلات للأناشيد التي قام بها الدعويون الاسلاميون في كل من فلسطين أو سوريا تمت داخل غرف مغلقة خوف تعزير السلطات القائمة. وكان الانتشار الأكبر للأناشيد في كل من افغانستان وباكستان مع تزايد الحركة الجهادية ضد الاتحاد السوفيتي في البداية ثم مرافقا للحركات الاسلامية في العالم العربي، ولا يزال كثير من العمل الفني في هذا الجانب يتعرض للمنع أو المصادرة مما يؤدي إلى تقويته في نفوس أصحابه باعتبارهم أصحاب قضية أكثر منهم منتجين لفن يمتع السمع بالتسجيلات في الشرائط ويمتع العين في ما يتم إضافته في الفيديو كليب. القول بهبوط الفن وضعفه: في اللقاء الذي سمعته من الاذاعة للأستاذين نزار غانم وجابر علي أحمد، أكد كلاهما أن الفن اليوم يعاني من حالة هبوط وإهمال. وأن روائع الأعمال والابداع الفني الذي تميزت به الخمسينات والستينات من القرن الماضي صارت مفقودة الا ماندر في بدايات هذا القرن. لكن الحضور الجماهيري الحاشد لسامي يوسف عندما جاء الى اليمن، أو هذا الكم المتزايد الكبير من الأصوات المبدعة المتميزة على الساحة اليمنية والتي تسجل لنفسها وجوداً في الساحة الخليجية مثل عبد القادر قوزع وعدد كبير من الشباب اليمني يؤكد أن الفن بخير. جيل اليوم ليس بالضرورة بحاجة إلى الأغنية التي تقال في مجلس قات وتتمتع بالرصانة الروتينية كي تسمح فقط بثلاثة أشكال من الرقص يرتبط بها، بل بحاجة إلى أن يعيد انتاج العولمة بالشكل الذي يرغب فيه. قد يكون الإسم أنشودة، وتكون الأغنية ملتزمة بالصلاة على النبي والتسبيح في ملكوت الله، لكنها في النهاية تجد في قلوب الشباب مستقرا آمنا لها فهي مباحة وحلال في ظل مقولات التحريم التي صارت محيرة لهم ومسيطرة على كل جوانب حياتهم. وبسبب فتاوى كل من العلماء المعاصرين كالمرحوم محمد متولي شعراوي والمرحوم محمد الغزالي و الشيخ يوسف القرضاوي فقد صاحبت الموسيقى هذه الأناشيد (الأغاني)، وجعلتها تتمكن من وضع تطويرات على الفن اليمني يستطيع أن يسير به اذا استمر الى مصاف العالمية. فالفن بخير طالما وجد الفنانون الجدد طريقا يسلكونه يمتعون عبره سامعيهم، ويوجدون عملا فنيا يحقق دخلا معقولا، وفي نفس الوقت يشعرهم بعظمة ما ينتجون لأنهم يعبرون بفنهم عن قضية. [email protected] *نقلا عن الثورة