انتخابات المحافظين التي ستجرى في الخامس عشر من الشهر القادم، وإن لم تكن هي المرجوة من خطوات الإصلاح السياسي الذي يتبناه الرئيس علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام، إلا أنها خطوة ضرورية وهامة في الوقت الراهن، فنحن لا يجب أن نأتي إلى مربع الإصلاحات دفعة واحدة، لكن يجب على الرئيس والمؤتمر أن يتأكدوا أن المطلوب هو أكثر من عملية انتخاب محافظ من هيئة ناخبة هي في الأساس محسومة، خاصة أن المؤتمر يسيطر على غالبية الهيئات الناخبة في المحافظات بموجب نتائج الانتخابات المحلية التي ترافقت والانتخابات الرئاسية العام قبل الماضي. إجراء الانتخابات بالطريقة الحالية، وإن كانت هامة وخطوة متقدمة، لن يلمسها المواطن بدرجة رئيسة، فالمواطن لن يذهب إلى صناديق الاقتراع ليشارك في انتخاب محافظه، كما أن العملية ستفتقد ذلك الحراك الذي يترافق مع انتخابات مباشرة، إذ أن الشعور بالتغيير لن يلمسه المواطن الذي هو الهدف من وراء الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها الرئيس بإعطائه الضوء الأخضر لانتخاب المحافظين. مع ذلك فإن مجرد التفكير في التغيير أمر يُحسب للقائمين على الحكم، وعلى المعارضة أن تقبل على المشاركة في هذه التجربة حتى تكسب رصيداً أكبر من الشعبية جراء هذه المشاركة، لأن المقاطعة تحرمها الاحتكاك بالناس وتجعلهم أقرب إلى خصومها. ولا بأس من التمسك بالموقف الرسمي للمعارضة الذي يؤكد أن هذه الانتخابات ليست في مستوى الطموحات، وأنها لا تلبي الحاجة إلى إصلاح سياسي حقيقي، إلا أنه يجب أن تتزامن هذه الانتقادات والمشاركة الإيجابية في هذه التجربة بهدف إغنائها وتطويرها، وحتى يتأكد الحاكم أن موقف المعارضة ليس لمجرد المعارضة فقط بل أيضاً لتطوير التجربة. من المهم إشعار المواطن المنضوي في صفوف المعارضة أن التغيير يبدأ من هنا، وليس عن طريق الاتفاقيات بين الأحزاب السياسية، ذلك أن التغيير لا يمكن أن تأتي به الأوراق الموقعة بين الأطراف السياسية في البلاد، بل المشاركة في صنع القرار، سواء كان لصالحها أم لا. وعلى الحزب الحاكم أن يعي أن مشاركة المعارضة في هذه الانتخابات لا تعني أن مواقفه هي الصحيحة دوماً، فكما للمعارضة أخطاء هناك أخطاء للحزب الحاكم وعليه تجاوزها في المستقبل منها عدم الركون إلى أن الخطوة الأخيرة هي الإنجاز الكامل لخطواته الإصلاحية. على الحزب الحاكم أن يعد نفسه لتغييرات جوهرية قادمة تمنح الناس ثقة في المستقبل من خلال وضع معايير نزيهة لإقامة انتخابات حقيقية لا ترتبط بإصلاحات إسعافية كما هو حال الخطوة الأخيرة التي جاءت على عجل ودون دراسة مسبقة، والدليل على ذلك أن الحكومة قدمت التعديلات المقترحة على قانون السلطة المحلية إلى مجلس النواب في غضون ساعات، وسلقها المجلس بدوره في غضون يومين. مع أنه كان من المفترض أن تبدأ هذه الإصلاحات منذ ما بعد انتخاب الرئيس في سبتمبر من العام 2006 حتى لا يفسّر البعض وكأن الإصلاحات جاءت تحت ضغط سياسي وشعبي وليست قناعة من قبل الحزب الحاكم.