نبقى هذا الأسبوع أيضاً في أجواء اتفاقية السيداو وتطبيقاتها في اليمن؛ حيث إن الفرق الشاسع بين التقرير الرسمي الموغل في سماء (كل شيء على ما يرام) وبين التقرير الأهلي الأقرب إلى الواقع المعاش بالنسبة للمرأة اليمنية؛ أثار شهية الفريق العامل لما قبل الدورات التابع للجنة المعنية بالاتفاقية فأمطر الجهات اليمنية المسؤولة بسلسلة من التساؤلات بلغت 28 سؤالاً تراوحت ما بين آلية إعداد التقرير انتقالاً إلى ما طرحته منظمات المجتمع المدني حول العنف ضد المرأة والاتجار بالنساء وقانون الأحوال الشخصية وغيرها. ويذكر أن تلك الأسئلة التي عرضها الفريق تأتي قبل انعقاد الاجتماعات الدورية ويتوجب على الدولة أن ترد عليها كتابياً. ونظراً لأهمية التزام الدولة بتنفيذ الحد الأدنى من التوصيات ، وبما أن أكثر التقارير العربية تنجز في غرف مغلقة بعيداً عن أصحاب الشأن ودون مشاركة تذكر من قِبَل منظمات المجتمع المدني، ولا تعرض على السلطات اتخاذ القرار كمجلس الوزراء والمجالس النيابية، وذلك من أجل تأكيد التزاماتها بتنفيذ الاتفاقية، فقد طلب الفريق معلومات عن المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي شاركت في إعداد التقرير، وطبيعة مشاركتها ومداها، وما إذا كان التقرير قد اعتُمد من قبل مجلس الوزراء وعُرض على مجلس النواب. وحيث أن اللجنة تعلق أهمية خاصة على الممارسات الفعلية من جهة تطبيق التشريعات فقد طلب الفريق معلومات وبيانات عن الشكاوى المرفوعة للقضاء من قبل نساء تعرضن للتمييز لكونهن إناثاً. كما تساءلت عما إذا صدرت أحكاماً قضائية استناداً إلى اتفاقية السيداو. ترى هل يعي القضاة فحوى اتفاقية السيداو والتزام الدول بتطبيقها؟. لا أعتقد ذلك على الأقل في عدد ليس بقليل من الدول العربية، حيث يمارس تمييز واضح على المرأة كونها امرأة وخصوصا في المحاكم المعنية بالقضايا الأسرية. المهم أن الرد اليمني لم يجب على هذا التساؤل المهم. فهل سيطرح مثل هذا التساؤل على الجهات المسؤولة في البحرين عند مناقشة تقرير السيداو وبماذا ستجيب؟. أبدى الفريق قلقه بشأن عدم وجود بيانات منهجية ودراسات عن العنف الممارس ضد المرأة بما في ذلك العنف المنزلي تشمل كافة فئات السكان. وطلب معلومات عن أية جهود في هذا المضمار، كما طلب تقديم بيانات حول أشكال هذا العنف واتجاهاته عبر التاريخ. الرد لم يسمن ولم يغنِ من جوع؛ إذ اكتفت الحكومة بإيراد جدولين الأول عن السجينات والثاني عن بعض حالات العنف ضد المرأة العام .2005 كما تم تعديد مؤتمرات وندوات وقليل من الدراسات هنا وهناك. الفريق حاصر الجهات المعنية عن التقرير الرسمي بطلب الحصول على معلومات لم ترد في التقرير حول الاتجار بالنساء والأطفال وفاجأهم بورود شكاوى عن تهريب الصبية إلى المملكة العربية السعودية. وطلب توضيحاً حول ذلك وخصوصا الإجراءات التي تتخذها اليمن لمنع هذه الجريمة. لا أدري لماذا لم تتم الإشارة إلى هذا الانتهاك الصارخ في التقرير الرسمي. ولم يرد له أي ذكر أثناء مراجعة تقرير السيداو للمملكة العربية السعودية بصفتها أحد أطراف المشكلة بل والطرف الأقوى من حيث قدرتها على امتلاك الآليات التي تمكنها من القضاء على هذه المشكلة. ومع ذلك ورغم أن الرد الرسمي لليمن تناول بعض التفصيلات في هذا المجال لا سيما المباحثات مع المملكة العربية السعودية، أعتقد أنه لا بد من المساعدة الدولية في هذا المجال وخاصة بالنظر إلى الإمكانيات المادية المحدودة لليمن. إضافة إلى ضرورة المراقبة المستمرة لتطور هذه المشكلة سواء من الجانب السعودي أو اليمني. وكذلك تفعيل جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال الطفولة والمرأة ومشاركتها في إيجاد الحلول وخصوصا على المستوى الجماهيري. الفريق العامل لم يترك (حاثرة أو داثرة) تتعلق بحقوق النساء والتمييز القائم ضدهن إلا وسأل عنها وطلب إيضاحات وإحصاءات وأمثلة مطبقة على أرض الواقع العملي. وبما أن التقرير الذي نحن بصدده هو التقرير السادس فقد تساءل الفريق عن مدى تطبيق ما ورد في تعليقات اللجنة حول تقرير السيداو الخامس. وتساءل عما تم إنجازه للحد من الأمية ومن تسرب التلميذات من المدارس، وتغيير الصورة النمطية في الكتب المدرسية. كما تساءل كذلك عن التمييز فيما يتعلق بصحة المرأة، وكيفية محاربة ختان الإناث، وعن التمييز في قانون الجنسية وفي قانون الأحوال الشخصية، وتساءل حول ما يسمى بالزواج السياحي والزواج المؤقت، وعن الحد الأدنى للزواج؛ وما إذا كانت اليمن تفكر في رفع السن إلى 18 سنة بالنسبة للجنسين إعمالاً بمقتضيات اتفاقية حقوق الطفل. وأخيراً عما إذا كانت اليمن قد اتخذت تدابير أو إجراءات للتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية. انتهت لجنة السيداو من مناقشة تقرير اليمن كما انتهت قبله من مناقشة تقارير المغرب ولبنان والمملكة العربية السعودية وستناقش تقرير البحرين قريباً. ولكن تظل علامات استفهام تتردد في صدور المهتمين بحقوق النساء حول فاعلية المراجعات الدورية في إحداث تغييرات إيجابية في أوضاع النساء؟. ومدى وعي المعنيين بالشأن النسائي في منظمات المجتمع المدني لدورهم في المراقبة المستمرة والواعية لتطبيق الاتفاقية؟؛ بل ومدى قدر هذه المنظمات في الدفع لإحداث نقلة نوعية في أوضاع النساء والضغط على حكوماتها من أجل حصول المرأة على حقوقها الإنسانية؟. *(الوقت البحرينية)