توقعت دراسة حديثة بان استمرار شح المياه بالغ الخطورة في اليمن بالوقت الحاضر سيكون مصدر قادم للنزاعات المحلية ، محذرة من إمكانية تحول تلك النزاعات على حقوق استغلال المياه إلى العنف خاصة في المناطق القبلية، مشيرة إلى أن المنافسة على الإمدادات بين المدن والريف ربما تزيد حدة. وقال الدراسة انه على الرغم من أن هناك طلباً متزايداً على المياه في اليمن، غير انه تم تقريباً تطوير كافة موارد المياه الجوفية المتاحة، وبالنظر إلى أنه يتم الحفر لمسافات عميقة للحصول على المياه الجوفية غير المتجددة، فإن الجزء الكبير من الاقتصاد الذي يعتمد على موارد المياه الجوفية معرض للخطر حاليا في وقت تشهد البلاد ازديادا في حدة التنافس للحصول على المياه بين المستخدمين على المستويين المحلي وبين المدينة والريف. وبشكل عام، ترى الدراسة التي أعدت بمعية البنك الدولي - حصلت عليها "الوطن"- إن موارد المياه الجوفية آخذة في النضوب في الوقت الحالي إلا أن الوضع يتفاوت من منطقة إلى أخرى. ففي المدن الواقعة على طول الساحل تقل حدة مشكلة المياه بشكل عام – بحسب الدراسة- متوقعة أن تكون موارد المياه الجوفية كافية على المدى المتوسط. وفي حوض صنعاء، قالت انه يجري حاليا استغلال أحد مكامن المياه الجوفية العميقة للغاية. ويتطلب ذلك حفر آبار يصل عمقها لنحو كيلومترواحد بينما تكاليف الطاقة اللازمة لضخ المياه عالية للغاية. وتعتقد الدراسة أن هذا المكمن يحتوي على موارد كافية لتلبية الطلب المستقبلي في هذا الحوض لفترة تتراوح من 10 سنوات إلى 15 سنة. أما في الأماكن الأخرى بالمناطق المرتفعة، أكدت الدراسة إن وضع موارد المياه أكثر ترديا، إذ نضبت بالفعل موارد المياه الجوفية في تعز وإب، مشيرة إلى هناك مفاوضات جارية لضخ مياه محلاة من البحر الأحمر ، حيث تقدر التكلفة الإجمالية لإمدادات المياه بحوالي 1.75 دولار للمتر المكعب الواحد. وفي العموم تقول الدراسة أن نسبة السحب الزائد للمياه الجوفية تبلغ حوالي 30 في المائة على مستوى البلاد (أي أن نسبة ضخ المياه تزيد بواقع 30 في المائة عن المعدل الذي يضمن استمرار مكامن المياه الجوفية). وفي بعض الأحواض تصل هذه النسبة إلى 250 في المائة. وتضيف "يتراوح متوسط الفاقد من المياه في شبكة الأنابيب بين 40 إلى 50 في المائة. ولا يتلقى المستهلكون في صنعاء المياه من شبكة الأنابيب المحلية إلا مرة واحدة كل أسبوعين. وفي تعز لا يتم التزويد بالمياه سوى مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أسابيع". بالإضافة إلى ذلك، فإن المدن- وخاصة أكبر المدن مثل صنعاء وتعز – تعاني نقصا شديدا في المياه وتواجه تكاليف باهظة للغاية بالنسبة للبدائل الأخرى الجديدة للحصول على المياه. مؤكدة أن لانخفاض نسبة تمتع الفقراء بخدمات إمدادات المياه والصرف الصحي آثاراً سلبية وضارة على الصحة العامة، وتعليم الأطفال ومستوى الرفاه العام. ومن نسبة المياه المستخدمة لأغراض الري والتي تبلغ 90 في المائة، فإن نسبة كبيرة جدا تذهب لزراعة القات الذي تمثّل 10بالمئة من الناتج القومي لليمن، كما أن ما بين 12- 14بالمئة من اليمنيين يعملون في زراعة القات، وما بين 30- 33بالمئة من القوى العاملة في الزراعة تعمل في هذا المجال بطريقة أو بأخرى، ويعتمد رزقهم أو مصدر دخلهم على إنتاج القات. ويبلغ إجمالي إمدادات المياه –وفقا لذات الدراسة- 5.1 مليار متر مكعب، لكن الإمدادات المتجددة تقدر بنحو 2.5 مليار متر مكعب بينما يصل الطلب إلى 3.5 مليار متر مكعب، مما يعني عجزا قدره مليار متر مكعب سنويا. موضحة انه يتم تعويض هذا العجز من خلال استخراج المياه الجوفية الأحفورية. ويضيع الفرق بين 5.1 مليار و 2.5 مليار متر مكعب من إمدادات المياه بالتبخر وتدفق مياه السيول إلى البحر. وتبين الدراسة انه في المناطق الحضرية، لا تغطي شبكة أنابيب المياه سوى نحو 56 في المائة من السكان، أما شبكة الصرف الصحي فلا تغطي سوى حوالي 31 في المائة. وفي المناطق الريفية، يحصل حوالي 45 في المائة من السكان على مياه شرب مأمونة، أما خدمات الصرف الصحي الملائمة فلا تتوافر سوى لنسبة 21 في المائة من السكان. يذكر أن تقرير رسمي قدم خلال لقاء لندن بين الحكومة ودول مانحة في يناير الماضي كشف عن تفاقم نقص إمدادات مياه الشرب في معظم المناطق الحضرية والريفية في اليمن ، حيث تراجع متوسط نصيب الفرد من المياه المتجددة إلى 114 مترا مكعبا سنويا، في حين أن إجمالي الاستخدامات المائية بلغ 3500 مليون متر مكعب سنويا، منها حوالي 3255 مليون متر مكعب تستهلك للزراعة مؤكداً أن اليمن تجاوزت مرحلة ندرة المياه إلى أزمة المياه.