منذ طفولتي وأنا أرى العامرية أمامي كلما غدوت من جانبها أو رحت ، كنت أراها ترمم وأدرك بحس طفولي أن بعد هذا الترميم خير كثير ،، لم أكن أعلم لماذا !! من وسط المباني القديمه وبجانب قلعة رداع التاريخية بحجارها العتيقة تنتصب العامرية ببياضها الذي يأخذ العيون في شمس الظهيرة . بعد انتهاء الترميم الذي استمر اكثر من خمسة وعشرين عاما دفعت خلالها الملايين من الحكومة اليمنية والاصدقاء الطليان والألمان والأمريكان ،، اشتغل فيها مهرة الترميم اليمنيين والأجانب أعادوا إليها الحياة شبر شبر ،، اختلطت مواد ترميمها بعرق جباههم واحلامهم ،، تحس بروحهم في جدرانها وسقوفها تذكر زائرها بسهر الليالي وتعب الأيام .. تم شراء المباني القديمة الملاصقه لحديقة العامرية لأعطاء مزيدا من المساحه والخضرة المحيطه بالعامرية التي اصبحت عروس رداع بلا منازع . كنا نتوقع أن باصات السائحين لن تجد لها مكانا في الميدان الصغير المجاور لها بعد افتتاحها في حفل كبير من قبل الرئيس علي عبدالله صالح الذي كان يعتبر ترميم العامرية من منجزات فترة حكمه ،، توقعنا أن ينهمر السواح عليها من كل حدب وصوب وتنتعش صناعة السياحه في المدينة فنادقا ومطاعما وسيارات وسائقين ومرشدين ولكن لم نرى أحدا ، كان الوضع في اليمن في السنوات الثلاث الأخير وضع قتل ودم ومؤامرات وحروب وليس وضع سياحه واقتصاد وثقافه وعلم. وأخيرا وبدلا من ورود السواح إلى العامرية تحتلها اليوم مجاميع الخوف وقطعان التخلف وزرافات التشدد والتعصب لتصبح وكرا للخوف بدلا من أن تكون منارا للعمل والحضارة والأمان .. داخل قلب كل فرد سكن رداع مساحة على أربعة شوارع للعامرية بمبناها الأبيض الناصع حبا واجلالا واحتراما يرى فيها ماضي عريق ومستقبل مشرق ، ولكن تحول البياض الناصع لسواد الليل وكأننا في فيلم رعب ، أخشى ما أخشاه أن تطير نشوة حبنا للعامرية بصاروخ أمريكي تطلقه طائرة بدون طيار على العامرية لقتل من فيها ، دون أن يعلم الصاروخ أنه أزال بقية الحياة في قلوب محبي العامرية وليس بحياة من داخلها فقط ، أو ان تصبح العامرية مترس للتحارب بين اتخذوا الدين ملعبا لأطماعها ونزواتهم الدنيوية .. ليذهب ساكنوها إلى أين يشاءون فليأخذوا جبل أحرم وليسيطروا على وديان القات وليأخذوا ماشاءوا وليتركوا لنا العامرية ،، ففيما يبدو أننا في مواجهة من يحتلها وكأننا في عصر اللادولة وسياسة الغاب .. يا الله .. أي سيناريو أسود هذا ، لا نريد العامرية مسجدا ولا متحفا ولا منارة للعلم ولا قبلة للسواح ولا نريد ان تكون أي شيئ ... نريدها أن تكون العامرية فقط بهية شامخة وسليمه ،، أترانا طلبنا الكثير ..؟