باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص يشكو منها كل مواطن
اصعب المعاملات في المرافق الحكومية في العالم هي في صنعاء وبقية المحافظات اليمنية
نشر في أوراق برس يوم 29 - 10 - 2021


المعاملات الحكومية روتين يقتل صبر المراجعين
تقرير/ جمال الورد
يحتاج المواطن من حين لآخر الى قلب نابض بجانب قلبه المتعب والى "صبر أيوب" ممزوج بصبره المتهالك والى "مزاج برتقالي" لتفعيل "آثار" مزاجه القديم!
يحتاج المواطن اليمني بالذات الى اجازة طويلة والى مبلغ مالي كبير والى مغامرات ومطاردات ودوران حول الكرة الأرضية وسط زحام الشوارع ومطبات الأرصفة والبحث عن "الفتحة" الضائعة بين الكتل الجمادية المحيطة بالمباني الحكومية.
كل هذا وغيره كثير من أجل معاملة قد لا تستغرق في دول أخرى سوى مراسلة قصيرة عبر "النت" الى الدائرة المعنية وهو جالس في غرفته وبلا "وجع راس".
في البدء
عوائق كثيرة تحول دون إنجاز معاملات أو مراجعات المواطنين للدوائر الحكومية، أولها الروتين الإداري الممل الذي يأخذ من المواطن مهما كان عمره، رجلاً كان أم امرأة وقتاً طويلاً لإتمام أي معاملة, المهم أن يقف المراجع أمام شباك الموظف المسؤول تحت أشعة الشمس الحارقة في موسم الصيف أو في موسم الشتاء البارد من أجل اكمال معاملة تنجز في ساعة لكنها تتحول الى "قصة عنتر" بسبب الروتين الإداري والتشعبات الإدارية والفنية الكثيرة وهي نوع من الفساد الإداري في تمشية معاملة ما, وهذه آفة قاتلة للوقت والجهد والمال رغم قفزات التقدم العلمي والتقني المدهشة في الكثير من دول العالم المتحضر في انجاز المعاملات المختلفة بوجود نظام "الحوكمة الإلكترونية" التي لا تأخذ من المواطن سوى دخوله الى موقع الأنترنت لكل دائرة يرغب في مراجعتها أو الحصول على أي مذكرة رسمية من تلك الدوائر فيأتيه الجواب بعد لحظات وهو في بيته أو في مكتبه.
المواطنون اليمنيون لا يستطيعون أن يتخلوا عن مراجعة دوائر الدولة من أجل الحصول على جميع المعاملات والمتعلقات الرسمية ، كهوية الأحوال المدنية وشهادة الميلاد والتقرير الطبي، والإفادات القانونية و ..الخ ، أو مراجعة بعض الدوائر من اجل البحث عن التعيين في أي دائرة أو الحصول على مذكرة وبطاقة التقاعد أو جواز السفر وغيرها من الأمور الضرورية التي يحتاجها أي مواطن ، وبما أن هذه العملية تحتاج إلى مراجعة مستمرة من أجل الحصول عليها ، فإن المواطن على موعد مع الطوابير الكثيرة التي يجدها أمامه ، بالإضافة إلى ضرورة السفر من صنعاء أو أي محافظة تسيطر عليها حكومة الإنقاذ، إلى تلك الواقعة تحت سيطرة الطرف الآخر من أجل استخراج وثيقة سفر معمول بها ومقبولة، ومع تجرع المتاعب ومكابدة المعاملات والروتين القاتل الذي يهدر الوقت ويؤخر المعاملة ، إن كان في الصيف تحت لهيب حرارة الشمس، أو في الشتاء تحت رحمة موجات البرد القارس.
كما أن هناك ظاهرة المماطلة في إنجاز أي معاملة ومرورها بأكثر من مسؤول وغالباً ما يحدث أن بعض المسؤولين يتمتع بإجازة أو طلب ساعة زمنية ولم يعد لدائرته "وما أكثره"! وبهذا بات على المراجع أن يأتي في يوم آخر أو ينتظر المسؤول المعين عند مباشرته الدوام بالدائرة المعنية.
إن حلبة الروتين في الدوائر الحكومية في اليمن وربما سائر دول العالم الثالث ترهق المراجعين, وتضيع الوقت والجهد والمال, والأدهى من ذلك حين يقول لك الموظف: "تعال غدا أو بعد أسبوع أو بعد شهر" وهكذا، بينما هناك في كل دول العالم المتقدم تكون للمواطن بطاقة موحدة تجمع عدة وثائق ثبوتية تعود له وتغنيه عن تقديم الأوراق والمذكرات والرسائل والوساطات وغيره.
لا مبالاة واضحة
أحد المواطنين يصرخ على الموظف قائلا: منذ الصباح ومع بداية الدوام الرسمي للدائرة والى نهاية الدوام لم تنجز معاملتي وفي كل مرة تقول: تعال غداً.. ألا يستحق هذا صراخي يا ناس؟ بسبب تكاسلهم في إنجاز معاملتي البسيطة خلال يوم واحد, والأدهى من ذلك كل موظف "يرمي" التوقيع على الآخر وعندما يرسلك الموظف الى موظف آخر تجده قد أغلق شباك المراجعين لتناول وجبة الفطور (فالمسكين لم يفطر في منزله وجاء إلى المستشفى أو الدائرة الحكومية هذه او تلك يفطر) - وللأسف يحدث هذا في كثير من المستشفيات الحكومية - والمراجعون "يتحمصون بالشمس"! الروتين هو حقيقة مضيعة للوقت وجهد المراجع أو المراجعة وصرف أموال للنقل وتحضير أوراق وتقارير وفحوصات وغيره من المستلزمات الرسمية واستنساخها.
تؤكد الحقائق الملموسة والواقع المعيش في حياة المواطن اليمني، أنه لولا الروتين لما زاد الفساد الإداري والمالي والرشوة فهناك روتين قاتل يفرض على المواطن أو المراجع دفع الرشوة اضطراراً من أجل الخلاص من الروتين المقنع أو يقوم بالاعتماد على المقربين في الدوائر أو المعارف أو المعقبين أو المحامين لتمشية معاملته , هذا كله بسبب واحد وهو استفحال الشعور باللامبالاة وعدم المسؤولية والانفلات الإداري, ويكاد يكون الفساد الإداري مشكلة من مشاكل الروتين القاتل والتي تواجه اليمن وبعض دول العالم , ولذلك نرى أن الفساد الإداري تفشى بصورة أكبر في أغلب مفاصل الدولة مع الأسف , بل زاد ويجب أن تتخذ السلطة قرارات رادعة بحق المرتشين قطعا لدابر تصرفاتهم هذه، رغم تعلل البعض أن معضلة توقف صرف الرواتب هي السبب الأول والأخير في ما يجري من تنكيل بالمواطن، فالموظف متكئ على ما يتحصله من هذه المعاملات ومن هذا الروتين.
حلول ممكنة
بحسب خبير اقتصادي فإن الحل هو تنفيذ مشروع تسهيل الإجراءات الحكومية، حيث سيتقلص عدد الدوائر في انجاز المعاملات إلى الربع تقريبا، كما سيتم اختصار رواتب الموازنة التشغيلية، وإبعاد المواطن عن الابتزاز والفساد المالي والإداري، فضلاً عن اختصار وقت المواطن بالمراجعات والوقت الضائع الذي يستغرقه، والانتهاء من عملية صحة صدور الوثائق التي تستغرق نحو شهر، ورفع المعاناة عن المواطنين الذين يسكنون المحافظات بالمراجعة لأكثر من مرة، وما يتحملونه من كلف مالية كبيرة ووقت ضائع على هذه المراجعات.
روتين.. روتين لا منتهي
يقول أحد المواطنين عند مراجعة دائرة من الدوائر الحكومية ستعاني الكثير في انجاز العمل المطلوب الذي يدخل ضمن اختصاصها تجاه المواطن، حيث نرى سيلاً من الاجراءات غير المألوفة في العمل الاداري وحلقات متشعبة لا جدوى منها الا التأخير والاضرار بمصالح الناس.
اذ يلاحظ عدد من طلبات وتحويلات وافتعال اشياء ليس لها محل في الوظيفة العامة، انما مجرد اجتهاد وتفسير لمجريات العمل الاداري، تارة تتعلق بضوابط معقدة في بعض الاحيان تخالف مبادئ القانون المختص بذلك من خلال ابتداع ظواهر ووقائع خارج ما هو معهود في تطبيقه، وتارة اخرى تتعلق بمزاج ووضعية الموظف ومدى سعة صدره في انجاز المطلوب منه في اقرب وقت مناسب ومحاسبة المواطن عن ابسط الاشياء لخلق اعذار يستفيد منها في قضاء الوقت خارج نطاق العمل.
وفي بعض الاحيان لا يوجد الموظف المختص او قلة الكادر الوظيفي مقابل زخم المراجعين او زيادة الكادر الوظيفي دون حاجة الدائرة لهذا العدد الاضافي مما يؤدي الى خلق نوع من الترهل الوظيفي، وهذا كله يولد اعتقاداً سيئاً للمواطن تجاه ما يجري في دوائر الدولة ويضعف الثقة بالنهوض بواقع الخدمات التي يفترض بالدولة تقديمها للمواطنين ويقلل فرص المساواة بين الناس، ومسايرة بقية الدول المتقدمة في تسهيل اجراءات المراجعات واختصارها بوسائل الكترونية اقل تعقيداً مما هو متبع كالأرشيف الورقي والمذكرات الرسمية والمخاطبات والبريد باليد وغيرها من الوسائل التي اصبحت بدائية لا تواكب سرعة التطور في مجال الوظيفة والعمل الاداري.
ولو تأملنا قليلاً نجد ان العمل الاداري قائم على اساس التسهيلات اللازمة والخدمة المقدمة بأبسط اشكالها لا بأساليب معقدة تؤدي الى تذمر المواطن او التشبث بالأفكار التقليدية القديمة وبالأنماط الجامدة للإدارة وباللوائح والتعليمات الشكلية.
وهذا ما لاحظناه من خلال مراجعاتنا الميدانية والتجربة المريرة في مراجعة دوائر الدولة، حيث واجهنا الروتين الجاف وغير المعتاد الذي يتم تطبيقه بخصوص تقديم الطلبات وارتباط عمل هذه الدائرة مع دوائر اخرى تتم مفاتحتها بخصوص موافقات امنية وبعضها تأكد من صحة صدور حتى لو تم ابراز مذكرة رسمية او شهادة رسمية صادرة من جهة رسمية معترف بها لكن هذا لا يجدي نفعاً الا بطلب تأكيد صحة صدور وهذا بدوره يتطلب وقتاً خصوصاً ونحن نعلم الاجابة ترد عن طريق البريد الرسمي باليد وليس الالكتروني السريع وذلك لافتقار اغلب دوائرنا وللتواصل من خلال هذه المنظومة الالكترونية.
وغالباً ما ترتبط المؤسسات والدوائر بالفرد وبالإدارة حيث ما يرتبط بالفرد يتمثل بالتنصل من المسؤولية وصعوبة تحملها والتمسك بالإجراءات واللوائح الرسمية العقيمة والنمطية الضالة وبالتالي يصاب الاداء بالجمود وعدم المرونة والمواكبة للأداء الوظيفي الصحيح، كما ان الشخص الروتيني ليس لديه الرغبة في تفويض السلطة ويميل دائماً الى المركزية في اداء الاعمال والواجبات وهو متطرف في مركزية الاداء مما يؤدي الى صعوبة اتخاذ القرار دون الرجوع الى رئيسه المباشر في كل صغيرة وكبيرة نتيجة عدم رغبته في تحمل المسؤولية حيث ان هذا الشخص ليس لديه رغبة في تطوير اسلوب العمل مما يجعله نمطي الاداء يتصف بالتكرار والملل والضجر والبطء في التنفيذ ولا يفكر في الابتكار والابداع والتقيد بأسلوب اداء ثابت.
أما فيما يتعلق بالإدارة حيث يقوم المدير بإصدار قرارات وأوامر وتبليغها للمرؤوسين من خلال قنوات الاتصال الرسمية بعيداً عن الاتصال المباشر ومن ثم انتفاء العناصر المعنوية كبواعث للاجتهاد وتحويل العلاقة بين المؤسسة وموظفيها الى علاقة مادية جامدة غير مرنة وهذا يؤدي الى قتل واقعية التطوير والنهوض في نفوس الافراد في الادارة اضافة الى نطاق السلطة والمسؤولية الرسمية لأي مستوى اداري.
كما ان القوانين واللوائح المتعددة اصبحت لا تنسجم مع اعمال الادارة ولا تساعد في تطوير ادائها نحو الافضل حيث كلما واكبت القوانين التدرج الزمني للعمل الاداري أصبح الامر اكثر يسراً في تنفيذ الاعمال المناطة بالجهات والمؤسسات الرسمية.
مفهوم الوظيفة
للوظيفة دور محدد تسعى إلى تحقيقه ضمن النشاطات المختلفة في كل إدارة وأن الوظيفة إذا ما تم أداؤها على الوجه المطلوب يكون دورها إيجابياً في تحقيق الأهداف والغايات التي تسعى إليها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لخدمة المجتمع الذي تعيش فيه ولذا، فإن للوظيفة العامة واجبات ومسؤوليات وتشمل تخصصات وأنظمة ولوائح، يجب على الموظف العام القائم عليها أن يستوعبها ويفهمها على أكمل وجه، ويتدرب على أفضل الطرق لتحقيق الغايات والأهداف التي أنشئت الوظيفة من أجلها.
وتتعدد المصطلحات التي تستخدم للتعبير عن الالتزامات، فمنها ما يأخذ شكل الواجبات التي يطلب من الموظف القيام بها على خير وجه، ومنها ما يأخذ شكل المحظورات التي يجب على الموظف الامتناع عن تأديتها تحت طائلة المسؤولية.
غياب الردع القانوني والأخلاقي
نشطاء ومراجعون ومثقفون يؤكدون أن هذا الموضوع مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعملية الفساد المالي لان قسماً من الموظفين يستخدم التعامل السيئ ووضع العقبات امام المراجعين من اجل اجبار الناس على دفع (مقابل تخليص وإنجاز المعاملة) فهذا الموضوع يتضمن جانبين هو التعامل اللاأخلاقي والاستغلال، والسبب يكمن في ان هؤلاء الاشخاص لم يفهموا أن وظيفتهم ومكانهم لابد ان يكون شعاره قولاً وعملاً »نحن نعمل من أجل المواطن«.
كما أكدوا ان غياب روادع اخلاقية وقانونية للموظف المسيئ، وكذلك الوضع الصعب الذي يعيشه الموظف خلال فترة العدوان والحصار وانقطاع الرواتب كلها مسببات لما يجري.
ولو بحثنا عن أسباب أخرى لهذه المعاناة لوجدنا انها تكمن في ثقافة الموظف نفسه.. فالموظف لم يوضع بموقعه إلا لخدمة المراجع من المواطنين، يأتي المراجع الى الدائرة المختصة ويقدم اوراقه لإنهاء طلبه فيفاجأ إما بعدم وجود الموظف او انشغاله بعمل آخر ويطول انتظاره او ..... الخ.
أهمية الرقابة الذاتية والرقابة الإدارية
متى ما تعلم الموظف الرقابة الذاتية ونما لديه احساسه بالمسؤولية تجاه وطنه أولاً وتجاه وظيفته ثانياَ ومعرفته التامة بحقوقه وواجباته ستختفي تلك المشاهد المرفوضة من سلوكيات الموظفين، ومتى ما كانت هناك مراقبة إدارية على أداء الموظف ومدى انتاجه وتفاعله مع المراجعين سنرى الصورة التي نطمح اليها في طريقة واسلوب إنهاء معاملاتنا.
ان الدولة القوية هي الدولة القادرة على تقديم خدمة سريعة ومستوفاة للمواطن، وقدرتها على تصحيح الإختلال بصدق لا بعبارات إعلامية واستهدافات حزبية أو فئوية، والقوة الحقيقية هي قوة القانون او بالأحرى القدرة على تطبيقه، حتى لا تستمر الدوائر الحكومية تسير بلا قوانين ولا ضوابط رادعة للموظف المسيئ، فغياب سلطة القانون وتغليب سلطة المصلحة الشخصية لهذه الدائرة او تلك، والانفلات الرقابي لتحديد هذه الاساءات، وعدم تطبيق مواد الدستور التي تحد من هذه التجاوزات، كلها أسباب أدت وستؤدي إلى أكثر مما نعانيه من بدائية التعامل مع المعاملات الرسمية وعدم خضوع الموظفين لدورات تدريبية تعلمهم اساليب التعامل مع المراجعين وأسس السلوك الوظيفي الحضاري.
والحل؟
يرى الكثير من المختصين أن الحل يكمن في اللجوء الى الحكومة الالكترونية، اي تسليم واستلام المعاملات عبر البريد الالكتروني مما يضع حاجزاً بين المراجع والموظف ويقلل من فرص ابتزاز الموظفين للمراجعين ويقلل من التزاحم في تلك الدوائر، واعتماد اسلوب النافذة الواحدة وعدم ترك المراجع على احتكاك مباشر مع العديد من الدوائر والموظفين لإنجاز معاملة واحدة، ووضع الاجراءات الكفيلة بتخفيف الازدحام وتكتل المراجعين من خلال تعدد منافذ المراجعة لان ازدحام المراجعين يعطي الفرصة للموظف لابتزاز المراجعين، بالإضافة إلى وضع اجراءات عقابية رادعة ضد الموظف المسيئ وتفعيل نظام صندوق الشكاوى وإلزام الموظفين بارتداء باجات تحمل اسماءهم لتمكين المراجع من الشكوى عليهم بالاسم، وفتح خط ساخن للاتصال بمسؤولي الدائرة مباشرة من قبل المراجعين.
بالإضافة إلى ضرورة قيام مدير الدائرة الحكومية هذه أو تلك بالتجول ميدانياً في دائرته للاحتكاك بالمراجعين وتشخيص مواطن الخلل، وعمل حملة اعلامية لإدانة السلوكيات غير المنضبطة للموظفين، ورفد الدوائر والمؤسسات الحكومية بالخريجين الجدد وإلغاء نظام التعاقد بعد التقاعد.
والأهم من هذا وذاك أن يتم التعيين من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وان يكون من ذوي الخبرة ومشهود له بالكفاءة والنزاهة وذا خلق عالٍ ومضى على خدمته مدة لا تقل عن عشر سنوات، بالإضافة إلى تفعيل مبدأ الثواب والعقاب من خلال عقوبات رادعة ضد الموظفين المسيئين، وتطوير نظام اختيار وتعيين وترقية العاملين تضمن المساواة الفعلية، والتشديد على الشفافية والنزاهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.