الدولة الإسلامية في العراقوسوريا يخافها الجميع، لقد انتشرت بسوريا، وتجاوزت العراق، وأقلقت إيران، وأقنعت الساسة في الولاياتالمتحدة بأنها منظمة إرهابية أخطر من أي وقت مضى. ولكن جحيمها سيختفي قريبا لأنه ليس لديها إستراتيجية منظمة وستدمر نفسها.
تنظيم داعش كان تابعا لتنظيم القاعدة ولكنه انشق مؤخراً والقاعدة تدرك ذلك جيدا، فلسنوات شدد أسامة بن لادن على أهمية الصبر والحكمة والرأي العام والمشورة والنصيحة وأمر مساعديه وشركاءه بالسير على استراتيجيات وقواعد وعدم خرق هذه القواعد وهي كالتالي:
1- لا تخوض حروب أهلية، فقد اقر بن لادن أن الحرب من اجل الأرض ضد الحكومات المحلية هي وسيلة حقيرة للوصول إلى الثيوقراطية، ففي رسالته عام 2010 وضح بن لادن لماذا لا تعمل هذه الطريقة في اليمن:
فالبنسبة للعدو المحلي، فإذا ما أراد المجاهدين اليمنيين أن يشنوا حربا على السلطات الأمنية فمع مرور الوقت سيؤثر هذا الأمر على الناس وسيبدأ القتل فيهم. وهذا من شانه سيعزز أيديولوجية الحكومات العلمانية التي ترفع شعار إرضاء جميع الأطراف.
لكن قاعدة داعش ترفض هذه القاعدة بل وتطلق على نفسها بالدولة وتقيس تقدمها في الأقاليم وتحاول السيطرة على مايقدر ب40 الف كيلو متر مربع مع ما يقدر ب10 ألف مقاتل.
في الوقت نفسه فان الأحزاب التي فازت بمقاعد في البرلمان العراقي الجديد تتدافع لتشكيل حكومة قادرة على إرضاء جميع الأطراف وتهدئة الأوضاع في البلاد تماما كما توقعه بن لادن.
2- لا تقتل المدنيين وهذه كانت القاعدة الهامة بالنسبة لابن لادن. فقد دعا إلى مبادئ توجيهية من شأنها إرشاد الجهاديين لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين وعدم تفجير المساجد والأماكن المقدسة وغيرها من الأماكن العامة.
وفسر أن هذا الأمر يؤدي إلى نفور عامة الناس من المجاهدين.
على العكس فان تنظيم داعش المنشق تزدري هذا التوجيه، فقد ذبحت المدنيين في سورياوالعراق واستهدفت ليس فقط جنود العدو بل أي شخص يعمل لحساب الحكومة" وفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتتش" والمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة.
3- لا تتباهى في سفك الدماء ففي إحدى رسائل بن لادن إلى تابعيه حثهم على "الابتعاد عن الكلمات التي سوف تؤثر على دعم الشعب للمجاهدين" ومنها أيضا" يجب عليكم أن تكتبوا بياناتكم وتصريحاتكم بعناية لتجنب اتهامات العدو باننا مجرد حيوانات وحشية وقتلة".
على العكس فان تنظيم داعش تعلن وحشيتها وتغطرسها، فهي تقطع رؤوس الناس بكل وحشية . فقد تعهدت داعش بقتل كل الشيعة فقد رأينا فيديوهات بينت كيف أعدمت الناس بوحشية وقد أظهرت داعش قبل أسبوع صور وهي تعدم 1700 جندي عراقي كانت قد أسرتهم.
4- لا تحكم بقسوة، فقد كان بن لادن من الأصوليين، وقد حذر حلفاؤه بتجنب "الحكم القاسي"، ففي إحدى رسائله إلى إخوانه وتابعيه في الصومال يقول فيها" لا تحكموا بالشك في الجرائم ولكن أثبتوها بالدلائل والبراهين وان تطبقوا شريعة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم".
على العكس فانه عندما يحتل تنظيم داعش على مدينة فإنه يستولي على كافة ممتلكاتها ومساعداتها الإنسانية كما تقوم بإعدام المسيحيين والمسلمين المرتدين حسب حكمهم، فبعد أن استولى تنظيم داعش على الموصل اكبر مدينة بعد بغداد منعت الخمر والسجائر وألزمت النساء بالبقاء في المنازل وأعلنت بأن موظفي الحكومة إذا لم يتوبوا فإنها ستعدمهم، كما أنها أعلنت قوانينها الإسلامية التي يدعونها علنيا.
5- لا تحتل المناطق والمدن ما لم تتمكن من إطعام أهلها ففي إحدى رسائل بن لادن عام 2010 :" أن مسألة توفير الاحتياجات الأساسية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار قبل السيطرة على المدن أو الدول، ما لم ستفقد دعمهم وستجد نفسها في موقف صعب وبذلك لن تتحمل الناس رؤية أطفالهم ونساؤهم يموتون جوعا".
على العكس فان تنظيم "داعش" لا يهتم لهذه القاعدة، لأن من قواعدها الأساسية للأشخاص الذين تحت سيطرتهم" تحسين أوضاعهم أقل أهمية من حالة دينهم" فمن تقارير الصليب الأحمر أن الفلوجة المدينة التي يسيطر عليها تنظيم داعش منذ ستة شهور تعاني من نقص حاد في المواد الغذائية والمياه والرعاية الصحية.
6- لا تتقاتل مع حلفائك فقد حاول بن لادن أن يكبح جماح العداء بين الأشقاء في تنظيم القاعدة في العراق ونصحهم إلى حل أي نزاعات بين جميع الكيانات الجهادية في العراق، كما حذر المجاهدين اليمنيين بعدم الصراع مع شركائم من المسلمين.
على العكس فانه عندما انضم بعض العراقيين إلى المجاهدين ضد الأمريكان ارتكبوا أخطاء عندما هاجموا أطفال من قبيلة "الأنبار" بدون أي سبب (لم تكن القبيلة تشكل أي تهديد للمجاهدين) ولكنهم كانوا مسجلين في مجمع القوات الأمنية.
كما رفض تنظيم داعش التعاون مع مجاهدي القاعدة في سوريا وجبهة النصرة. بل وقامت بمهاجمة قبائل سورية أخرى.
7- لا تنبه أعدائك إلى في الوقت المحدد والمناسب، ففي عام 2010 نصح بن لادن أتباعه باليمن بعدم تصعيد الحرب هناك فذلك من شأنه يثير الأعداء المحليين والدوليين مما يجعلهم يضخون أموالا للقبائل للقتال ضدهم ومما يجعلهم في تأهب دائم.
على العكس لم يظهر تنظيم داعش أي صبر في هذا الأمر بل وتسرعت في تنبيهها لأعدائها . فقد قام بعض من عناصرها بالاستيلاء على نقاط العبور على الحدود السورية الأردنية.
كما قامت بمهاجمة القنصلية التركية في الموصل وأسروا موظفيها. كما قاموا باختطاف 31 من سائقي الشاحنات التركية وطالبوا بخمسة ملاين دولار كفدية.
هذا هو تنظيم داعش الذي سيأتي يومه وسيندم على أفعاله بسبب عدم انقياده إلى قواعد واستراتيجيات يمشي بخطاها كما فعل تنظيم القاعدة في اليمن.