في خضم الحرب الكلامية المحتدمة بين مصر والجزائر، تكبدت "جازي" العلامة التجارية لأوراسكوم بالجزائر، خسارة لا تقلّ عن الخمسة ملايين دولار جرّاء ما طال مقراتها بالجزائر، كما تسبب ما يحصل من تراشق بين الجزائر ومصر في نشوب حملة دعائية مضادة لأوراسكوم في الجزائر، حيث أرسلت آلاف الرسائل النصية القصيرة الداعية إلى مقاطعة المتعامل المصري وإلغاء المشتركين لشرائحهم، وهو سيناريو في حال وقوعه ستكون له آثار وخيمة على إدارة جازي. وبقيت "جازي" (العلامة التجارية لأوراسكوم تيليكوم) إلى غاية الفترة الأخيرة محافظة على المقدمة ب 14.5 مليون مشترك، متبوعة بنجمة (العلامة التجارية للوطنية الكويتية) بستة ملايين مشترك، ثمّ "موبيليس" التابعة "للجزائرية للاتصالات"، التي تستوعب حوالى خمسة ملايين مشترك. وفي غياب "ثامر مهدي" المدير العام ل"جازي"، ورفض مسؤولو "جازي" تقديم أي تصريح أو تعليق عما يحصل حاليًا، وقد أفادت مراجع إعلامية جزائرية أنّ إدارة مجموعة أوراسكوم منشغلة حاليًا بتحديد حجم الأضرار التي مستها، علما أنّها مرتبطة بعقد تأمين مع الشركة الجزائرية للتأمينات، يتيح لها تعويض ما جرى إتلافه . وتنفي مصادر نية الشركة الأم الانسحاب من السوق الجزائرية، وتقلل مصادرنا من التوقف الحالي للموظفين المصريين، قائلة إنّه ظرفي ومرتبط بمناسبة عيد الأضحى، متوقعة عودتهم اعتبارًا من الأسبوع المقبل، علما أنّ الموظفين الجزائريين وهم يمثلون الغالبية بين مستخدمي "جازي" يمارسون عملهم بشكل عاد. وتعاني "أوراسكوم" من مشاكل ضريبية مع السلطات الجزائرية، حيث تقول المديرية الجزائرية للضرائب أنّ إدارة "جازي" العلامة التجارية لأوراسكوم في الجزائر، مطالبة بدفع ما لا يقلّ عن 496 مليون دولار كجباية مستحقة عليها منذ العام 2004، بيد أنّ جازي ظلت ترفض بشدة الدفع، والمسألة لا تزال رهينة مفاوضات وتجاذبات. وأتى هذا (النزاع) على خلفية التدابير التي أقرّتها السلطات الجزائرية مؤخرًا ضمن إطار "التصحيح الجبائي"، حيث فرضت على كافة فروع الشركات الأجنبية الناشطة على أراضيها، تسديد جميع الضرائب المستحقة عليها، قبل تحويل أرباحها إلى الشركات الأم، لكن "ألدو ماريوز" المسؤول المالي لأوراسكوم، صرّح بأنّ الشركة تعتزم تسديد 20 في المئة فقط من تلك القيمة، في انتظار إجراء جولة جديدة من المحادثات مع السلطات الجزائرية، علما أنّ جازي حققت 40 في المائة من إيرادات الشركة في الربع الثاني من العام الحالي.
وظلت أوراسكوم تتربع على عرش الهاتف المحمول في الجزائر منذ العام 2001، بعدما استثمر المتعامل المصري العملاق منذ دخوله السوق الجزائرية قبل ثماني سنوات ما لا يقل عن 4 مليارات دولار، وظلت جازي إحدى العلامات التجارية الأكثر دخلاً لمجموعة أوراسكوم، وهو ما يبرزه نجاحها في استقطاب أكثر من 63.7 في المئة من مشتركي المحمول في الجزائر، ما جعل رقم أعمال المجموعة المصرية يرتفع إلى حدود 1.8 مليار دولار.
وتشغّل أوراسكوم لوحدها نحو 35 ألف موظف، وتتوفر على أكبر محوّل مكالمات بمسافة 23 ألف كيلومتر إضافة إلى 6500 هوائي استقبال، كما يتّم تسجيل 150 ألف مكالمة يوميا، إضافة إلى 21 مليونا كعملية تعبئة شهريا.وبرأي الخبير "أنيس بن مختار" فإنّ مجموعة الوطنية الكويتية وعلامتها التجارية "نجمة" التي استثمرت 1.5 مليار دولار تتواجد في أفضل رواق للاستثمار في مشاكل أوراسكوم وجازي، علما أنّ إدارة نجمة ظلت تشتكي مما سمته "المنافسة غير الشريفة" لجازي ولوّح مديرها "جوزيف جاد" بمقاضاتها، إضافة إلى تشكيكه في عدد مشتركي جازي.
ووفق بيانات نُشرت حديثًا، فإنّ إجمالي عدد مشتركي الهاتف الخلوي في الجزائر بحدود 28 مليونًا، علمًا أنّه كان لا يتعدّى 86 ألف مشترك قبل ثماني سنوات، ما يجعل الجزائر الثانية عربيا بعد مصر، في وقت ارتفع رقم أعمال سوق الاتصالات الجزائرية إلى مستوى 5 مليارات دولار وهو ما مثل 4 في المئة من الناتج الداخلي الخام للجزائر، واستنادًا إلى وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال الجزائرية، فإنّ معدل الكثافة الهاتفية في الجزائر بلغ 73 في المئة، ما يرشح الجزائر لاستباق الأفارقة في ميدان الاتصالات الهاتفية، علمًا أنّها تتواجد بين ثلاثة بلدان إفريقية في صدارة القارة السمراء على الرغم شساعة مساحتها الجغرافية، علما أنّ عدد المشتركين في الهاتف في الجزائر، صار بحدود 27.53 مليون مشترك، بنسبة تغطية بلغت 81.5 بالمئة، وهو ما يعد معطى مهما مقارنة مع دول الجوار.
وقالت بيانات رسمية حديثة، إنّ الاستثمارات المباشرة الأجنبية في ميدان الاتصالات في الجزائر، بلغت أكثر من خمسة مليارات دولار، ما يضع الجزائر ضمن الدول التي اكتسبت دراية وإمكانات كفيلة بفتح السوق بصورة أكبر على المنافسة، وقد توقعت مجموعة المرشدين العرب توقعت مؤخرا، أن تتجاوز عوائد الاتصالات الخلوية والثابتة في الجزائر تتجاوز 4.7 بلايين دولار في 2011، مقارنة ب4.1 بلايين دولار العام 2007.