رقصت قلوب اليمنيين طرباً وذرفوا الدموع فرحاً عندما رفرف علم الوحدة اليمنية في 22 مايو1990، واصطف الشعب الواحد بشماله وجنوبه وشرقه وغربه في صف الوحدة ورسموا الآمال، وعلقوا عليها طموحاتهم وأحلامهم بنهضة تنموية تشمل كل جوانب حياتهم، وتحقق لكل يمني بمختلف انتماءاته الحياة الآمنة والعيش الرغيد والمستوى الاقتصادي الرفيع، وترفع من مستوى التعليم لأبنائه وتقضي على الأمية التي مازالت جاثمة في مناطق عديدة، وتذيب الفوارق والطبقات، وتنتشله من كبواته وعثراته الناتجة عن وجود يمنين ونظامين سياسيين مختلفين. ورغم اندلاع حرب صيف 1994 التي لم تكن سوى نتيجة لخلاف على السلطة بين القيادات السياسية الذين بأيديهم رفعوا علم الوحدة، ومع ذلك ظل أبناء اليمن متمسكين بوليدهم الذي حموه بدمائهم والتفوا حوله ليكبر ويكون ملجأهم ومنقذهم. وتمر على الوحدة 20 عاماً، عمر جيل كامل ممن ولدوا في ذلك اليوم، ونشأوا وترعرعوا تحت جناح الوحدة اليمنية، ومعهم في ذلك اليوم من كانوا في سن الطفولة والمراهقة، رفعوا أكفهم وانتصبت هاماتهم لتحية الوطن، وظلوا مع طلوع كل شمس يوم جديد تشرق عليهم في مدارسهم يهتفون باسم الوطن والشعب الواحد. وخلال 20 عاماً تعثرت أحلام اليمنيين بسبب تعامل مسؤوليه مع الوطن كقطعة (جاتوه) فكلُّ يريد نصيبه وقسمته منها، فسطا البعض على الأراضي وأساؤوا استغلال ثروات وخيرات الوطن، وأصبح الفساد أخطبوطاً ينشر أذرعته في أرجاء كثيرة، وظهرت فئة طفيلية تزداد غنى وتتخم يوماً بعد آخر، فبنيت منازل أشبه بالقصور، وزادت أعداد السيارات الفارهة التي تقدر بالملايين، وظهرت حفلات ألف ليلة وليلة لأعراسهم ولياليهم. وبالمقابل انضم الملايين من اليمنيين إلى طابور الفقراء. ومنذ صيف 1994 حتى الآن مازالت القيادات والأحزاب السياسية والفارين من المعارضين خارج الوطن منشغلين عن تنمية بلدهم بالتصارع على هذا الكرسي أو ذاك. ووصل الأمر بالبعض إلى دق معاول الهدم والتقطيع في جسد وطنهم، وجميع الوسائل لديهم مشروعة من الخطابة والعمالة لدول خارجية إلى الرصاصة لتقسيم اليمن إلى دويلات، (شمالية، وجنوبية، ووسطى) ويقفون صفاً واحداً مع آخرين يسعون لتقسيمها على أساس مذهبي. وماحدث في 30 نوفمبر ذكرى جلاء جيش المحتل البريطاني عن الجنوب اليمني، بقيام جماعة بقتل مواطنين يمنيين عزل، لا ذنب لهم سوى أنهم من مناطق شمالية، لايمثلون سوى ثلة حاقدة تسعى كغيرها من الجماعات لتحويل أرض اليمن إلى مستنقع للدماء، ووكر للعصابات. مستقبل اليمن بيد جيل الوحدة ممن فُتحت عيناه على خريطة اليمن الواحد، وتجول في أرجائه وقلبه ينبض حباً وعشقاً لوطنه، ولن أنسى ذلك اليوم ولن ينسى غيري ممن وقف إجلالاً وإكبارا لعلم الوحدة وهو يُرفع ويرفرف في مدارسنا وعلى أسطح منازلنا، وتعلو أصواتنا "وسيبقى نبض قلبي يمنياً... لن ترى الدنيا على أرضى وصياً".