تظاهر الآلاف من العراقيين في العاصمة بغداد وعدة مدن أخرى اليوم السبت، احتجاجا على الامتيازات والرواتب العالية التي يحظى بها أعضاء مجلس النواب والمجالس المحلية، وذلك ضمن الحراك المدني العراقي الذي يحتج على نقص الخدمات الأساسية والأوضاع الأمنية. وتجمع المئات وسط بغداد على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات لمنع الناس من الوصول والمشاركة في المظاهرات، وكان من بين الهتافات "البرلمانيون سراق"، في إشارة إلى المرتبات والامتيازات التي يتقاضاها النواب والتي تصل إلى مليار دولار سنويا. تضييق وقال الصحفي محمد القاسم للجزيرة إن السلطات الأمنية ضيقت الخناق على المتظاهرين، وأغلقت الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير بوسط بغداد. وأضاف أن المظاهرات كانت موحدة بسبب إشراف اللجان التنسيقية في المحافظات العراقية التي رفعت شعارات واحدة وكانت الأعلام العراقية هي المرفوعة فقط. بدوره أوضح وميض هادي، عضو منظمة العدالة الوطنية المشاركة في الدعوة لمظاهرات اليوم "أردنا أن نتجمع في ساحة التحرير وسط بغداد للمطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية الكبيرة لأعضاء البرلمان والمجالس المحلية، إلا أن الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة وضعوا حواجز وأسلاكا شائكة وقطعوا كل الطرق المؤدية إلى الساحة". وأضاف "عناصر الأمن يهددوننا إذا تجمعنا، ونحن ليس بأيدينا شيء، هذا يدل على أن الديمقراطية في هذا البلد مزيفة، ما دام يمنع دعاة الإصلاح السياسي من التعبير عن آرائهم ومواقفهم". يذكر أن مجموعة من الحركات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات تحشد منذ نحو شهر لتنظيم مظاهرة اليوم في أغلب المحافظات العراقية، للمطالبة بإلغاء رواتب تقاعد النواب البرلمانيين، حيث يعتبر الداعون لتلك المظاهرات أن "الشعب أولى بالرواتب التقاعدية التي لو خصصت لسد احتياجات قطاع من القطاعات فإنها ستتمكن من النهوض به ورفع جزء من الحيف والظلم الذي وقع على المواطن". وقال عضو رابطة المنظمات غير الحكومية في بغداد، شهاب أحمد حسين "سبق أن أوصلنا رسالتنا بالمطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية للبرلمانيين عبر الإنترنت، وأردنا النزول بمطلبنا إلى الشارع لكن لا يريد القائمون على السلطات في هذا البلد ذلك، فهم يخافون منا لأنهم سراق ولصوص كلهم بلا استثناء، سواء كانوا شيعة أو سنة أو أكرادا، مسلمين أو مسيحيين". محافظات الجنوب وامتدت المظاهرات لتشمل محافظات بجنوبي العراق، ففي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار قامت السلطات بفرض إجراءات غير مسبوقة، تفريقا للمظاهرات بواسطة خراطيم المياه، وإطلاق نار في الهواء وقطع للطرق. وفي مدينة البصرة ثالثة أكبر مدن العراق تجمع آلاف الأشخاص قرب مجلس المحافظة، رافعين لافتات كتب عليها "العراق وثرواته ملك للعراقيين وليس للبرلمانيين" و"انتخبناكم لخدمتنا، وليس لسرقتنا، من أجل العراق والعراقيين، كلا لتقاعد البرلمانيين". وشهدت محافظات واسط وبابل والنجف وكربلاء والسماوة مظاهرات مماثلة. منظمات مدنية ونظمت المظاهرات منظمات مجتمع مدني وناشطون دعوا إليها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. من جانبه أعلن علي الموسوي، مستشار رئيس الوزراء نوري المالكي أن المالكي "يؤيد توجهات المحتجين بقوة وسيعمل على جميع الصعد لتحقيق هذه المطالب". ويستحق النائب في البرلمان العراقي حاليا عند انتهاء دورته التي تمتد أربع سنوات راتبا تقاعديا يصل إلى80% من راتبه الحالي المحدد ب13 مليون دينار (أكثر من 11 ألف دولار) بينما لا يتجاوز راتب الغالبية العظمى من المتقاعدين في عموم العراق وبعد خدمة لأكثر من عشرين عاما مبلغ أربعمائة ألف دينار. وقال عباس كاظم رباط (45 عاما) الذي يعمل مدرسا "ليس من المعقول شخص يعمل أربع سنوات ويأخذ 80% من راتبه وهذا غير معمول به دوليا". وأضاف أن "الموضوع إذا استمر على حاله، بعد ثلاث دورات لن تبقى أي ميزانية للبلد". وأكد المتظاهر الذي كان يحمل العلم العراقي "لم يصدر من البرلمان أي قانون يحمي الشعب، إنما فقط قوانين لمصالحهم الخاصة فقط". يذكر أن البرلمان الحالي صادق على ميزانيته البالغة 450 مليون دولار لعام 2013 وأثارت جدلا كبيرا آنذاك.