السحر ذنب عظيم وخطر جسيم وجرم يقود صاحبه الى الجحيم فهو عقد وعزائم ورقى وادوية وتدخينات وكلام يتكلم به او يكتبه او يعمل شيئاً في بدن المسحور او قلبه او عقله من غير مباشرة لهويكون بالتقرب الى الشياطين وعبادتهم وهو شرك أكبر مناف للتوحيد ومُحرم في جميع الاديان السماوية .وما اكثر السحرة والمشعوذين والعرّافين في عصرنا هذا والمنتشرين في بعض البلدان كالقرى والمدن والعزل ممن يدعون الطب والمعالجة عن طريق السحر والكهانة والشعوذة والطلاسم مستغلين السذاجة والغباء والجهل المخيم في كثير من المجتمعات العربية والاسلامية.وكل ما كان المجتمع متعلم ومثقف ومتفقه فيامور دينه الاسلامي كل ما كان محصنا من السحرة والمشعوذين ومخاطرهم .فالجسم الصحيح من الامراض والعقل السليم من العاهات والقلب الطاهر من الادران والحقد والحسد يتوفر كل ذلك في شخص الانسان المتعلمفي امور دينه ودنياه والعكس من ذلك متوفر في شخص الانسان الجاهلالذي دائما ما يتعرض للامراض والاسقام والعلل المختلفة فيتوجه الى السحرة والمشعوذين لطلب معالجته.والسحر له حقيقة وتأثير وليس مجرد وهم وتخيل ويدل على ذلك القرآن وصحيح السنة النبوية وهذا هو مذهب اهل السنة وعامة العلماء قال الموفق ابن قدامى المقدسي في المغني (وله حقيقه – اي السحر –فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ويأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض احدهما الى الاخر او يحبب بين اثنين )وقد اشتهر بين الناس قيام السحرة بعمل عُقَد للرجل الذي يتزوج فلا يستطيع إتيانها وايضا حل هذه العُقَد فيقدر عليها بعد عجزه عن اتيانها . وللسحرة حكايات كثيرةمالا يسعنا الحديث عنها ومالا يمكن التواطؤ على الكذب فيها . وعلى كل فلا يجوز للمسلم التوجه الى ساحر او عرّاف ممن يدّعون علم الغيب ليصل الى معرفة علاجه عن طريقهم فذلك كفر . ولا بئس ان يذهب المريض الى الطبيب المعالج المتخصص في معالجة اي جزء من اجزاء الجسم المصاب بالالم فذلك امر مشروع. فالله الذي خلق الداء هو الذي خلق الدواء وهو الذي بيده الشفاء قال تعالى :( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)وقال رسول الله صلى الله وعليه وسلم في حديث ما معناه (تداوو فان الله ما خلق داء الا وجعل له دواء ) ولا يجوز التداوي بالمحرم كالسحر والطلاسم والشعوذة بانواعها المختلفة . فالله لم يجعل شفاء عباده بما حرم عليهم ولكن بما احل لهم. ومن تداوى بالحرام فلا شفاه الله. ويستطيع الانسان التحصُّن من السحر قبل وقوعه كما يستطيع الحصول على علاجه بعد ان يصاب به . فاما ما يتقي به المرءخطر السحر قبل وقوعه وهو التحصُّن بالاذكار الشرعية المأثورة عن النبي صلى الله وعليه وسلم الصباحية والمسائية واما العلاج منه فيكون بالرقية الشرعية المعروفة عن الرسول وبالادعية المأثورة والايات القرآنية المعنية بالعلاج من ذلك . اما ما يقوم به بعض السُذّجمن علاجهم بعمل السحرة وهو التقرب الى الجن بالذبح والدعاء والاستغاثةوغيره منالقربات فهذا لا يجوز لانه من عمل الشيطان بل منالشرك الاكبر فالواجب الحذر منه كما انه لا يجوز سؤال السحرة والمشعوذين واستعمال ما يقولون لانهم كذبة وفجرة يدّعون علم الغيب ويلبسون على الناس .وقد حذر الرسول صلى الله وعليه وسلم من اتيانهم وسؤالهم وتصديقهم فقال :( من اتى عرّافاً او كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله وعليه وسلم ) والسحر من اكبر الكبائر واقبح الذنوب المحرمة شرعا بل سماه الشرع كفراً قال تعالى : (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) كما ان السحر من السبع الموبقات(المهلكات) قال رسول الله (اجتنبوا السبع الموبقات قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)وقد ذكر الرسول السحر بعد الشرك لانه يُكَفّر متعاطيه فلا يمكن توصل الساحر اليه الا بعبادة الشياطين والتقرب اليها. كما ان السحر يجمع الموبقات الخمس التي بعده لان اتيان اياً منها على انفراديمثل اعتداء اما على النفس او المال او العرض اما السحر ففيه اعتداء على كل هذه الاشياء فضلا على اعتدائه على حق الله باشراك غيره معه.وللساحر عقوبة شرعية جزاء له على جرمه وهي القتل فقد روي ان الخليفة عمر بن الخطاب كتب الى ولاته (ان يقتلوا كل ساحر) وذهب الحنفيةالى قتل الساحر في حالين (الاول) ان يكون سحره كفرا و(الثاني) اذا كانت مزاولته للسحر بما فيه إضرار وإفساد ولو بغير كفر . واذا كان هذا هو حكم الشرع وعقوبته على الساحر فانه يجب كشف حال السحرةوالمشعوذين وبيان حِيَلهم واساليبهم الخطيرة التي ينصبون بها على الناس ويحتالون . كما يجب فضح تضليلهم وتطهير المجتمع منهم حتى يعيش في مأمن من شرهم فكم قتلوا من ابرياء وشردوا من اسر وافرغوا من بيوت هذا فضلا عن تفكيكهم للمجتمع وتطليق الزوجات ونهب الاموال عن طريق ما يسمى(بالعلاج) وعملهم هذا منكر يجب ازالته من قبل جميع المسلمين والدولة لان بضاعتهم لا تُرَوّج ويُسَوّق لها الا عند نقص العلم والعلماء وتفشي الجهلووقوع الفتن فيسعى كثير من الناس الى السحرة سؤالا وتصديقا وعملا بما يقولون لاسيما وان السحرة فئة خبيثة فاحوالهم دنيئة وافعالهم رديئة ولو كان لهم من الامر شيء لنفعوا انفسهم ورفعوا ما ينزل بهم من بلاء وامراض ولاستكثروا من الخير لانفسهم ونالوا رفيع الدرجات ولكن كل ذلك بتقدير العزيز العليم.فلا يقف الامر عند زيارة واحدة لهم بل ان الساحر يزيد في تعقيد المشكلة احيانا ويساعد في تخفيفها احيانا اخرى كي يبقىالمريض الذي يأتيه ضحية دائم التردد عليه وفي كل مرة تُستنزف الاموال وتُنتهك الحرمات والاعراض ويُعصى رب الارض والسماوات. فل ينتبه الجميع لافعالهم ويجب مقاطعتهم ومحاربتهم والابلاغ بهم الى السلطة ليأخذوا عقابهمالرادع لهم .ونسأل الله ان يقينا وامة الاسلام شرهم ومكرهم وكيدهم ونعوذ بالله من شر كل حاسد اذا حسد .