أثارت محاولة الاغتيال التي نجا منها القيادي بأحزاب المشترك والأمين العام للحزب الاشتراكي باليمن ياسين سعيد نعمان بالعاصمة صنعاء ردودا غاضبة، سياسيا وشعبيا، باعتبارها استهدافا لمؤيدي الثورة والتغيير. وكان مسلحون قد اعترضوا سيارة نعمان بأحد شوارع صنعاء في وقت متأخر من مساء الاثنين، وحاولوا اقتحام السيارة وأطلقوا وابلا من الرصاص عليها، إلا أن القيادي الاشتراكي نجا ولم يصب بأذى. وتأتي حادثة استهداف سيارة نعمان بعد أيام من محاولة مشابهة تعرض لها وزير النقل اليمني واعد باذيب، الذي تعرضت السيارة التي كان يركبها لإطلاق نار من مسلحين في مدينة عدن جنوبي البلاد. واعتبرت أحزاب المشترك في بيان تلقته الجزيرة نت نسخة منه، أن الحادثتين "تأتيان في إطار مسلسل استهداف القيادات الوطنية ومحاولة لوقف عجلة التغيير وجر البلاد إلى أتون الفوضى والصراعات والتصفيات السياسية". وحذرت أحزاب المشترك، التي تشارك في حكومة الوفاق اليمنية، من أسمتهم "الذين يعبثون بالأمن والاستقرار من التمادي بأفعالهم القذرة"، وأكدت أنها "لن تظل مكتوفة الأيدي إزاء استهداف قياداتها وأعضائها وتهديد الأمن والسكينة في المجتمع". كما دعت اليمنيين إلى أخذ الحيطة والحذر والإبلاغ عن كل التحركات المشبوهة والعدائية للعصابات الإجرامية من بقايا النظام السابق. شفافية من جانبه اعتبر راجح بادي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء اليمني في حديث للجزيرة نت، أن محاولات الاغتيال تأتي ردا على خطاب الرئيس عبد ربه منصور هادي أثناء ترؤسه اجتماعا استثنائيا لحكومة الوفاق واللجنة العسكرية، حيث هدد بمحاكمة أي طرف يود عرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية. وقال بادي إن رسائل عدة بعث بها الرئيس هادي وأهمها كانت تأكيده أن التغيير قد حدث باليمن ولن تعود عجلة التاريخ إلى الوراء، وربما أن بعض الأطراف شعرت بالقلق من قرارات مرتقبة سيقوم بها، فحاولت خلط الأوراق أمامه كخطوة استباقية. وأكد أنه لا بد من المزيد من الشفافية مع الرأي العام اليمني، وكشف نتائج التحقيقات في مثل هذه الحوادث الأمنية، لكي تزيد مساحة الالتفاف الشعبي حول الرئيس هادي وحكومة الوفاق خلال الفترة القادمة. من جهته وصف القيادي بأحزاب المشترك محمد الصبري في حديث للجزيرة نت مثل هذه الأعمال بالدنيئة، وقال إنها لا بد أن تدفع الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني إلى أن يضعوا الجانب الأمني في أولوية الاهتمام، والتسريع بهيكلة الجيش والأجهزة الأمنية. كما طالب بفتح تحقيق عاجل وسريع في محاولة اغتيال ياسين نعمان وواعد باذيب، وقال إنه من دون الأمن والحماية على الصعيد الشخصي والوطني فإن البلد ستظل غير مستقرة لفترة طويلة. وأشار الصبري إلى أن منظومة الأجهزة الأمنية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح التي حكم بها اليمن لا تزال موجودة، مؤكدا أن هناك نية للانتقام من الشعب والثوار وقادة أحزاب المشترك التي وقفت مع الثورة السلمية التي أطاحت بصالح ونظامه. واعتبر أن الأمر يقتضي من الحكومة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وبمعايير دولية، وفقا لقراري مجلس الأمن الدولي 2014 و2051 الخاصين باليمن والمتعلقين بتشكيل لجنة تحقيق تتناول جرائم القتل والاعتقال والتعذيب التي تعرض لها شباب الثورة خلال العام 2011. تصعيد أما المحلل السياسي ياسين التميمي فيرى أن "الاستهداف الأمني لنعمان، الذي يتمتع بمكانة متميزة داخل النخبة السياسية باليمن بصفته شخصية سياسية وطنية وفاقية، يشكل تصعيدا خطيرا وتهديدا للمرحلة الانتقالية". وقال التميمي للجزيرة نت إن محاولة الاغتيال وجهت رسائل مباشرة إلى رأس الدولة، أهمها أن الوضع في العاصمة مهدد باعتباره مؤشرا حاسما على الوضع الذي يسود البلاد، في محاولة للبرهنة على أن القبضة السياسية والأمنية للرئيس هادي ومساعديه رخوة ولا يستطيع أن ينجز الوعود وينفذ ما توعد به خصوم وأعداء التسوية السياسية. ورأى التميمي أن التحدي الخطير يكمن في بقاء الجيش منقسما وبقاء الأجهزة الأمنية بعيدة عن نفوذ الرئيس هادي، مما ينذر بمحاولات أشد خطورة في المدى المنظور لاستهداف مسيرة الوفاق الوطني والتسوية السياسية التي قامت على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.