كما هو معلوم أن شمال اليمن دخل تحت الحكم العثماني عام 1872م حيث وقعت أقدام العثمانيين على تراب صنعاء. وقد تضايق أبناء الشمال من الحكم العثماني أيما ضيق ،مما دعاهم لأن يطلقوا مصطلح إحتلال على العثمانيين ،حيث يتضخ ذلك في كتاباتهم ومؤلفاتهم وكتابة مؤرخيهم . فعلى سبيل المثال يقول الدكتور محمد سلام مؤلف مادة الإعلام اليمني التي تدرس في جامعة صنعاء، في جملة حديثه عن نشأة الصحافة في اليمن ،( أنَ أول مطبوع يصدر قي اليمن يعبر عن وجهة نظر الاحتلال هي صحيفة يمن )! وقد صدرت صحيفة يمن باللغة التركية أصدرها العثمانيون الذين كانوا متواجدين في صنعاء. فالبرغم من أن العثمانيين مسلمون إلا أنهم يُعدّون محتلين وغاصبين في نظر أبناء الشمال ، بسبب مارأوا منهم من أعمال أساءة للشعب الشمالي وأساءة لكرامته وحريته . فمن هنا يفترض بأبناء الشمال ألايقعوا في المحظور وفي الخطاء نفسه الذي وقع فيه العثمانيين إبان دخولهم لشمال اليمن ، غير أن أبناء الشمال لم يكونوا بقدر الذكاء الكافي الذي يجنبهم مألآت هذه الأعمال ، وذلك عندما شنوا حربهم الشعواء على الجنوب عام 1994م ، وفرضوا على إثرها الوحدة بالقوة ، وفعلوا في الجنوب مافعله بهم العثمانيون ،بل وأضعاف ذلك بكثير، فزادوا على فعل العثمانيين في كل شيء. حيث قاموا بعملية تهميش لأبناء الجنوب وإقصائهم من أعمالهم،وتصقية عرقية وإدارية للكوادر الجنوبية ،وراحوا يسيطرون على ثروات الجنوب ،وبسطوا أيديهم على كل أرض الجنوب في مشهد يعيد نقس ماكان يفعله العثمانيون في الشمال من فساد وظلم وإضطهاد .فضلاً عن التبعية لصنعاء التي أفرضوها على الجنوب ظلماً وعدواناً. إنّ هذه الأعمال التي لم يقبلها شعب الجنوب من قبل الشمال ،كما رفضها أبناء الشمال سابقاً في زمن ( الاحتلال العثماني )،هي السبب في ثورة الجنوبيين ضد الشمال ورفضهم للوحدة اليمنية التي استغلوها أبناء الشمال باسم الدين والعروبة ،كما استغل العثمانيون الخلافة لإحتلال اليمن لتحقيق مآرب خاصة وأطماع سيادية . إنه ليس من العدل لأبناء الشمال بأن يسموا أبناء الجنوب بعملاءلإيران وخونة وما إلى ذلك من المسميات الواهية التي لم تعد تغني ولا تسمن من جوع . فأبناء الجنوب قاموا وطالبوا بفك الأرتباط عندما أيقنوا أنّ الوحدة فشلت ،ولم تعد شيئاً مذكوراً. فأبناء الشمال لو نظروا للجنوبيين على أنهم خونة وعملاء للخارج ،فمن حق أبناء الجنوب أن يسموا ويطلقوا على ثورة الشمال ضد العثمانيين وتسميتهم للتواجد العثماني( بلإحتلال )،بأنه خيانة كبرى وعمالة للدول التي كانت تعادي الدولة العثمانية آنذاك ! كما يحق للجنوبيين بأن يتهموا أبناء الشمال عندما ثاروا ضد العثمانيين بتنفيذ أجندة خارجية ضد الأمة والخلافة العثمانية . لذى من البديهي لأبناء الشمال أن يعذروا أخوانهم الحنوبيين في مطالبتهم بفك الأرتباط ، بل وواجب عليهم أن يساعدوهم في ذلك، كما ساعد الجنوبيون أبناء الشمال في ثورة 26سبتمبر التي قامت ضد حكم أسرة آل حميدالدين،ونحن نعلم بأن أفراد أسرة آل حميدالدين هم من أبناء الشمال ،ولكن ثاروا أبناءالشمال ضدهم بسبب القهر والدكتاتورية التي فرضوها على الشعب ،وهو أحد الأسباب التي دعت بالجنوبيين لأن يثوروا على حكم أسرة آل الأحمرالحاكمة الشبيه بأسرة آل حميدالدين . وما جزاء الإحسان إلى الإحسان ، من هذا المنطلق يتحتم على أبناء الشمال أن يقدموا دمائهم لمساعدة الجنوب على تحقيق فك الأرتباط ، مقابل ما قدمه الجنوبيين من دماء فداءً لشعب الشمال ،عندما قامت ثورة سبتمبروالتي سقط فيها مايقرب من 325شهيد جنوبي قضوا نحبهم دفاعاً الثوار اليمنيين ضد الإمام . فإذا كان يجوز لأبناء الشمال في أن يطلقوا مصطلح ( الإحتلال العثماني ) على حكم العثمانيين لهم ،فمن حق أبناء الجنوب في أن يطلقوا مصطلح ( الإحتلال الشمالي )على حكم الشماليين لهم ، لأن القضية واحدة والظلم ذاته ،والحال واحد .