اللجنة الحكومية تعلن فتح طريق الكمب- جولة القصر المغلقة من قبل المليشيا منذ 9 سنوات    منتخب الناشئين في المجموعة التاسعة بجانب فيتنام وقرغيزستان وميانمار    إعلان للخارجية الأمريكية بشأن اختطاف الحوثيين العاملين في المنظمات واعترافات موظفي سفارتها في صنعاء    انفجار في جولة القصر خلال فتح الطريق بتعز .. وسيارات الإسعاف تهرع للمكان    حادث مروع ينهي حياة أربعة مسافرين شرقي اليمن    ضربات جديدة وموجعة للحوثيين عقب إصابة سفينة فجر اليوم في البحر الأحمر.. وإعلان للجيش الأمريكي    انهيار كارثي للريال اليمني .. الدولار يقترب من 2000 وهذا سعر صرف الريال السعودي    دراسة : تداعيات التصعيد الاقتصادي في اليمن والسيناريوهات المستقبلية    رأى الموت بعينيه.. مقتل مغترب يمني في أمريكا بطريقة مروعة .. وكاميرا المراقبة توثق المشهد    ''رماية ليلية'' في اتجاه اليمن    مالذي يريده "ياسين سعيد نعمان" بالضبط    في اليمن فقط .. مشرفين حوثيين يجهزون الغزلان لاضحية العيد    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    ميسي يُعلن عن وجهته الأخيرة في مشواره الكروي    هل صيام يوم عرفة فرض؟ ومتى يكون مكروهًا؟    لا ابن الوزير ولا بن عديو أوجد دفاع مدني لمحافظة النفط والغاز شبوة    قاتلوا سوريا والعراق وليبيا... السلفيين يمتنعون عن قتال اسرائيل    غضب شعبي في ذمار بعد منع الحوثيين حفلات التخرج!    انهيارات صخرية خطيرة في دوعن تهدد حياة المواطنين وتجبرهم على الرحيل    صلف الزيود وملاطيم تعز والحجرية!!    هل الغباء قدر الجنوبيين؟    "القول ما قالت عدن"..المتحدث باسم المجلس الانتقالي: عدن صامدة في وجه التلاعب الحوثي    الإمام إسماعيل بن يوسف العلوي الهاشمي.. نهب مكة وقتل الحجاج..!    اختطاف مسؤول محلي على يد مسلحين مجهولين جنوب اليمن    غريفيث: نصف سكان غزة يواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو    سانشيز قد يعود لفريقه السابق    ريال مدريد يستعد لتقديم مبابي بحفل كبير    «كاك بنك» ممثلاً برئيسه حاشد الهمداني يشارك في قمة Men Finance للمعاملات المصرفية بالرياض    وفاة مواطن بصاعقة رعدية بمديرية القبيطة بلحج    ما السن المعتبرة شرعاً في الأضحية لكل نوع من الأنعام؟.. خبير سعودي يجيب    غوتيريش يطالب مليشيات الحوثي بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة    بعثة منتخب الشباب تصل الطائف لخوض معسكر خارجي    أعينوا الهنود الحمر في عتق.. أعينوهم بقوة.. يعينوكم بإخلاص    حصحص الحق    احتضنها على المسرح وقبّلها.. موقف محرج ل''عمرو دياب'' وفنانة شهيرة.. وليلى علوي تخرج عن صمتها (فيديو)    إصلاح صعدة يعزي رئيس تنفيذي الإصلاح بمحافظة عمران بوفاة والده    المنتخب الوطني يتعادل مع النيبال في ختام التصفيات الآسيوية    الهجرة الدولية:ارتفاع حصيلة ضحايا غرق قارب قبالة سواحل شبوة إلى 49    وفاة 35 شخصا وإصابة العشرات جراء حريق اندلع في مبنى سكني بالكويت    حكم صيام يوم الجمعة أو السبت منفردا إذا وافق يوم عرفة    وديًّا: رونالدو يقود البرتغال للفوز على أيرلندا    السمسرة والبيع لكل شيء في اليمن: 6 ألف جواز يمني ضائع؟؟    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    مستشار الرئيس الزُبيدي يكشف عن تحركات لانتشال عدن والجنوب من الأزمات المتراكمة    20 محافظة يمنية في مرمى الخطر و أطباء بلا حدود تطلق تحذيراتها    مدرب وحدة عدن (عمر السو) الأفضل في الدور الأول في بطولة الناشئين    النائب حاشد يغادر مطار صنعاء الدولي    بكر غبش... !!!    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    عن جيراننا الذين سبقوا كوريا الشمالية!!    إتلاف كميات هائلة من الأدوية الممنوعة والمهربة في محافظة المهرة    افتتاح جاليري صنعاء للفنون التشكيلية    وفاة واصابة 4 من عمال الترميم في قبة المهدي بصنعاء (الأسماء)    عالم آثار مصري شهير يطالب بإغلاق متحف إنجليزي    أحب الأيام الى الله    السيد القائد : النظام السعودي يتاجر بفريضة الحج    ما حد يبادل ابنه بجنّي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ديننا حبك يا وطن
نشر في أخبار الساعة يوم 15 - 01 - 2013

اعتدت وكل من أغرموا بالقلم يستلهمونه أجمل الحروف والكلمات أن يقدموا لما يكتبونه، لكنني آثرت هنا الدخول إلى الموضوع مباشرة لأهمية الظروف التي تمّر بها أمتنا العربية مستشهدا في البدء بحكمة نبوية وحكايات تعبّر لوحدها عما فيها من مضامين قيمية خالدة ما خلدت الحياة، فالرسول العربي صلى الله عليه وسلم وفي حديث إنساني ، وبعد هجرته للمدينة من مكة بلده يقول:″ما أطيبك من بلد،وما أحبك إليّ،ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك″ وذات يوم وهو يسمع من أصيل وصف مكة جرى دمعه حنيناً إليها،وقال:″يا أصيل دع القلوب تقرّ″ لكنه بعد أن ألف المدينة وأهلها من مهاجرين وأنصار كان يدعو الله أن يرزقه حبها قائلا ً:″اللهم حبب إلينا المدينة كحبّ مكة،أو أشد″وأيضاً:″اللهم اجعل بالمدينة ضعفيّ ما جعلت بمكة من البركة″.
إنه النبي المغرم بحبّ وطنه ومدينته،ويقتدي به،ويجاريه أعرابي في دعاء الناسك العابد لله ولوطنه،ففي كتاب - الطلب من تاريخ حلب- لمؤلفه ابن العديم ينقل عن الأعرابي قوله:″قمت ليلة إلى الصلاة فوجدت في قلبي حلاوة المفاجأة ، ثم دعوت الله عزّ وجل بما سمح لي،ثم قلت:اللهم أعدني إلى وطني،واجمع بيني وبين أهلي وولدي،ويسّر اجتماعنا،وأعد روض الأنس زاهراً،وربع القرب عامراً،قال:فسمعت قائلا ًعلى شاطئ الفرات يقول:نعم..نعم،قلت:هذا رجل يخاطب آخر،ثم أخذت في السؤال والابتهال،فسمعت ذلك الصالح يقول:إلى الحول..إلى الحول، فقلت:إنه هاتف أنطقه الله بما جرى الأمر عليه″وكان قد خرج من داره في ذي القعدة من هذه السنة ورجع إليها في ذي القعدة،أي أمضى حولا ً.
وفي كتاب " المستظرف في كل فن مستظرف " " للأبشهي " ينقل عن الجاحظ الذي يعطي الوطنية نوعاً من القدسية الخيالية قوله :″كان النفر في زمن البرامكة إذا سافر أحدهم أخذ معه حفنة من تربة أرضه في جراب يداوي بها مرضه″ وبغض النظر عن رأي بعض من فقهاء الحديث الذين ينفون نسب ما اعتقده الكثير في مقولة(حبّ الوطن من الإيمان) للرسول، لكن الله جلت قدرته يقرن حبّ أرض الوطن بحبّ النفس في قوله تعالى:″ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم″سورة النساء،الآية66،والحبّ هنا شمولي بكل المعاني...هو حبّ للبلد بكل رموزه،وللأهل،ولهوائه ونسماته العليلة،فالفيلسوف (جالينوس) قال:″يتروّح العليل بنسيم أرضه كما تتروّح الأرض الجدب ببلل المطر″.
هذه الخواطر تلزمنا بتحديد مفاهيم وأطر الوطن،المواطنة،والوطنية حتى لا نتوه في غياهب ظلامية كما هي حال البعض في أقطار عربية...
فالوطن:ً هو البلد الذي تسكنه أمة يشعر المرء بارتباطه وانتمائه لها،وفيه المصلحة العليا للمجموعة الوطنية فيه المحرمات ،الاجتماعية،الروحية،والجسدية،ومن مقوماته الأساسية التمسك بالقيم والأخلاق فيما بات يُعرف بالعقد الاجتماعي العام،وبديهياته تتركز في القرب والتقرب من أعلى درجات العبادة للوطن بعد الله جلت قدرته في نسك عبادي فيه الخير،العطاء،اليُمن،والبركة.
والمواطنة:عماداها الواجبات المترتبة على المواطن، والحقوق الممنوحة له وهما:
أما الوطنية:فأفضل تعبير عنها بأنها ″صناعة المعجزات″ فعندما تظلل المواطنة أرض الوطن،ويسمح للحريات بأن تأخذ كامل آفاقها شريطة عدم المساس بحريات الآخرين , وما تآلف عليه المجموع من مبادئ اجتماعية أخلاقية تنطلق عمليات الإبداع الإعجازي في جميع المجالات الفكرية لتطوير الثقافات والعلوم النظرية والتطبيقية،وخلق منابر وأدوات مبتكرة لمنظمات المجتمع المدني،فالفكر المبدع ينمو ويعلو في أجواء الحوار والمناقشة،والمنافسة أيضاً،وأعلى درجاتها الدفاع والتضحية بالذات صوناً لكرامة وشرف الوطن حماية أرضه من أطماع الآخرين.
وهكذا نكون قد حددنا الضوابط، والأسس المنهجية العقلية وفق أحكام المنطق المُجنب للوقوع في خطأ التفكير وفي البعد عن تأثير الدعايات، والاستهواء المرضي.
في الوطن الجميع سواسية يخضعون للقواعد والقوانين العامة،ويوم يبدأ التمييز بين فئة وأخرى تحت أي مسمى طائفي،أو إثني،أومصلحي تبدأ الخلخلات الاجتماعية،وفي استمرارها تتواجد المناخات المتيحة والمشجعة لتآمرات الأعداء لتدمير الأخضر واليابس على ربوع الأوطان،ولنتنبه وبحذر شديد لما نراه في بعض البلدان العربية من صراعات متنوعة المضامين والأساليب المُخلفة في كل يوم مآسي مؤلمة وحارفة للتفكير السلمي عن قواعده وضوابطه مثيرة في أغلب الأحيان الانفعالات المرضية،وشعوب عديدة دمرت الكثير من مقومات بلدانها في صراعاتها المذهبية،وما يعنينا بالنسبة لوطننا العربي أن ندرك استراتيجيات الأعداء،وتحديداً إسرائيل وأمريكا فبعد تجزئته ومن قِبل الغرب وفق معاهدة سايكس بيكو مطلع القرن الماضي،وإقامة الكيان الغريب في فلسطين الذي ما برح يعادي الأمة العربية،ويحيك المؤامرات لتعزيز سيطرته،وإضعاف من ناصبهم العداء التاريخي تحت شعارات وأوهام خرافية،ففي عام1982نشرت مجلة(كيفونيم)التي تُصدرها المنظمة الصهيونية العالمية وثيقة بعنوان″استراتيجية إسرائيل للثمانينات″وبداية الوثيقة تظهر أن العالم العربي الإسلامي بمثابة برج من الورق أقامه الأجانب- فرنسا وبريطانيا - في مطلع عشرينات القرن الماضي،وقسّم البلاد إلى12دولة من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة،وعليه فكل دولة عربية إسلامية معرضة لخطر التفتيت العرقي والاجتماعي في الداخل إلى حدّ الخراب،وتضيف الوثيقة الوضع الاقتصادي الذي لا يمكنه المواجهة والتصدي للمشكلات الخطيرة سيما وأنه تُوجد فئة من واسعيّ الثراء،وجماهير غفيرة من الفقراء،والوضع بشكل عام يُشكل تحديات وأخطار لإسرائيل لذا لابد من اغتنام الفرص لتقسيم هذه الدول،وتضع الوثيقة أطر التقسيم لمصر والسودان،وسوريا والعراق حيث يركز على تقسيمه إلى دولة البصرة،ودولة بغداد،ودولة الموصل،وبذلك تنفصل المناطق الشيعية الجنوبية عن الشمال السنيّ الكردي في معظمه،ولا تغفل الوثيقة تقسيم لبنان،الخليج،السعودية،والمغرب العربي،وتُبقي على الأردن كما هو مع تغيير للنظام ليصبح الوطن البديل للفلسطينيين،وأمريكا الحليف الاستراتيجي لإسرائيل أدلت بدلائها في هذا المجال،وساهمت في التصريح والتلميح،بل في التنفيذ في محاولات التقسيم،ففي عام1980صرّح بريجينسكي مستشار الرئيس الأسبق جيمي كارتر للأمن القومي قائلا ً:″إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن(1980)هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى- التي حدثت بين العراق وإيران- تستطيع من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو،وعقب إطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاجون)بدأ المؤرخ الصهيوني المتأمرك برنار لويس بوضع مشروعه الشهير بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعاً كلا ًعلى حدة،ومنها العراق،سوريا،لبنان،مصر،السودان،إيران،افغانستان،باكستان،السعودية،دول الخليج،ودول الشمال الإفريقي مفصّلا ًوبدقة خرائط التقسيم،وفي مقابلة صحفية معه في20/5/2005قال بالحرف:″العرب والمسلمون قوم فاسدون،مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم،وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات،ولذلك فإن الحل السليم في التعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم،وتدمير ثقافتهم الدينية،وتطبيقاتها الاجتماعية،وفي حال قيام أمريكا بذلك فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية الفرنسية″وتستمر خطوط التآمر،وقد شدد رجالات ًمن اليمين المحافظ - مؤسسو مشروع القرن الأمريكي الجديد - عام1998الضغط على الكونغرس للتصديق على مشروع قانون تحرير العراق 1998وهو القانون الذي جعل من تغيير النظام العراقي سياسة أمريكية رسمية،وصادق على صرف مبلغ97مليون دولار كمساعدات للمجموعات والورش العراقية التي تعاونت مع وكالة الاستخبارات المركزية،وفي شهادة ل(بول وولفوتيز)في25/2/1998أمام الكونغرس الأمريكي لتمرير القانون قال:″ساعدوا الشعب العراقي على إزاحة السلطة″لكن وفي عام2001وتحديداً في أيلول وسعت جماعة(مشروع القرن الأمريكي الجديد)دائرة اهتماماتها،وأرسلت رسالة مفتوحة إلى الرئيس بوش الابن دعته ليس فقط إلى تدمير القاعدة،بل توسيع الحرب لتشمل العراق أيضاً،وتوظيف الحرب على الإرهاب والدول المارقة،وكان احتلال العراق عام2003وكان الحاكم الأمريكي بريمر وإثارته للنعرات الطائفية و الإثنية ،وتوزيع الرئاسات الثلاث وفق ذلك،وما نراه اليوم من مطالبات وطنية تخرج على شكل تظاهرات سلمية همها الأول والأخير إزالة تركة بريمر،ومحاسبة المتورطين فيها الذين جاؤوا على ظهر الدبابات الأمريكية في الأيام الأولى للغزو الأمريكي،والمتتبع للأحداث في السودان يرى أن خارطة تقسيمه نجحت مرحلتها الأولى في فصل الجنوب،والقادم استكمالها في دارفور.
الثوابت الوطنية باتت معروفة،والمشاريع الاستعمارية الجديدة باتت تتموضع على أنحاء من الوطن العربي،والفتن تثار هنا وهناك،وكلمة حق تقال في هذا المجال ليس وطنياً،وليس فيه ذرة إيمان من يساير هذه المخططات عن علم،أو عدم معرفة،والمطلوب العودة إلى الجذور وبأسرع ما يمكن في صحوة ضمير للتصدي وبكل الوسائل لهذه الموجات العاتية أملا ًفي بقاء الأوطان على وحدتها،ووصولا ًللأمل القديم وهو وحدة الأمة العربية في زمن يُراد فيه تدمير الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.