لوحض في الآونة الأخيرة أن تنامي العامل الخارجي والذي صار مهيمنا علي شتى مكونات الحراك السياسي في ساحة العمل الوطني قد أصاب ذلك العمل بالجمود والرتابة وهو ما أدى إلي إصابة السلطة والمعارضة بما يمكن وصفه بالعمى السياسي وكأن اليمن تتحرك أو تتقدم في الطريق المسدود حتى التوافق القائم وفقا لمعناه الظاهر لا يعي ولا يدرك إلي أين تتجه اليمن. بمعنى أن البلد قيادة وشعبا وبما في ذلك حكومة الوفاق تبد هي الأخرى لا تعلم إلي ما ستؤول إليه الأوضاع السياسية الجارية في البلد وسط تداعيات أثار الأزمة السياسية التي مازالت قائمة بل انتقلت بخطوات ثابتة نحو المؤسسة العسكرية وما تعانيه من شد وجذب واضحين . وقد كان المعول علي الثورة الشعبية بحسب المصطلح المتداول لتلك التسمية بالوسطين السياسي والإعلامي سيما بعد تشكيل حكومة الوفاق أن يتم اصلاح الأوضاع الاقتصادية غير أن الملاحظ خلافا لذلك خاصة بعد نشوب أزمة بين تلك الحكومة وأعضاء البرلمان علي إثر رفع أسعار المشتقات النفطية وكان وزراء المشترك بما في ذلك وزير المالية أكثر حماسا لرفع أسعار المشتقات النفطية فيما واقع الاقتصاد اليمني لم يعد يتحمل أي جرع إضافية وقد كان طرفا في الحركة السياسية خاصة حزب الإصلاح يوهم المواطنين بأنه سيقدم حلول ومعالجات للازمة الاقتصادية . لكن ما هو حاصل أن جرعة اقتصادية تم تمريرها وقد طالت معظم أسعار السلع والخدمات الأساسية زهو مايدل أن اتجاه اليمن في ظل الأزمات القائمة واستشراف مستقبل البلد ربما يكون ذلك تحت سمع وبصر العامل الخارجي المهيمن علي السياسة المحلية بمعنى أن سفراء الدول الخارجية لديهم إطلاع ومعرفة بالشأن اليمني أكثر من اليمنيين أنفسهم بما في ذلك الذين يصفون أنفسهم بأنهم سياسيين أو أعضاء بحكومة الوفاق بينما هم في الحقيقة مثل بقية المواطنين يجهلون واقع ما ستؤول إليه الحالة اليمنية حاضرا ومستقبلا وذلك مسألة طبيعية لأن القوى الخارجية هي التي تحدد لهم ما يجب وما يكون وهي كذلك من ترسم لهم البرامج والإستقطاطيات علي الصعيدين الاقتصادي والسياسي. ولعل ابرز دليل علي ذلك دونما مبالغة أن السفراء الأجانب أصبحوا يتابعون الشئون اليمنية بدقة متناهية أكثر من الجهات المعنية في الحكومة مما يجعل من ذلك صعوبة أي قرأه سياسية من الجانب اليمني لأن العامل الخارجي هو المتحكم في إدارة تلك السياسة وهو الذي يقوم بترتيب أوراقها وتحديد مساراتها وهو ما يكون من نتائجه تعطيل العملية السياسية وليس ذلك فحسب وإنما ينعكس ذلك أيضا علي الحالة الاقتصادية العامة والتي تزداد تدهورا مستمرا برغم أن أحزاب اللقاء المشترك وتحديد حزب الإصلاح كان دائما مع علمائه ما يشكوا من الأوضاع الاقتصادية ومن الجرع المتواصلة والتي طالت جميع السلع حتى أن تدهور أوضاع الناس كان سببا في اندلاع الاحتجاجات الشعبية وتطورت فيما بعد إلي ما أسموه بالثورة الشعبية وكأن القائمين علي تلك الثورة هم أنفسهم القائمين علي الأزمة عبارة عن شريحة قليلة تمتلك ثروات هائلة وتتقاضى أموال من الداخل والخارج تحولوا فجأة إلي ثوار فيما يشكون من تدهور الأوضاع الاقتصادية والتي زادت أكثر من ذي قبل في عهد حكومة الوفاق خاصة وأن وزير المالية صخر الوجيه سبق وأن قال في مجلس النواب بعد تشكيل تلك الحكومة بأنهم سيتخلصون من سياسة الجرع وأن النظام السابق قد أثقل الشعب اليمني وهو المتسبب الوحيد في تدهور الاقتصاد ووعد أن اليمن في عهده ستكون مثل سنغافورة واحة للاستثمار والزراعة ومنارة للتنمية والاستقرار لكن اتضح أن تلك الشعارات كانت غارقة في الوعي الزائف بدليل أن موجة الأسعار تصاعدت أكثر من ذي قبل وزاد رجال المال والأعمال الذين هم من القائمين علي الثورة والأزمة زادوا ثرا وبعد أن كانت استثماراتهم داخل البلد وخارجها صارت في توسع مفحش وقد كان الأحرى بوزير المالية إصدار قانون الذمة المالية لمعرفة أملاك التجار الذين هم وزراء في الحكومة وكذا أيضا رئيس الوزراء بعدما كان عضوا بارزا في النظام السابق. لذلك فأن مصلحة مثل هؤلاء التجار ورجال الأعمال الذين يوجهونهم أن تزداد الأوضاع الاقتصادية تدهورا وأن ترتفع الأسعار وذلك أمرا لا يهمهم بقدر ما يهمهم بقاء استثماراتهم داخل البلد وخارجها لأنها الضامن الأساسي لبقاء الأزمة الاقتصادية سيفا مصلطا علي رقاب المواطنين. وكلما زاد أولئك ثرا زاد فقر الشعب اليمني ؟ والذين كانوا ينتقدون الجرع الاقتصادية يواجهون اليوم الجرع الاقتصادية بصمت مريب وبرغم أن الجوع كافر لكنهم يفرقون بين تلك الجرع وكأنهم يريدون إقناعنا بأن الجرع السابقة لذلك النظام السابق غير الجرع الجديدة التي تعد من صميم الدين والعقيدة لأن القناعة كنز لا يفنى . هكذا يفلسفون النهب المنظم لثروة الشعب وقد كانوا شركاء أساسين وتجار فعليين في النظام السابق والآن رجال أعمال ومستثمرين بل وموجهين للحكومة فضلا عن الوزراء لكي تستمر حالات الأزمة قائمة وبالتا كيد فأن مثل هؤلاء يطلق عليهم سماسرة الداخل وعملاء الخارج وهم الغرماء الحقيقيين لليمن وشعبه البائس وهو ما يجعل الحالة ملحة بالظرف الراهن إلي ثورة علي حكومة الوفاق وتشكيل حكومة إنقاذ للاقتصاد الوطني.