دمشق: أفاد مسؤولون سوريون ودبلوماسيون أن تركيا اقترحت في الصيف الماضي على السلطات السورية إشراك الإخوان المسلمين في الحكومة مقابل دعمهم لوقف حركة الاحتجاج. واكد دبلوماسي غربي لوكالة الأنباء الفرنسية انه "منذ حزيران/يونيو دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الرئيس السوري بشار الاسد الى تشكيل حكومة، يكون فيها ربع او ثلث الوزراء من الاخوان المسلمين، مقابل التزامهم باستخدام نفوذهم لوضع حد لحركة التمرد التي تهزّ البلاد". لكن "الرئيس السوري رفض ذلك الاقتراح"، على ما اضاف. وما ان تولى حزب البعث السوري الحكم سنة 1963 حتى حظر جماعة الاخوان المسلمين المنبثقة في 1945 من توحيد جمعيات اسلامية محلية تأسست تحت الانتداب، وحاولت الجماعة تنظيم انتفاضة ضد الرئيس الراحل حافظ الاسد، لكنها فشلت، فقمع الجيش الإسلاميين بقوة سنة 1982 في حماه، في شمال البلاد، ما اسفر عن سقوط عشرين الف قتيل. ويعتبر القانون رقم 49 الصادر في تموز/يوليو 1980، والذي ما زال ساريًا، كل من ينخرط في جماعة الاخوان المسلمين "مجرمًا" يستحق أن ينزل به حكم الإعدام. وقد قبع الآلاف منهم في السجون لعقود، ولم يفرج سوى عن عدد قليل منهم. واكد دبلوماسي اوروبي فضل عدم كشف هويته ان "الاتراك اقترحوا أول الأمر أن يتولى الإخوان المسلمون أربع وزارات كبيرة، موضحًا انهم يشكلون طيفًا من الاطياف السياسية في البلاد". وفي التاسع من اب/اغسطس نقل وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو رسالة من الرئيس عبد الله غول، طلب فيها من زميله السوري عدم الانتظار حتى فوات الأوان لإنجاز اصلاحات ديمقراطية. وقال لبشار الاسد "ان قيادتكم للتغيير ستجعلكم تتبوأون مكانت تاريخية بدلاً من أن تعصف بكم رياح التغيير". وافاد مسؤول سوري مطلع على الملف أنه خلال محادثات استمرت ست ساعات، طلب احمد داود اوغلو "عودة الاخوان المسلمين الى سوريا". واضاف ان "الرئيس الاسد رد عليه بالقول إنه يمكنهم كأشخاص العودة كأي شخص يتمتع بالجنسية السورية، لكن ليس مطلقًا كحزب، لانه تشكيل طائفي لا تتلاءم افكاره مع الطابع العلماني لسوريا". ويعدّ هذا البلد، البالغ عدد سكانه 22 مليون نسمة، المتعدد الأديان، الذي كان مهد المسيحية، غالبية من المسلمين السنة، واقلية من العلويين (الشيعة) التي يتحدر منها رئيس الدولة وكنائس مسيحية عدة. وأدى رفض الاقتراح التركي الى القطيعة بين الجارين الصديقين، وفي 28 اب/اغسطس، اعلن الرئيس غول ان تركيا "لم تعد تثق" بنظام الاسد. وافادت مواقع عدة على الانترنت ان الرئيس السوري قال أخيرًا خلال لقاء مع وفد جمعيات مسيحيي الشرق انه "يرفض أن تحلّ العثمنة محل العروبة، وان تصبح أنقرة مركز قرار العالم العربي، او ان تترك الساحة للأحزاب الدينية، فيسيطر الاخوان المسلمون ومركزهم الرئيس في انقرة على المنطقة". وردا على سؤال فرانس برس حول مشاركة الاخوان المسلمين في الحكومة، افاد مصدر في وزارة الخارجية التركية "انها المرة الاولى التي اسمع فيها بهذا، لكننا دائمًا نقول (للحكومة السورية) انكم اذا لم تتقاسموا السلطة عبر الانتخابات، واذا لم تقوموا باصلاحات (...) فان الامور ستصبح صعبة بالنسبة اليكم". معارضو الداخل السوري يرفضون الانضمام الى المجلس الوطني من جانب آخر، أكد الكاتب ميشيل كيلو لوكالة الأنباء الفرنسية الخميس ان معارضي الداخل الذين اجتمعوا في منتصف ايلول/سبتمبر قرب دمشق لا ينوون الانضمام الى المجلس الوطني السوري، الذي أعلن عن تأسيسه في اسطنبول، لان هذه الهيئة منفتحة على فكرة "التدخل الاجنبي". وقال كيلو في مقابلة في منزله في دمشق ان "المعارضين المجتمعين في المجلس الوطني يؤيدون تدخلاً اجنبيًا لحلّ الازمة في سوريا، بينما المعارضون في الداخل هم ضد" هذا التدخل. وميشيل كيلو (71 عامًا) من اهم شخصيات المعارضة لنظام البعث الحاكم في دمشق منذ 1963. وقد سجن من 1980 الى 1983 ثم من 2006 الى 2009. وقال "اذا قبلت فكرة التدخل الاجنبي فسنذهب باتجاه سوريا موالية لأميركا، وليس باتجاه دولة حرة وتتمتع بالسيادة". واضاف ان "طلب تدخل اجنبي سيفاقم المشكلة، لان سوريا ستدخل في عنف مسلح والطائفية ونحن في الداخل نعارض ذلك". وتضم اللجنة الوطنية للتغيير الديموقراطي، التي اجتمعت في 17 ايلول/سبتمبر قرب دمشق، احزابًا "قومية عربية" واكرادًا واشتراكيين وماركسيين وشخصيات مستقلة، مثل ميشيل كيلو والاقتصادي عارف دليلة. وانتخبت اللجنة مجلسًا مركزيًا يضم ثمانين عضوًا، 25 بالمئة منهم من "الشباب الثوريين" الذين اطلقوا الحركة الاحتجاجية.