تؤكد تقارير أمنية وأخرى محلية يمنية ارتفاع معدلات توافد الجماعات الارهابية لليمن وأنشطة التجنيد الداخلية بنسب خرافية مرعبة بلغت ذروتها خلال شهر ديسمبر الماضي، واتساع خارطة انتشارها لتشمل نحو ثلثي المحافظات اليمنية، وسط ترقب مخيف لانفجار حرب مذهبية شمال اليمن، فيما تعقد الولاياتالمتحدة ىمالها على صفقات "سرية" مع جهات متنفذة تأمل انقاذها من المأزق. ففي الوقت الذي لم يكن حجم الجماعات الارهابية في اليمن يتجاوز يتجاوز (350- 400) عنصراً حتى مطلع العام 2011م- وفق تقديرات رسمية يمنية- وجميعهم من جنسيات يمنية وسعودية وبعض الصوماليين، فإن التقارير الأمنية للربع الأخير من العام نفسه كشفت عن مقاتلين من جنسيات جديدة بين القتلى في "زنجبار" و"الكود" من محافظة أبين التي تحتلها القاعدة ، بينهم: جزائريين، ومغاربة، وعراقيين، وبحرينيين، ونيجيريين، وموريتانيين، وباكستانيين بجانب اليمنيين والسعوديين؛ في مؤشر قوي على تحول اليمن قبلة جديدة تحج إليها الجماعات المتشددة لأداء "الفروض الجهادية"، بعد قصم ظهر تنظيماتها في أفغانستان والعراق. وفيما ظلت الأضواء مسلطة على أنشطة القاعدة في الجنوب، فإن مصادر "نبأ نيوز" تؤكد زحفها بقوة نحو الجوف وصعدة في الشمال بدءً من أبريل الماضي، لتتخذ من مناطق بمديرية "كتاف" بصعدة مركزاً جديداً للتواجد يشهد توافداً كبيراً للمتشددين الذين تتولى جمعيات ذات غطاء ديني استقدامهم من مختلف أرجاء العالم مقابل (2000) دولار أمريكي للواحد، في إطار التهيئة لتفجير حرب مذهبية بمواجهة الحوثيين "الشيعة" في تلك الجهات. وبحسب تقديرات "غير رسمية" لمصادر أمنية مطلعة ل"نبأ نيوز" فإن حجم الجماعات الارهابية في اليمن تجاوز مع نهاية العام 2011م (8000) عنصراً- أي أكثر من عشرين ضعف عددها بداية العام نفسه. وتشير إلى أن حواضن الارهاب، من المتعاطفين الذين يقدمون دعماً لوجستياً للقاعدة، هم ضعف العدد المذكور بنحو ثلاث مرات، وعدد كبير منهم مرشح للانخراط في صفوف التنظيم بمجرد اشتعال أي مواجهة مع القاعدة في نطاقه الجغرافي. وطبقاً لتقارير ميدانية محلية وأخرى أمنية قامت "نبأ نيوز" بجمعها، فإن القاعدة نجحت في التمركز والانتشار في نحو ثلثي المحافظات اليمنية، وبنسب متفاوتة.. ففي الوقت الذي تتخذ من "أبين" الجنوبية ذات التضاريس الوعرة جداً معقلاً رئيسياً بعد احتلالها لمعظم أجزائها، فإن نفوذها يتشابك أيضاً مع معاقلها في "بلاد العوالق" من محافظة شبوة التي قتل فيها الأمريكيون الداعية أنور العولقي. وكذلك تتشابك مع معاقلها في "وادي حضرموت" و"تريم" و"المكلا" من محافظة حضرموت.. كما مدت القاعدة نفوذها بمحاذات ساحل أبين حتى بوابة مدينة "عدن" التي تحتفظ بداخلها بخلايا ناشطة نفذت مؤخراً سلسلة عمليات استهدفت قادة أمنيون وحكوميون. كما تحتفظ القاعدة يتواجد كثيف ونشط جداً في محافظة "مأرب" شملت معظم أجزائها وصولاً إلى منطقة "العين" التي تعتبر الريان الذي يغذي "شبوة" بالمدد "الجهادي". كما تعتبر القاعدة في مأرب شريان تغذية محافظة "الجوف" الشمالية بالجهاديين، حيث تحولت بعض مناطق الجوف مثل "المتون" إلى معاقل خطيرة للقاعدة ، وأصبحت منطقة "برط" المتاخمة للسعودية أهم محطات تصدير الارهتابيين إلى محافظة "صعدة"؛ والتي تحولت هي الأخرى إلى منطقة الخطر الثانية بعد أبين، حيث تم استحداث معسكراً كبيرة في "وادي آل أبو جبارة" جنوبي قرية "العطفين"، وأنشيء مقراً قيادياً في قرية "المجزعة" التي تعتبر من أولى ملاذات القاعدة بمحافظة صعدة. ولا يقتصر تواجد الجماعات الارهابية على تلك المحافظات، فالقاعدة متواجدة بشكل مؤثر في "الحبيلين" و"الحوطة" من محافظة "لحج" الجنوبية. كما حققت تواجداً ملفتاً بمحافظة "البيضاء" عبر منطقة "مكيراس" حتى وصلت مطلع الأسبوع الجاري منطقة "رداع" واستوطنت في قلعتها والمدرسة العامرية وتتقدم الآن باتجاه مديرية "دمت".. ومؤخراً كثفت القاعدة من تواجدها في "أرحب" التابعة لمحافظة صنعاء والتي لا تبعد سوى بضع كيلومترات عن العاصمة حيث المعاركة تدور بمواجهة قوات الحرس الجمهوري، وحيث الشيخ عبد المجيد الزنداني المتهم أمريكيا بالارهاب. • ربيع القاعدة • إن تنامي نفوذ القاعدة في اليمن خلال 2011م جاء متزامناً مع وصول رياح ما يسمى ب"ربيع الثورات العربية" إلى اليمن، إذ أصبحت هي المستفيد الأكبر من الأحداث، وذلك من خلال الحقائق التالية: • رفعت القوى المعارضة للرئيس صالح شعار (إسقاط المعسكرات والمقار الحكومية)، وقد قاد ذلك إلى تعرض العديد من المعسكرات والمراكز الأمنية للإنهيار والنهب الكامل، وبالتالي حدوث فراغ أمني أطلق الأبواب للقاعدة للتحرك بحرية، وأسهم في وصول كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة لأيديها، مما جعلها ذلك نداً لقوة الدولة. • قادت التعبئة المكثفة ضد الجيش والأمن إلى استهدافهما وتضييق نطاق تحرك الوحدات الأمنية والعسكرية والدوريات، جراء التقطع لها وقتل الضباط والجنود ونهب المركبات، مما حول مناطقاً عديدة إلى مراكز نفوذ إرهابي مغلقة أمام أجهزة الدولة. • انضمت التيارات الدينية المتشددة لساحات الاعتصامات، وفرضت نفوذها داخلها، مما جعلها أمام فرصة تأريخية لاستقطاب الشباب وتجنيدهم في صفوفها، خاصة وإن ما كانت تقوم به بمشقة بالغة من استهداف المؤسسات والمعسكرات وقتل المسئولين الحكوميين بات مباح علنياً تحت شعارات ثورية، وتعبئة عدوانية وجد المتشددون الزمان والمكان المناسبين لغرسها في رؤوس الشباب. • أوجدت الصراعات الداخلية بين قوى المعارضة المختلفة مسوغاً لبعضها للتحالف مع القاعدة، خاصة بعد دخول الصراع مرحلة الفرز المذهبي للقوى السياسية. ورغم أن حرب صعدة السادسة تخللتها معارك بين الحوثيين "الشيعة" وأهالي "دماج" السلفية، إلاّ أن تداعيات الأزمة السياسية اليمنية الراهنة ومقتضياتها الاقليمية حولت المناوشات بين الطرفين الى "قميص عثمان" الذي يطوف به السلفيون أمصار اليمن والعالم بأوسع حملة تعبئة ضد الشيعة "الحوثيين"، والتي توجها مدير "دار الحديث" بدماج بفتوى هدر دماء الشيعة، واعتبر قتلهم "من أحب الأعمال التي يتقرب بها المرء لله تعالى".. وقد وصل الأمر أن يرفع المتظاهرون في سوريا لافتة تقول: (دماج تحت الحصار، وسوريا تحت الحصار، والعدو واحد هو إيران)!! هذه الحملة التكفيرية فتحت شهية القوى المتشددة في مختلف أرجاء العالم للحج إلى اليمن تأهباً للتقرب إلى الله تعالى بأحب الأعمال إلى نفسه وهو سفك دماء الشيعة- على حد قول الجماعات السلفية.. وقد صاحب ذلك تدفق أموال طائلة من دول الجوار اليمني لتمويل الجماعات المتشددة، وهو ما أثار مخاوف النظام السعودي من أن تقود أي حرب مذهبية خلف حدوده إلى امتداد ألسنتها إلى مناطقه الشيعية- طبقاً لما أخبر به "نبأ نيوز" أحد المسئولين السعوديين في محافظة "جازان"! إن كل المؤشرات التي قرأتها "نبأ نيوز" في تفاصيل تقاريرها تؤكد أن تنظيم القاعدة في اليمن يتأهب لمخطط كبير قد يقلب كل طاولات الحسابات السياسية، خاصة وأن خصوم النظام ما زالوا يرفضون الاعتراف بوجود القاعدة، ويقللون من شأن خطورتها، وربما ينتظر بعضهم دخولها ل"غرف النوم" ليصدق!! المصدر : نبا نيوز