نت – يبدو أن السعودية في طريقها لخسارة حليفها الخليجي المهم في عدوانها على اليمن، فالإمارات التي أعلنت أمس انسحابها من اليمن على لسان خارجيتها، تعتبر ثاني أكبر دولة من حيث المشاركة بقوات جوية في عملية "عاصفة الحزم" التي بدأت في 26 مارس الماضي، وتحولت إلى عملية "إعادة الأمل" في 22 إبريل. الإمارات وإعلان الانسحاب أكد أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أن الحرب في اليمن انتهت عمليًّا، مضيفًا أنه تم رصد الترتيبات السياسية لتمكين الشرعية من إدارة الخدمات الأساسية وتحسين أدائها، ورصد إرهاب القاعدة المدعوم من الإخوان المسلمين الذي يستفيد من غياب الدولة لإيجاد إمارة إرهابية في المكلا التي تم ضربها بشدة في عملية من أنجح العمليات ضد الإرهاب لم تستطع دول كبرى القيام بمثلها. كما شدد على أن التدخل العسكري أنجز كل المطلوب، وبقي الانفراج السياسي، وذلك يقع على عاتق اليمنيين أنفسهم. ونقلت تغريدة نشرت على حساب ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد عن قرقاش قوله "موقفنا اليوم واضح، لقد انتهت الحرب بالنسبة لقواتنا من الناحية العملية، وننظر الآن في الترتيبات السياسية، ودورنا السياسي ينحصر في مساعدة وتمكين اليمنيين في المناطق المحررة". توقيت الإعلان الإماراتي يتزامن توقيت الإعلان الإماراتي بالانسحاب من اليمن مع مجموعة من الكوارث لحقت بطاقمها العسكري في اليمن، حيث تحطمت الاثنين الماضي مقاتلة إماراتية من طراز ميراج الفرنسية، وقتل طياراها إثر "عطل فني" خلال مهمتها في اليمن. وفي نفس اليوم أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية عن سقوط مروحية عسكرية ضمن قواتها المشاركة في قوات التحالف العرب. وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها الإمارات فقدان طائرة حربية منذ بدء عمليات التحالف في اليمن أواخر مارس 2015، الأمر الذي يراه مراقبون انتهاء للعمليات الإماراتية العسكرية في اليمن، وهو ما قد يكون رسالة لتهدئة الرأي العام الإماراتي بعد الخسائر التي منيت بها في اليمن. وما يثير الانتباه في توقيت الإعلان الإماراتي هو أنه تزامن مع زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للولايات المتحدةالأمريكية، ما يستدعي وجود احتمالين لهذا القرار، الأول بأن الإمارات لم تنتظر عودة بن سلمان ومحادثاته الجارية حاليًّا في واشنطن، وبالتالي لم تطلع السعودية على قرارها، ما يعكس خلافًا سعوديًّا إماراتيًّا في اليمن، وهذا الاحتمال ستكشفه الأيام القليلة القادمة، أو أن الموقف الإماراتي بالانسحاب جاء بالتنسيق مع واشنطنوالرياض، خاصة أن هناك تلميحات سعودية بأن الرياض ستنسحب هي الأخرى من اليمن. ويرى مراقبون أن مجرد قبول السعودية لإجراء مفاوضات سياسية مع حركة أنصار الله في الكويت هو أول مسمار يدق في نعش انتهاء العدوان السعودي الذي كان يسعى لتقديم الحلول العسكرية لحسم الأمور في اليمن، ويتمثل ذلك بوضوح في الضغوط الهائلة التي تمارسها السعودية على الوفد الحكومي اليمني التابع لها بقيادة عبد ربه منصور هادي، بإجباره على عدم الانسحاب من المفاوضات اليمنية. ويبدو أن توقيت القرار الإماراتي بالانسحاب من اليمن سيمنح حركة أنصار الله قوة إضافية، خاصة في المفاوضات الجارية في الكويت، فبانسحاب الإمارات من اليمن، تكون المملكة وحيدة في الميدان اليمني، الأمر الذي سيجبرها على محاولة الخروج من اليمن بأقل الخسائر الممكنة وبأسرع وقت، خاصة بعد رفع الغطاءين الدولي والحقوقي عن اعتداءات السعودية في اليمن، كاتهامها بانتهاكات حقوقية، وحظر بيع السلاح لها من قبل الاتحاد الأوروبي. السعي الإماراتي لتقسيم اليمن يرى مراقبون أن القرار الحاسم الذي نوهت به الإمارات، والذي ينتظر المناطق المحتلة من قوى العدوان هو قرار الانفصال، وهو ما قصده قرقاش، وتسعى دولة الإمارات المشاركة في العدوان للترتيب للانفصال، حيث تدفع قوى في الحراك الجنوبي، محسوبة على الإمارات، إلى تحويل الانفصال إلى حقيقة، بعدما حددت قوى جنوبية موعدًا لإعلان الانفصال عن صنعاء، متجاهلة كل العقبات التي تجعل إمكانية تحقيق هذه الخطوة بعيدة المنال. وبالفعل حدّد رئيس «المجلس الأعلى للحراك الثوري السلمي في جنوباليمن»، صالح يحيى سعيد، يوم 21 مايو الماضي موعدًا لإعلان انفصال الجنوب عن دولة الوحدة، ولم يحدث، وعلى الرغم من أن اللحظة مواتية لتحقيقه، إلا أن المعطيات تقول بصعوبة تحقيق هذه الخطوة، ومنها تفكك القوى الجنوبية وغياب قادتها عن الساحة. الخلاف السعودي الإماراتي في اليمن سعي الإمارات لانفصال اليمن يصطدم مع الرؤية السعودية، فالسعودية تشدّد دومًا في مواقفها العلنية على «وحدة اليمن» كجارة لصيقة بالمملكة، فوحدة اليمن عامل استقرار للملكة. ولا يقتصر الخلاف الإماراتي السعودي على فكرة الانفصال، فالخلاف السعودي الإماراتي تمثل في إبعاد الرياض لخالد البحاح الموالي للإمارات عن الحكم في اليمن، كما أن كل دولة تدعم أطرافًا متناحرة فيما بينها في اليمن، فالسعودية تميل لدعم الإخوان المسلمين في اليمن، بينما الإمارات تدعم حركات أقرب للسلفية الجهادية، كما أن هناك خلافًا بين الرياض وأبو ظبي على مناطق النفوذ في اليمن. خسائر الإمارات في اليمن تكبدت الإمارات خسائر في العمليات العسكرية في اليمن، حيث لقي أكثر من 63 عسكريًّا إماراتيًّا مصرعهم منذ بدء عملية "عاصفة الحزم"، والتي استمرت 27 يومًا، تلتها عملية "إعادة الأمل" المستمرة حتى الآن؛ لتصبح هي ثاني أكبر دولة من حيث الخسائر في الأرواح بعد السعودية، حسبما هو معلن من بيانات رسمية. من الوارد أن يشكل الانسحاب الإماراتي من اليمن تمهيدًا لانسحاب الرياض من المشهد اليمني، ولكنه لن يكون بسهولة الانسحاب الإماراتي البعيدة جغرافيًّا عن اليمن، فصنعاء تشكل عمقًا استراتيجيًّا للسعودية، وعلى الرياض حتى تستطيع الانسحاب من المستنقع الذي ورطت نفسها فيه أن تجد حلولًا للحركات الإرهابية كالقاعدة وداعش التي بدأت تنتشر في اليمن المتاخمة لحدودها. * نقلاً عن موقع البديل