القرار الاممي رقم 2140 الذي أصدرته الأممالمتحدة في 25 فبراير الماضي صدر لغاية ذات شقين الأول يستهدف تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشمل والثاني هو توجيه رسالة لكافة الأحزاب والتنظيمات السياسية وغيرها من المكونات التي شاركت في الحوار ووافقت على مخرجاته بان اية محاولة من قبل هذا الطرف او ذاك لإعاقة التنفيذ ستواجه بعقوبات قاسية حتى لا تعود البلاد الى المربع الأول، وعقب صدور القرار تباينت المواقف وتعددت ردود الأفعال من قبل ذات المكونات التي شاركت في الحوار فمنهم من ذهب الى ان القرار يؤسس لما يعرف بالوصاية ومنهم من ذهب الى انه – قياسا بتضمينه تشكيل لجنة أممية لمراقبة تنفيذ المخرجات- يعتبر تدخلا سافرا في ش.ئون البلاد وانتقاصا بقدرات وملكات الصفوات والنخب والكفاءات اليمنية التي ستضطلع بمهام الانتقال بالمخرجات من حيزها النظري الى واقع الفعل وهناك من قال بان القرار تضمن حكما استباقيا يشير بصريح العبارة إلى ان هناك طرف هو الضالع بتعويق ذلك التنفيذ وقبل ان أفند تلك المواقف بالاتفاق او الافتراق أود الإشارة هنا الى ان مجلس الأمن بادر بإصدار ذلك القرار بالاستناد الى ما توفرت لديه من معلومات اكدت له بان العبرة لا تكمن في الحوار ومخرجاته وإنما بتنفيذها على ارض الواقع كعقد اجتماعي ملزم لكافة الأطراف ويقيس ذلك بما صاحب وواكب الحوار من مناكفات مبررها انها لم تؤدي الى تنفيذ نصوص المبادرة الخليجية خلال المدى الزمني المحدد لها بل ان معظم ما ورد فيها –أي المبادرة- التي تشتمل أيضا على بند للعقوبات لم تنفذ بحذافيرها فالتوترات ما زالت تتواتر وعدم الاستقرار على الصعيدين الرسمي والمجتمعي ما يزال يعيق حركة الدولة والمجتمع "اقتصاديا وامنيا وخدماتيا وتجانسا" والمطالب الحقوقية مازال تلبيتها بحاجة الى وقت طويل وإمكانات موازية والشارع مازال يتحرك هنا وهناك عن عدم رضائه باداء الحكومة التي صارت جراء تأخير تنفيذ المبادرة الخليجية اشبه ما تكون بحكومة تجفيف الأعمال الأمر الذي افقدها ثقة الشارع والمانحين وبالعودة الى تخوف البعض من القرار الاممي 2140 وذهابه الى القول بان مصدر ذلك التخوف توقعهم بان القرار جاء متجاوزا للمبادرة الخليجية واليتها المزمنة التي نصت على ان الحوار الشامل سيكون تحت سقف الوحدة وبان القرار قد يقود أجلا ام عاجلا الى فرض الوصاية على كل او بعض الأقاليم اقول بان ذلك البعض للأسف لم يفرق بين الحماية والانتداب والتبعية والوصاية او انه لم يجهد نفسه بمعرفة الهوة الفارقة بين تلك الأنساق، فنظام الوصاية طبقا لميثاق الأممالمتحدة يختلف كليتا عن النظام الذي وضعه الميثاق الخاص بالمستعمرات حيث ان نظام الوصاية تدخل تحته الاقاليم التالية: 1- الأقاليم والدول التي كانت تحت الانتداب وقت صدور ميثاق الأممالمتحدة. 2- الأقاليم التي ستنفصل عن دول الاعداء نتيجة للحرب العالمية الثانية. 3- الأقاليم والمستعمرات التي تضعها الدول المسؤولة عن إدارتها تحت الوصاية بمحض إرادتها ولمزيد من تبديد تلك التخوفات اورد هنا ان الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت في 14 ديسمبر 1960 اعلانا قضا بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة وفي 1961م أنشأت الجمعية العامة لجنة خاصة من 17 عضوا لبحث تنفيذ إعلان 1961م، إلا ان استقلال الدول المستعمرة لم يكن بفعل تلك الإعلانات وانما بفعل تضحيات ونضالات الشعوب. اما فيما يتعلق بأهداف نظام الوصاية فهي: 1- توطيد السلم والأمن والتعلم. 2- العمل على ترقية سكان الأقاليم في السياسة والاجتماع بتقدمهم. 3- التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين. 4- كفالة المساواة بالمعاملة في الأمور الاجتماعية والاقتصادية والتجارية بين هذه الأقاليم، وتلك الأهداف لم قرأ او يقرأ ميثاق الأممالمتحدة وضعت قبل عام 1961م وبالتالي فان لجنة العقوبات التي ستتولى طبقا للقرار الاممي 2140 مراقبة تنفيذ المخرجات، ومعاقبة من يقوم بتعويقها وهنا ياتي دور كافة المكونات في إثبات اقتدارها على سن وصناعة القرار بإرادة يمنية صرفة تنفيذا للمادة 7 الواردة في وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار والتي تنص وبالحرف "التزام الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بالعمل الجاد لتنفيذ مخرجات المؤتمر في سياساتها وأنشطتها وفعالياتها المختلفة".
التحريضات والاسقاطات لقد نصت مبادئ وثيقة المخرجات على ان الشعب بمجمل مكوناته وشرائحه شركاء في وضع الأسس وشركاء في التنفيذ وبالتالي فان اللجنة المناط بها رصد معوقات المخرجات ومن يقف ورائها لا يعني ان اللجنة ستضطلع بمهام الانتقال بالمخرجات الى ارض الواقع إلا انها ستعجل بالتنفيذ لها بعيدا عن المعوقات فتأسيس الدولة وإجراء الانتخابات مازالت بحاجة الى مهام تشريعية وإجراءات قانونية مطلوب تنفيذها ومنها إصدار التشريعات اللازمة والتهيئة لانتقال البلاد من الدولة البسيطة الى الدولة الاتحادية وفقا للدستور الجديد الجاري صياغته ومنها قانون الأقاليم وتشريعاتها وقوانين الإدارة المحلية فيها وقوانين تقسيمها الى وحدات محلية وغير ذلك من القوانين والتشريعات وفي نظرنا بان التراشقات الاستباقية فيما يتعلق بالقرار الاممي قد لا تكون لها ايجابيات اذا تجاوزت "فن الممكن" من منطلق ان فكرة الاقاليم برغم صدور قرار رئاسي بها لم تعد مشروعا قابلا للتطوير وامتصاص الاحتقانات وازلة التراكمات من كون الجميع كما أسلفنا مسؤولين بوضع الأسس لبناء الدولة وشركاء في التنفيذ وباعتقادنا ان الوعي والتوعية بمحاسن ومساوئ التحولات كان يفترض ان يستبق تلك النصوص المجمع عليها ولكن القيادة السياسية ممثلة بالرئيس هادي من خلال تهانيها المحسوب في إصدار القرارات ذات العلاقة بالمخرجات لم ولن تتردد عن الانتقال بالمخرجات من حيزها النظري الى واقع الفعل لان الانتقال من الدولة البسيطة الى الاتحادية هدفه الحد من المركزية المفرطة وما ساد في بلادنا من توزيع غير عادل للثروات والخدمات وما الى ذلك من اختلالات جاء الحوار ومخرجاته بهدف توليد ما يغاير ذلك من خلال انتقال سلمي محسوب سيراعى من خلاله عدم تمزيق اليمن وتفتيته كما قد يتبادر الى ذهن البعض. وهذا الامر يستوجب التوقف الكامل عن ممارسة المناكفات والتحريضات والاسقاطات. من جانب آخر تضمن القرار الاممي دعوة وسائل الإعلام الجماهيري بالتوقف عن التحريضات والتحريضات المضادة من كونها كما كانت عليه قبل انعقاد مؤتمر الحوار تثير حفيظة الأطراف المتخاصمة وتتجاوز أدب الخلاف بل ويتولد عنها نشر ثقافة الكراهية التي بدورها ستؤثر بالسالب على التماسك والسلم الاجتماعيين وترفع من وتيرة المشاحنات التي سرعان ما تتحول الى مواجهات لا تسمن ولا تغني من جوع وباعتقادنا بان تلك الوسائل الإعلامية إذا لم تتوقف عن مثل تلك الخطابات فان العقوبات يفترض ان تطال أصحابها من قبل اللجنة المكلفة من مجلس الأمن.
توافقيه أو تكنوقراطية ومن يتمعن بما ورد في القرار الاممي السالف الذكر سيجد بان الأممالمتحدة لم تحصر قرارها في قضية العقوبات التي قد تتخذ ضد معرقلي مخرجات الحوار وانما أشارت الى الصعوبات التي دفعت بها لسن وإصدار ذلك القرار وركزت بدرجة أساس على الصعوبات الاقتصادية التي حالت شحتها ومحدوديتها دون تمكن حكومة الوفاق من اداء واجبها بصورة تكفل تحسين الحياة المعيشية للمواطنين ومعالجة قضايا البطالة والتخريب للبنى التحتية والقضاء على الفساد ولذلك طالبت الاممالمتحدة كافة الدول المانحة بسرعة الوفاء بدفع ما كانت قد التزمن بها من مساعدات ولو طالعنا ما تضمنته وثيقة الحوار وضمانات تنفيذها سنجد بان التنفيذ للمخرجات بحاجة الى أموال طائلة ليس بمقدور الدولة مواجهة متطلبات ذلك التنفيذ في حالة عدم وفاء الدول المانحة بدفع ما التزمت بها من مبالغ بل ان الدولة او الحكومة سواءا كانت توافقيه أو تكنوقراطية او غيرها من المسميات لن يقف دورها امام حتمية قيامها بتنفيذ مخرجات الحوار وانما سيكون على عاتقها مسؤولية تجاه توفير الخدمات لأفراد المجتمع وانجاز تلك المسؤولية يتطلب وفرة الإمكانات المادية التي تساعدها على الوفاء بواجبها. بمعنى انها ستكون اشبه بالمحارب الذي يخوض المنازلات عبر ممرين "ممر التنفيذ للمخرجات وممر الوفاء بالواجبات" وفي مقدمتها توفير الأمن الغذائي والكسائي والدوائي، وبالتالي فقد صدر القرار الاممي بهدف مساعدة اليمنيين على الانتقال بمخرجات الحوار بعيدا عن افتعال هذا الطرف او ذاك لأية معوقات او عراقيل قد تحول دون تنفيذها، وعلى كافة المكونات السياسية ان تعي جيدا بان لجنة العقوبات التي سيشكلها مجلس الأمن طبقا لقراره السالف ستضع تلك المكونات او غيرها من الصفوات والنخب أمام خيارين لا ثالث لهما، اما الكف عن العرقلة، واما تحمل تبعات العقوبات..
* نقلا عن أسبوعية "حشد" العدد 363 الصادر يوم أمس الأول الأحد