يحاول حزب التجمع اليمني للإصلاح – التيار الأخواني والقبلي المتشدد في اليمن – أن يستغل الظرف السياسي والعداءات السياسية لتوظيفها لمشروعه الانقلابي الجديد المتمثل في اسقاط نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وتقويض حزبه العريض " المؤتمر الشعبي العام " ، القوة الشعبية العريضة التي منعت حزب الاصلاح من السيطرة على مقاليد الحكم في اليمن عقودا. ابرز ذلك التوظيف الذي يقوم به حزب الإصلاح تمثل في محاولة مد قنوات للتواصل " لحظيا و شكليا" مع حركة الحوثيين ، فرقاءهم المنهجيين وشركاءهم صوريا في السعي إلى اسقاط النظام في اليمن، عبر مطية " اللقاء المشترك". آخر مستجدات المحاولات التي يقوم بها حزب الإصلاح في إطار المشترك لاستمالة الحركة الحوثية إلى جانبهم تمثلت بوفدا يرأسه زيد الشامي، ويحيى منصور أبو أصبع، ونائف القانص، ومحمد محمد المنصور، إلى قائد الحوثيين السيد عبد الملك الحوثي للتباحث بشأن تشكيل مجلس قيل انه لمحاكمة المسؤولين في نظام الرئيس علي عبد الله صالح. وبحسب المصادر فأن تلك المساعي التي يقوم بها اللقاء المشترك قوبلت برفض من قبل قائد الحركة الحوثية ، الذين يرون أن هناك المزيد من الملفات العالقة على الطريق لابراز حسن النوايا الوطنية من قبل الإصلاح وحلفاؤه من شخصيات قبلية ودينية لها تاريخ سيئ في الحرب والتهميش التي تعرض لها الحوثيون في صعده شمال اليمن ، لعل ابرز تلك الشخصيات القيادي العسكري المنشق عن الجيش اليمني اللواء علي محسن ، ورجل الدين المتشدد عبد المجيد الزنداني، ورجال القبيلة – اولاد الأحمر. وبحسب تحليلات المطلعون على هذا الشأن فأن النوايا الحسنة قد تتوفر بشكل كبير لدى الحركة الحوثية التي أكدت الفترة الماضية عدم خوضها لقواعد المراوغات السياسية والدبلوماسية مع أقرانها ، فيما يؤكد المحللون ان حزب الاصلاح – مستعد للتحالف مع الشيطان – على حد قولهم ، لما يضمن سقوط نظام صالح ووصولهم الى كرسي السلطة متفردين. ولا يستبعد المحللون أي خطوات قد يقدم عليها الإصلاح في طريق تحقيق مشروعه ، خصوصا بعد أن كشفت وثائق ويكيليكس تلك المرامي والأهداف التي خطط لها القيادي البارز في الحزب " حميد الأحمر" بالتعاون مع الإدارة الاميركية في سبيل اسقاط النظام وتنصيبه وحزبه بديلا للمؤتمر الحاكم في اليمن – مقابل ضمانات كاملة ووافية للادارة الاميركية فحواها – سنكون خاتم في ايديكم-. وبرغم ما يؤكده المحللون من ان قيادات وقواعد حزب الإصلاح التي تحالفت من قبل مع الحزب الاشتراكي اليمني – التيار اليساري الشيوعي – بعد ان أحلت دمائه في حرب 94 ، الا انها لا تستسيغ من حيث الطابع تحالفا جديد مع الحركة الحوثية – التيار المذهبي المناوئ لها – وهو – حزب الاصلاح – المتأرجح بين الطابع الغالب من الحركة الوهابية وشكليات الحركة الاخوانية ، إذ ان التحالفات السياسية في العادة لا تتأثر بمد العراك المذهبي المتأجج في المنطقة العربية. أي انه من الجزم القول ان أي تحالف حوثي اصلاحي لن يدوم ، هذا ان حصل ، لأن اليمن لن تكون استثناء في المنطقة في التجربة المذهبية التي وجدت من يؤججها ، ناهيك عن كون الرغبة " الاصلاحية" العميقة في التطبيع مع الحوثيين غير متوفرة ، إنها في الاخير مجرد خطوة نحو الأمام قد تفرز خلط جديد للاوراق وحسب. وعودة الى الحركة الحوثية ، التي وجدت نفسها تخوض حربا دفاعية ضد حزب الإصلاح نفسه ، وبالتزامن مع الرغبة المشتركة في إسقاط نظام صالح ، هذه الحرب جرت أتونها في مناطق متفرقة من محافظة الجوف ومأرب وبعض مناطق صعده – شمال وشرق اليمن، تلك الحرب لا تزال محتدمة وأن خفتت بين الحين والآخر ، فأنه ليس الا مجرد ترحيل للمستقبل. ما استجد في الساحة الشعبية اليمنية مؤخرا .. هو اتساع قاعدة المتفهمين والمتقبلين لمواقف الحركة الحوثية ومنهجيتها ، وهي الحركة التي ظلت مثار اتهامات كان سببها الحروب الستة والبعد الجغرافي النسبي ، كونها تركزت في أقصى شمال اليمن، ناهيك عن جملة من التأثيرات الداخلية والخارجية. ويعود السبب للاهتمام الشعبي المتنامي بالحركة هو تنظيمها الصلب والمتماسك ومواقفها الغير متأرجحة ، ناهيك عن التفاؤل بمعطيات جديدة وخلاقة قد تتجسد في حال مشاركتها بزخم الحياة السياسية . في المقابل ينحسر شعبيا حزب الاصلاح ويزداد المعارضون له تحت تأثيرات كثيرة ، لعل أبرزها هو انقشاع الغطاء الديني له في ظل السعي الحامي الوطيس نحو السلطة بمختلف الطرق ، ناهيك عن مواقف قياداته الدينية والقبلية المتأرجحة . لذا يرى المحللون انه لا فائدة قد تجنيها الحركة الحوثية من أي اتفاق مع حزب الإصلاح ، في ظل تلك المعطيات الواقعية والمنهجية ، وبأن على التيار " الحوثي " الاقتراب أكثر من واقع الحياة السياسية اليمنية والمشاركة الفاعلة في قواعدها بعيدا عن تلك التحالفات الهلامية ، مستفيدا من أخطاء نظرائه الغارقون في اتونها ، والتفاؤل برفد الوطن بقوة وطنية جديدة تعيد للحراك السياسي في اليمن توهجه الايجابي ، وتعزز مسيرة التعددية السياسية ودولة المؤسسات. وعودة الى بداية الموضوع فأن نوايا حزب الاصلاح الحسنة افتراضيا تدحضها على الواقع خوفه وقلقه وصداعه المزمن من تنامي المد الحوثي ، وخوضه حروبا نسبية معه في اكثر من منطقة ، بالاضافة الى ما تم ذكره ، وهو ما يجعل السعي الى التطبيع منتهيا بالفشل .