أكدت الروائية السعودية بدرية البشر أن الأنثى العربية، ما زالت تواجه العديد من القيود والتحديات. وقالت: «منذ وعيت لهويتي كأنثى كانت صلتي بالعالم تقتصر على نافذة صغيرة في المنزل، أطل من خلالها على الشارع ومثل هذا الحيز الجغرافي الضيق» مشيرة إلى أن المرأة «لم تكن موجودة في الشارع وداخل المؤسسات الحكومية وهي أسيرة عزلة مع زميلاتها في حجرات منفصلة، وهي بمنزلة دخيل مثير للانتباه في وجود ذكوري، وهذه الظروف تؤثر في خبراتها». وأضافت: «أن وعيها بالحياة يكاد يكون معدوماً فهي لا تعرف سوى البائع والسوبر ماركت والسائق... وليست هناك علاقة حقيقية مع الرجل كزميل ومدير ومرؤوس، والمجتمع هو من صنع منها كائناً هشاً، وبإمكانها أن تصبح مساوية للرجل في العطاء والتأثير لو منحت الفرص الحقيقية»، لافتة إلى أن «هناك نساء ناجحات في مجتمعنا لكنه نجاح فردي وليس نتاج مؤسسة. وقيمة النجاح الفردي أنه يعطي رسالة للأخريات، وأن بإمكانهن تحقيق ما يردن، على رغم المعوقات والظروف الصعبة»، مضيفة أن هذه الموانع أضفت صلابة على شخصية النساء الراغبات في النجاح. وقالت البشر إن السعودية «تملك إمبراطوريات إعلامية كبرى، لكن استفادة الأدب من هذه الطفرة محدودة، لأنه حتى اليوم في البلاد العربية لم يفلح الإعلام في تحويل الأدب إلى سلعة، ولو حدث فيترك تقييم السلعة الأدبية للذائقة الشعبية». وتطرقت إلى الرواية السعودية وقالت: «هناك تحولات كبرى في السعودية أسهمت فيها بعض المتغيرات العالمية، كأحداث أيلول «سبتمبر» وحرب الخليج وهي أيضاً أحدثت تحولات في الأدب السعودي». وزادت: «لقد ظهر الآن جيل تجاوز المسلمات إلى فهم مختلف للأدب عن الأجيال السابقة، يبحث عن هوية جديدة لم تعد الهوية القديمة تناسب مقاييسه ويكتب القصة الخاصة من حيث رؤيته الجديدة للعالم، ومكنته التقنية الحديثة من التعبير عن أفكاره»، معتبرة أن الطفرة الروائية والقصصية «كمية وعلى حساب النوع، لكنها قائمة الآن على الإفصاح المجتمعي وكشف المسكوت عنه، لكن لاحقاً سينتبه هذا الجيل للجماليات ويصقل نتاجه الإبداعي». وحول الهجوم الشديد الذي واجهته إثر صدور روايتها «هند والعسكر» قالت البشر: «عندما كتبت ما يشبه اليوميات لأنثى تواجه مجتمعاً من العساكر، سواء كان الزوج أو الأم أو بقية المحيطين بها كان الهجوم على الرواية منبعه الرغبة في إخماد كل صوت يتبنى قضية جادة، كان بعضهم ينتقم مما أكتبه في زاويتي في صحيفة «الحياة» عن طريق الهجوم على الرواية، بل محاولة إضعاف مشروعي ككل والتشكيك في جودته ولا شك أن المسألة مكشوفة». وأكدت أن العلاقة بين الناقد والروائي متوترة «وأعتقد أن الحركة النقدية العربية عموماً محبطة وليست على المستوى المأمول، وأحياناً ينغمس النقاد في النظرية ويهملون التطبيق أو يظن الناقد أنه إضاءة للآخرين، من دون أن يجني شيئاً فيقع في النرجسية ويتعالى على الإبداع، ولكن علينا أن نعرف أن النقد سلطة ثقافية وأدبية لا يستهان بها، ومن دونه يسود الفهم الشعبي للأدب وتنتشر المعايير السطحية. وأنا أتفهم أن النقد هو وجهة نظر لا تقتل بل قابلة لأن تكون صحيحة، ولذلك أهتم بها وأعيد قراءتها لأنها ستفيدني». واعتبرت البشر محاولاتها الأولى «التعبير عن القضايا الأنثوية ولكن اليوم بدأت أشعر أن محيط الأنثى ضيق، وأنه ولكي أجرب مناطق متعددة في الحياة فمن الأفضل أن يكون هناك ذكور، لأن النطاق الجغرافي لحركة المرأة محدود، فلا يمكن مثلاً أن أكتب رواية عن امرأة تذهب إلى الحرب، إلا إذا كان النطاق فانتازي ووجود الرجل يتيح حيزاً أوسع».