توضيح من محور تعز بشأن إصابة ''المجيدي'' في هجوم حوثي    إجراءات حوثية تضرب القطاع المصرفي في مقتل .. واحتجاجات غاضبة في صنعاء وحالة من القلق والاضطراب    هل رضخت للضربات الأمريكية؟؟ مليشيا الحوثي تعلن رغبتها في إيقاف هجماتها في البحر الأحمر بشرط واحد    17 شهيدا جراء غارات الاحتلال على غزة والأمم المتحدة تصف الوضع بالجحيم    المتعجلون من الحجاج يبدأون رمي الجمرات ويتوجهون لطواف الوداع    اليمنيون يتخذون من السدود المائية والمسطحات الخضراء أماكن لقضاء إجازة العيد (صور)    ماس كهربائي ينهي حياة طفلين ويحول فرحة العيد إلى مأساة    تكتم حوثي عن إنتشار الكوليرا في صنعاء وسط تحذيرات طبية للمواطنين    بندقية مقراط لا تطلق النار إلا على الإنتقالي    أكاديمي يدعوا إلى فصل الدين عن الدولة    حزب الإصلاح يرهن مصير الأسرى اليمنيين بمصير أحد قيادييه    فرنسا تتغلب على النمسا وسلوفاكيا تفجر مفاجاة بفوزها على بلجيكا في يورو 2024    كيف تمكن الحوثيون من تأسيس شركات عملاقة في الصين؟ دول عربية ساندتهم «بينها الإمارات»    فضيحة اختطاف قائد عسكري في عدن تحرج الانتقالي.. وقيادي في الحراك يتساءل: من يحكم عدن؟    طقوس الحج وشعائره عند اليمنيين القدماء (الحلقة الخامسة)    ثور هائج يثير الرعب والهلع في شوارع الرياض.. وهذا ما فعله بسيارة أحد المارة (فيديو)    شخصيات جعارية لا تنسى    طيران بلا أجنحة .. إلى من لا عيد له..! عالم مؤلم "مصحح"    وزارة الخزانة الأميركية تستهدف شبكات شراء وتمويل أسلحة الحوثيين    عد أزمته الصحية الأخيرة...شاهد.. أول ظهور للفنان عبدالله الرويشد ب    باحث سياسي يكشف امر صادم عن المبعوث الدولي لليمن    يورو2024 ... فرنسا تحقق الفوز امام النمسا    اقتصاد الحوثيين على حافة الهاوية وشبح ثورة شعبية تلوح في الأفق    الفريق السامعي يؤدي شعائر عيد الاضحى في مسقط راسه    يورو2024 : سلوفاكيا تسقط بلجيكا    نجاة رئيس أركان محور تعز من محاولة استهداف حوثية خلال زيارته التفقدية لأبطال الجيش    الانتصار للقضايا العادلة لم يكن من خيارات المؤتمر الشعبي والمنافقين برئاسة "رشاد العليمي"    الحوثي..طعنة في خاصرة الجوار !!    (تَحَدٍّ صارخ للقائلين بالنسخ في القرآن)    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول تحتفل اليوم بأول أيام عيد الأضحى    ضيوف الرحمن يستقرون في "منى" في أول أيام التشريق لرمي الجمرات    مارادونا وبيليه.. أساطير محذوفة من تاريخ كوبا أمريكا    بيلينجهام عن هدفه: اعتدت ذلك في مدريد    بعد 574 يوما.. رونالدو في مهمة رد الاعتبار ونزع الأسلحة السامة    للعيد وقفة الشوق!!    صحيفة بريطانية: الحسابات الإيرانية أجهضت الوساطة العمانية بشأن البحر الأحمر    حرارة عدن اللافحة.. وحكاية الاهتمام بالمتنفسات و "بستان الكمسري بيننا يشهد".    ظاهرة تتكرر كل عام، نازحو اليمن يغادرون عدن إلى مناطقهم    أفضل وقت لنحر الأضحية والضوابط الشرعية في الذبح    إنجلترا تبدأ يورو 2024 بفوز على صربيا بفضل والدنمارك تتعادل مع سلوفينيا    كيف استقبل اليمنيون عيد الاضحى هذا العام..؟    فتح طريق مفرق شرعب ضرورة ملحة    تن هاغ يسخر من توخيل    حاشد الذي يعيش مثل عامة الشعب    الحوثيون يمنعون توزيع الأضاحي مباشرة على الفقراء والمساكين    خطباء مصليات العيد في العاصمة عدن يدعون لمساندة حملة التطعيم ضد مرض شلل الأطفال    رئيس تنفيذي الإصلاح بالمهرة يدعو للمزيد من التلاحم ومعالجة تردي الخدمات    فرحة العيد مسروقة من الجنوبيين    نازح يمني ومعه امرأتان يسرقون سيارة مواطن.. ودفاع شبوة لهم بالمرصاد    "هلت بشائر" صدق الكلمة وروعة اللحن.. معلومة عن الشاعر والمؤدي    يوم عرفة:    - ناقد يمني ينتقد ما يكتبه اليوتوبي جوحطاب عن اليمن ويسرد العيوب منها الهوس    - 9مسالخ لذبح الاضاحي خوفا من الغش فلماذا لايجبر الجزارين للذبح فيها بعد 14عاماتوقف    أربعة أسباب رئيسية لإنهيار الريال اليمني    فتاوى الحج .. ما حكم استخدام العطر ومزيل العرق للمحرم خلال الحج؟    الكوليرا تجتاح محافظة حجة وخمس محافظات أخرى والمليشيا الحوثية تلتزم الصمت    مليشيات الحوثي تسيطر على أكبر شركتي تصنيع أدوية في اليمن    منظمة حقوقية: سيطرة المليشيا على شركات دوائية ابتزاز ونهب منظم وينذر بتداعيات كارثية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في(سلطانة وقصص أخرى ) للقاص محمد سلمان فارع
نشر في لحج نيوز يوم 19 - 09 - 2012

أصوات كثر تصدح في قلب الإبداع وتتجاوز مراحل السرد لتلقي بضلالها على تجارب ناضجة من أقلام شابة قدر لها أن تعيش طي الإهمال والنسيان ردحاً من الزمن .
من تلك الأصوات المبدع الكبير القاص محمد سلمان فارع الذي استطاع أن يتحدى إعاقة النشر الرسمي ويتجاوز الإحباط المزمن الذي خلفته الثقافة الرسمية ردحاً من الزمن فكتب وكتب الكثير من إبداعاته السردية وخزنها في دفاتر عادية وسلمها للتاريخ ومن خلال حديث مطول معه استطعت أن أحصل على مجموعته القصصية البكر التي اختارها بعناية ووضعها في دفتر مدرسي علنا نجد طريقاً لنشرها اليوم أو غداً وبينما أنا أقلب تلك الحروف شعرت أني أمام إبداع خلاق لقاص يتصدر منصة السرد في الأدب اليمني العاصر فالمجموعة التي عنوانها سلطانة وقصص أخرى كانت تحكي مشاهد مؤلمة وتحاكي واقعنا بل وتسخر من كل الممارسات الخاطئة سواء اجتماعية أو سياسية عبر لغة دافئة وصور قصصية قلما تجدها في جيلنا السردي الجديد فسلطانة التي أختارها القاص عنواناً لمجموعته تعد محاكاة لواقع اجتماعي يعالجه بدقة فنية أبدع فيها تصويره لحالة مهمة في المشهد الاجتماعي كثر ما تعددت في واقعنا الأليم :
( جاء الخريف يطلبها ...فأوحت لأبيها بالرفض , لم يصمد والدها أمام الإغراءات ...فأجبرها وزفها إليه ...
لم تكن تأنس إلا للدموع التي غيرت لونها ...فتوارت عند الغروب واتخذوا من حارتها قبرا ...وذرفوا من أجلها الدموع ... وفوقها حامت الفراشات وغنت الطيور بجانبها أغنية حزينة ..اسمها ... سلطانة)
وفي أقصوصة رغبة التي حاكى القاص قضية مهمة هي من أهم قضايانا وأسباب تراجعنا :
( في الشارع العام ..ز كان يمسك بيديه الصغيرتين سطله وإسفنجته المبللة بالصابون ..
شاهد الأولاد وهم يرتدون ثياب المدرسة ويحملون حقائبهم المكتنزة ,,,, أحس برغبته في التعليم ..تذكر أمه المريضة ,.. إخوته الصغار ..تذكر أباه الغائب ..نكس رأسه ...وبدأ بتنظيف السيارات )
لقد كان القاص فارع جاداً وهو يحاكي واقعنا ويتحسس آلامنا في كل اتجاه بل ويسخر من بعض الاستخفاف بالبشر الذي يمارسه الكثير ففي 2003م كتب فارع اقصوصته الشهيرة إنتخابات ليحكي كيف هم بعض الساسة يستخفون بالبشر ويستغلون كل شيء في سبيل الوصول :
) بدأ حملته الانتخابية ..فطلا وجهه بألوان الطيبة والإخاء
وصبغ يديه بأصباغ من البذل والكرم والخدمات ورش على عنقه قنينة من الوعود والشعارات , وعندما انتهت تلك الحملة دخل حمامه لتزول هناك جميع تلك الدهانات والمساحيق والأصباغ ).
خمسة وعشرون عاماً عمر أول نص في هذه المجموعة منذ 1993م إلى اليوم والقاص محمد سلمان فارع يكتب ويلقى في الفعاليات القصصية التي لاتظهر إلا في مقايل صغيرة لا تسمن ولاتغني من أدب وإلى اليوم لم يلتفت إليه أحد حتى لم ينصفه اتحاد الأدباء بعضويته كي يحصل على استحقاقه كأديب يومها كان شرط العضوية مجموعة أعمال أدبية ومع ذلك فابتسامة القاص محمد سلمان فارع مازال يوزعها على كل محبيه وكل من تجاهلوا أدبه ذلك أنه يحمل قلباً بحجم رسالة الأديب التي تجسدها عبر حروفه الناطقة باسم المجتمع الذي جاء من رحم معاناته .
فهاهو ينثر لنا مكامن الوجع في هذا المجتمع الذي ملأالقاص به ذخيرته بآلامه وحملها على عاتقه مثله مثل أولئك الكبار الذين أدركوا رسالة الأدب فحملوا هموم الناس وعبروا في قوالبهم الأدبية لعل هناك من تؤثر هذه الكلمة أوذاك الحرف :
( في تلك الصيدلية المتشحة بالثوب الملائكي ....إحدى المسنات تدخل تحمل بيديها المرتجفتين تذكرة أمل ...وعلى عينيها اتسمت أنة ابنها المريض ...أحست بنظرة الإزدراء في عينيه ...خصوصاً عندما ترجته تقليل ثمن الدواء أخرجت من جيبها كل ما تملك , كانت عيناها غارقة بدموع الذل ...تنظر إليه وهو يخطف منها الدواء ...عادت لبيتها تنظر مريضها المسجى وبيدها ورقة صغيرة ...بللتها الدموع ..)
فعلاً كم نحتاج لأن نتعلم دروساً في الإنسانية والتسامح إنها دروس وعبر بل أنات مكلومة يزفر بها القاص نحو المجتمع عله يحد من تلك الممارسات ويشعر البعض فعلاً أنهم بشر.
لقد كان القاص بارعاً جداً في تصوير بعض مقاطع نصوصه وكأنك تقف أما فيلم متحرك يحرك الوجدان ذلك أن حروفه كتبت بوجدان متأجج وقلب يتألم لألم الكثيرين .
وفي قصته خوف يتناول القاص بعض المغامرات التي تقع فيها بض الفتيات فتفقدها الحياة الآمنة في حبكة قصصية وأسلوب دراماتيكي رائع سأختار مقاطع من هذه القصة لنرى كيف استطاع أن يصور لنا عبر اسلوبه الذي ذكرت :
(تخرج منى وتغلق خلفها الباب ..وتسرع في خطاها إليه...ولاتنسى أن توزع نظراتها حول بعض العيون التي تراقبها وتشعر بأنهم يعلمون بموعدها معه ...وصلت إلى المكان وهناك .........تفكر هل تدخل أم لا !!ولم يكن لديها وقت للتردد ...وهناك رأته فازداد خوفها واضطرابها ....شعر هو بهذا الخوف ..
عندها استسلمت أكثر ...اقترب نحوها ...مد يده وأمسك خدها ومازال يتمتم لاتخافي ...لاتخافي أغمضت عينيها وهي تحس بيده تداعب وجهها ....
حاولت المقاومة فأزاح يدها وهو يهمس قلت لك لاتخافي ..كانت قبضة يده صارمة أصبحت لا تشعر بشيء بعدها .. ولم تمر إلا دقائق معدودة حتى أحست ورأت الدم يملأ المكان , نهضت وهو يناولها بعضاً من المناديل وبيده استقر ذلك الضرس اللعين ...ذلك الضرس الذي سبب لها الشقاء وحرمها من النوم ولذة الحياة ...هاهو قد خلع ...
أعتقد أننا أمام مجموعة قصصية تستحق الوقوف أمامها بكل إكبار وقراءة عابرة كهذه لا تفي المجموعة حقها وهناك عدد من النصوص لا يتسع المكان لتناولها لكني أؤكد أن سلطانة وقصص أخرى يجب أن تلقى طريقها للنشر وأن تخرج أعمال هذا المبدع الرائع إلى النور وهذه مسئولية أدبية تقع على عاتق كل المؤسسات الثقافية على الرغم أننا في وقت لم يعد بعض القائمين على أمر المؤسسات يدركون واجباتهم وأصبحوا ينظرون إلى المبدعين الشباب نظرة فوقيه لكني أعتقد أن هذه النظرة ستطيح بكل المتاجرين باسم الثقافة والأدباء إلى الأرض ...أتمنى لصديقي القاص محمد سلمان فارع أن يأخذه حقه الأدبي وأن يستمر في عطائه الذي ستخلده الأجيال .
19/9/2012م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.