بعد سلسلة متلاحقة من العقوبات والإجراءات الخليجية، جاء قرار مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله اللبناني «منظمةً إرهابيةً» قرارًا متوقعًا وغير مفاجئ لأي متابع لتطورات الأزمة الأخيرة، التي نشبت بين الحزب والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد. القرار الذي يشمل «كافة قادة الحزب وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة» يتماشى مع السياسة الخليجية التي أصبحت تعتبر حزب الله العدو الأول؛ لمواقفه المعارضة لها في سورياواليمن، وكما أعلن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، أنه جاء «لاستمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها أعضاء هذه الميلشيات لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بأعمال إرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات»، وكذا لدور الحزب «في إثارة الفتن والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادة دول المجلس وأمنها واستقرارها». ويعني هذا القرار أن هناك إجراءات ستتخذ استنادًا إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب، المطبقة في دول مجلس التعاون الخليجي، فحزب الله اللبناني الآن بالنسبة لدول الخليج كتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة، وغيرهما من المنظمات المصنفة «إرهابية». تداعيات قرار حظر حزب الله 1- اقتصاديًّا يقضي قرار اعتبار حزب الله منظمة إرهابية بتوسيع دائرة الحصار من دولي إلى عربي على الحزب، فقد شمل القرار ملاحقة تواجد الحزب اقتصاديًّا في دول الخليج، أي أن استثمارات الحزب التابعة لأفراد أو شركات عرضة الآن للرصد، ومن ثم فرض قيود على معاملاتها التجارية والمالية، وأيضًا تجميد كل أرصدة أموال الحزب في البنوك. على هذا ستعمل دول الخليج على رصد التنقلات والمعاملات المالية والتجارية لحزب الله، بناءً على المادة 18 الخاصة ب«ضرب مسالك الإرهاب»، إذ تنص هذه المادة على «تحديد أو كشف أو تجميد أو حجز أي أموال مستخدمة أو مخصصة لغرض من أغراض أنشطة دعم وتمويل الإرهاب وعائداتها، لمصادرتها أو تبادلها أو اقتسامها مع الدول المتعاقدة الأخرى، إذا كانت تتعلق بنشاط إرهابي امتد على إقليمها أو أضر بمصالحها». على سبيل المثال، وقبل صدور قرار الحظر، قامت السعودية بسحب ترخيص حصل عليه أحد المستثمرين من الجنسية اللبنانية لمزاولة نشاط إعلامي داخل المملكة. بالإضافة لذلك، يعني القرار توقف دول خليجية عن إعادة إعمار مدن ومؤسسات تحت سيطرة حزب الله في لبنان، أي خاصة بلبنانيين من الطائفة الشيعية ينتمون للحزب. يقول الخبير العسكري علي التواتي للشرق نت، إن «أبرز المصالح الاقتصادية لحزب الله في دول الخليج تتمثل في إعانات اجتماعية واقتصادية تُقدَّم من دول مجلس التعاون إلى جهات لبنانية، بعض دول الخليج متكفُّلة بإعادة بناء مدن وقرى في لبنان تسكنها أغلبية شيعية موالية لحزب الله بعد أن كانت إسرائيل دمرت هذه المواقع في صيف عام 2006». من جانبه، يوضح المحلل السياسي السعودي، محمد آل زلفة للخليج أون لاين، أن «قرار دول مجلس التعاون الخليجي بالتحرك يأتي على خلفية رغبتها في تجفيف منابع تمويل الإرهاب، فالحزب يسعى للمال بأي وسيلة ممكنة، مستغلًا الظروف الاقتصادية الجيدة في الخليج عمومًا لإقامة قواعد مالية وفنية له»، وهذا يعني أن تضييقًا سيتم على حوالي 360 ألف لبناني يعملون في الخليج، يُحوّلون نحو أربعة مليارات دولار سنويًّا إلى لبنان. 2- سياسيًّا على الصعيد اللبناني، سيواجه حزب الله مزيدًا من الضغوطات السياسية الداخلية، فالقوى اللبنانية المعارضة للحزب سيكون خيارها إجباريًّا نحو علاقة مع الدول الخليجية وليس مع حزب الله؛ وذلك لأن «أي تعامل خليجي معها سيكون على أساس القرب أو الابتعاد عن التعاطي مع هذه المنظمة الإرهابية»، وكما يقول الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن اللبناني ماهر مقلد لصدى البلد: «سينشب صراع سياسي محتدم مع الجانب الخليجي وفي الداخل أيضًا نتيجة انقسام الأطياف اللبنانية». كما أن من ضمن تداعيات القرار أن وزراء في داخل الحكومة اللبنانية سيعاملون كإرهابيين لأنهم أعضاء في حزب الله، وينسحب عليهم القرار الخليجي، فبحسب اتفاقية خليجية، يقضي قرار الحظر ب«تسهيل تبادل المتهمين بالإرهاب وتسريع تبادلهم بين الدول بما فيهم من المحكومين والمدانين قضائيًّا في جرائم إرهابية». 3- عسكريًّا بعد صدور قرار اعتبار حزب الله «منظمةً إرهابيةً»، لن يكون أمام التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتشارك به السعودية، أي عائق قانوني لمهاجمة عناصر ومؤسسات حزب الله المقاتلة في سوريا. يقول مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينغما)، رياض قهوجي لوكالة الأناضول إن «هذا القرار يعني من الناحية العملية أنه في حال بدأ التحالف الإسلامي عملياته العسكرية ضد داعش في سوريا والعراق فإنه لن يستثني مقاتلي حزب الله، وسيجعل ميليشيات الحزب على قائمة أهداف التحالف الإسلامي»، وتابع القول، إنه «بهذا المعنى يأتي استهداف ميليشيات حزب الله ضمن قرار محاربة الإرهاب، وسيقول عندها المسؤولون السعوديون لروسيا إنه كما تقوم موسكو بضرب فصائل سورية معتدلة إلى جانب داعش باعتبارها إرهابية سيكون هناك ضرب لحزب الله تحت هذا المفهوم نفسه ووفق تصنيف خليجي». الانتقام من سوريا أم اليمن؟ إذا ما تساءلنا كيف سيتصرف حزب الله عقب قرار حظره من مجلس التعاون الخليجي. هذا الحزب الذي يقوده حسن نصر الله، المُصرّ، حسب محللين على «موقفه المعادي للسعودية»، والذي «لا يملك غير الخيار الانتحاري الذي سار فيه»، يمكننا القول إن المحللين يستبعدون لجوء نصر الله للعب بالورقة السورية، ويرجحون أن يكون التحرك القادم من اليمن، وذلك لأن اليمن أسهل في ضرب السعودية من قبل الحزب وحلفائه الحوثيين وإيران. , وفي هذا السياق، كان حزب الله قد أعلن أن هناك صواريخ باليمن قد تصل إلى داخل الأراضي السعودية، كما كشفت مصادر سعودية قبل أيام، عن أن عناصر من الحزب تمكنوا بالفعل من ضرب أهداف سعودية، عندما اجتازوا الحدود اليمنية- السعودية، إذ إن لدى الحزب أوراقًا عديدة في الداخل اليمني، ربما سيستغلها في الأيام القليلة القادمة.