افتتح رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور أمس مؤتمر الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والإساءة للدين الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع وزارة الأوقاف والإرشاد في الجمهورية اليمنية بحضور الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي. ثم ألقى وزير الأوقاف والإرشاد في الجمهورية اليمنية القاضي حمود عبد الحميد الهتار كلمة قال فيها : إن المؤتمر يهدف الى التأصيل العلمي لمفهوم الإعلام وأهدافه ومهامه وبرامجه ووسائله التي تدعم قيم الحق والعدل والسلام في هذا العصر وايجاد نظام إعلامي إسلامي قادر على الحفاظ على الهوية الثقافية الاسلامية وخدمة المصالح العقدية والاجتماعية والتربوية المشتركة للمسلمين، وكذلك ايجاد صيغ عملية للتعاون بين مؤسسات الإعلام ومؤسسات الدعوة في الدفاع عن الاسلام وتعزيز مجالات الحوار بين الإعلاميين المسلمين ومؤسسات الإعلام الدولي. وألقى الدكتور عبد الله التركي كلمة أوضح فيها أن الدين هو أعز ما تملكه الأمة وتتميز به عن غيرها، فهو قلبها النابض ومصدر عزتها وكرامتها، وطريقها الوحيد إلى السعادة في الدنيا والآخرة، فأي مساس به لابد أن يحرك غيرتها ونخوتها. وقال : إن افتراض الإسلام خصماً جديداً للغرب بعد سقوط المعسكر الشيوعي، وهو افتراض تتبناه أطروحات الصراع الحضاري. ومنها قضايا العنف والإرهاب التي طغت بعد أحداث 11 أيلول 2001م. وأضاف أن موضوع تبرير الإساءة إلى الدين بصورة عامة، وإلى الإسلام بصورة خاصة يظهر بحق الإنسان في حرية التعبير عن أفكاره في وسائل الإعلام وهو يعالج من شقين يكمل أحدهما الآخر الأول البحث العميق في الجذور والأسباب الحقيقية التي تكمن وراء الحملة العدائية للدين وتجريء الناس عليه والثاني البحث في استراتيجية عملية ومفصلة لمواجهة هذه الأسباب. وشدد الدكتور التركي على أهمية التحذير من خطر تجريد الحياة البشرية من الدين، الذي هو مصدر الأخلاق الأساسية التي يقوم عليها الأمن الاجتماعي الإنساني. وأكد أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، في الحوار بين القيادات الدينية في العالم ركزت على المسارعة إلى إنقاذ البشرية من التردي الأخلاقي الخطير الذي وقفت على شفيره، وأن ذلك لا يمكن إلا بالتوظيف الصحيح للدين في بناء الشخصية، التي ترتكز على عبادة الله والإحسان إلى الناس. عقب ذلك ألقيت كلمة الرئيس علي عبد الله صالح ألقاها نيابة عنه الدكتور علي بن محمد مجور. ونوه بالدور الذي تضطلع به رابطة العالم الاسلامي عبر مؤسساتها وهيئاتها وفعالياتها المختلفة لخدمة القضايا الاسلامية والاقليات المسلمة في مختلف انحاء العالم. وأوضح أن مؤتمر الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والاساءة الى الدين هام في موضوعه وفي توقيته فهو من حيث الموضوع يحتفي بقضية كانت ومازالت احدى اولويات امتنا الاسلامية في سياق تأكيد حضورها الفاعل والمؤثر في العالم باعتبارها حاملة رسالة دينية وحضارية وانسانية عظيمة. وأكد الدكتور المجور أن المسلمين معنيون بابلاغ رسالة الاسلام والدفاع عنها والمحافظة على جوهرها نقية من الشوائب لانها رسالة عالمية لاحدود لها. ورأى أن أهمية هذا المؤتمر تأتي من تفاقم الهجمة الشرسة على الاسلام التي وإن كانت قد بدأت منذ بزوغ فجر الاسلام واستمرت طيلة القرون الماضية إلا انها تصل اليوم الى مستويات بالغة الخطورة، حيث اراد بعض متطرفي الفكر الغربي الزج بالاسلام في اتون مواجهة ظالمة من خلال التسويق لنظريات تفتقد الى أساس من المنطق توظف آلة اعلامية هائلة وتقنيات اتصال بالغة التاثير في تشويه صورة الاسلام والنيل من قيمه العظيمة بل انها وصلت الى حد توجيه الاساءة المباشرة لصاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام. بعد ذلك بدأت أولى جلسات المؤتمر وكانت بعنوان «دوافع الإساءة الى الإسلام والمسلمين وأسبابها» حيث رأس الجلسة معالي الدكتور عبد الله بن عبدالمحسن التركي وتناولت ثلاثة مواضيع أولها الحروب الصليبية وأثرها التاريخي في تشويه صورة الإسلام تحدث فيها كل من الدكتور عبد الله سعيد الغامدي عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية بجامعة ام القرى والدكتور حسين بن عبدالله العمري عضو مجلس الشورى اليمني وأستاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة صنعاء. وتناولت ورقة العمل الثانية موضوع «الانحلال و الإلحاد وعلاقتهما بنشوء حرية التعبير غير الملتزم» حيث أكد الدكتور سعيد اسماعيل الصيني أن الانحلال الخلقي والإلحاد في الدين ظاهرتان موجودتان منذ القدم، لكن مع ظهور وسائل الإعلام، التي لا تعترف بالحواجز والحدود، انتشرتا بشكل خطير. ويرى الباحث أن هناك حاجة قصوى لعمل دراسات يتم التعرف بها، على القوانين المتعلقة بحرية التعبير في كل بلد، لاسيما البلاد التي يكثر فيها استغلال "حرية التعبير" في الإساءة إلى الإسلام، لمحاولة ملاحقتهم بالقوانين المحلية. ثم تحدث الدكتور سعيد بن عبد الله حارب المهيري مستشار جامعة الامارات العربية المتحدة لشؤون المجتمع عن وسائل الإعلام باعتبارها من أكثر وسائل التأثير في الرأي العام وتحديد اتجاهاته. وأصبحت مصدراً أساساً للثقافة العامة لكافة فئات المجتمع. ثم ناقشت الجلسة موضوع «الأطماع السياسية والاقتصادية في العالم الإسلامي وأثرها في الإساءة» حيث أوضح الدكتور أحمد محمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء للشؤون الأكاديمية أن الأطماع السياسية والاقتصادية هي واقع ترجمها السلوك الغربي تجاه العالم الإسلامي من خلال مداخل عدة تتوافق وطبيعة كل مرحلة واهتماماتها لتحقيق مصالحه المختلفة في معظم البلدان الإسلامية. وقد دفعه إلى هذا السلوك المنهج الواقعي في التعامل مع الدول والأشخاص، وحرصه على الاستفادة القصوى من المقدرات الاقتصادية التي يمتلكها العالم الإسلامي. ثم تحدث الدكتور جعفر عبد السلام على الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية عن هذا الموضوع. مبينا انه منذ ان توسعت الفتوحات الإسلامية في العالم وبلغ المسلمون مشارق الأرض ومغاربها أصبحت أوطانهم مطمعا لكل المستعمرين الشرقيين منهم والغربيين.