نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الإعلامي أحمد زين باحميد وتشيد بمناقبه    الأرصاد: منخفض جوي في بحر العرب وتوقّعات بأمطار رعدية على سقطرى والمياه الإقليمية المجاورة    دراسة: الإفطار الغني بالألياف يقلل الإصابة بسرطان القولون    أكاديمي سعودي: نجاح الدبلوماسية الجنوبية وسؤال النفس الطويل أمام الغزو الحوثي    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة القيادي أحمد زين باحميد    الرئيس يطمئن على العميد رزيق ويوجه بسرعة التحقيق في ملابسات التفجير وضبط الجناة    دوري أبطال أوروبا: ليفربول ينهي سلسلة الهزائم وبايرن يحافظ على سجله المثالي    عقوبات غربية على روسيا وترامب يلغي قمته مع بوتين    اعلام أمريكي: واشنطن و"تل أبيب" تدرسان خطة لتقسيم غزة إلى منطقتين    الذهب يواصل التراجع بعد أكبر انخفاض منذ 2020    إعادة تشغيل مطار الخرطوم والدعم السريع يستهدفه لليوم الثالث    المحكمة الجزائية بحضرموت تقضي بإعدام 6 إيرانيين أدينوا بتهريب المخدرات إلى اليمن    المجلس الاستشاري الأسري يقيم ندوة توعوية حول الصحة النفسية في اليمن    بايرن يقسو على كلوب بروج برباعية    الأهلي يتصدر بثنائية الاتحاد السكندري    كأس آسيا 23.. اللجنة تفتح باب التطوع    عدن.. محكمة صيرة تصدر حكمًا بالإعدام قصاصًا بحق قاتل الشاب عارف فرانس    الإصلاح يشكل "المقاومة الوطنية الجنوبية".. تنظيم إرهابي جديد بقيادة أمجد خالد    الشيخ بن بريك: الإخوان بوجهين إرهابيين.. وشبوة برس يفتح ملف الأفغان في الجنوب    محمد صلاح في القائمة المختصرة للمرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في إفريقيا 2025    ريال مدريد يعتلي الصدارة بعد فوزه الثالث على التوالي في دوري الأبطال    دوري ابطال اوروبا: ريال مدريد يحسم قمته بمواجهة اليوفنتوس    غاسبريني يريد لاعب يوفنتوس ماكيني    الأرصاد يحذر من منخفض جوي يتجه نحو أرخبيل سقطرى    أيوب التميمي.. حين تتحول سخرية الأم إلى صفعة على وجه المسؤول الغائب!    القربي ينتقد قيادات المؤتمر التي تربط توحيد الحزب بالحصول على الدعم    السكوت عن مظلومية المحامي محمد لقمان عار على المهنة كلها    أكبر جبان في العالم ؟!    قراءة تحليلية لنص "أكْل التراب" ل"أحمد سيف حاشد"    صوت من قلب الوجع: صرخة ابن المظلوم إلى عمّه القاضي    اليمن تتصدر الدول العربية في تأشيرات الهجرة إلى أمريكا لعام 2024    شبوة.. حريق ضخم يتسبب بأضرار مادية باهضة في الممتلكات    اجتماع يناقش خطط عمل ومشاريع التحديث في هيئة المواصفات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة في استشهاد القائد الفريق "الغماري"    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    صنعاء: تدشين مبادرة "معاً لبيئة نظيفة" لتنظيف الأرصفة    وزير الصناعة يبحث مع رئيس مجلس منظمة التجارة تفعيل عضوية اليمن وتعزيز حضورها الدولي    الكثيري: الاستثمار في الطاقة المتجددة خطوة استراتيجية لبناء جنوب حديث    صنعاء تبدأ بترميم «قشلة كوكبان» التاريخية    عدن تُحتضر بصمت.. مأساة المدينة تكشف عجز التحالف والشرعية    رئيس الوزراء يدعو الشركات الصينية للاستثمار في اليمن ويشيد بالعلاقات الثنائية مع بكين    رسمي: بدء صرف شهري سبتمبر و اكتوبر من اليوم    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    البنك الدولي: نحو 216 مليار دولار تكلفة إعادة إعمار سوريا    احتجاجات عدن تكشف سياسة التجويع والترويع التي ينتهجها العدوان ومرتزقته    على ضفاف السبعين.. رسالة من شاطئ العمر    الكشف عن عين إلكترونية تمكن فاقدي البصر من القراءة مجددا    كلمة في وداع د. محمد الظاهري    نقابة المحامين اليمنيين تكلف لجنة لمتابعة قضية اعتقال المحامي صبرة    احتجاجات غاضبة في عدن عقب انهيار كامل للكهرباء وتفاقم معاناة السكان    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    قراءة تحليلية لنص "هاشم" اسم أثقل كاهلي ل"أحمد سيف حاشد"    مرض الفشل الكلوي (24)    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين قد تنهي نظام بريتون وودز الاقتصادي الذي سيطر على العالم بعد الحرب العالمية الثانية
نشر في مأرب برس يوم 06 - 04 - 2020

خلال الأيام الماضية، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرار يجبر شركة جنرال موتورز على تصنيع آلات التنفس الاصطناعي لمواجهة كورونا فيروس، وقام نظيره الفرنسي مانويل ماكرون بالأمر نفسه، وزار رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانتيش مصنعا يقوم بصنع هذه الآلات للغرض نفسه. هذه معطيات أولية ترسم الصورة التي قد يكون عليها اقتصاد الدول ما بعد كورونا فيروس، وكلها ستحد من العولمة وستكون الصين في موقف تحدي كبير الخاسر الأكبر من جهة والفائز الجديد من جهة لأنها قد تنهي هيمنة نظام بريتون وودز الذي سيطر على العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
وعمليا، بداية العقد الثالث من القرن العشرين يسجل أكبر المنعطفات باقتحام فيروس “كوفيد-19” حياة البشرية، وهو حدث يتجاوز بمئات المرات الهزة النفسية والسياسية التي أحدثتها التفجيرات الإرهابية 11 أيلول/سبتمبر 2001. فهذه المرة، الفيروس يتحدى البشرية نفسيا ولاسيما اقتصاديا. وإذا كان عدد الإصابات حتى يومه السبت 4 نيسان/أبريل لم يتجاوز 0.015 في المئة من ساكنة الأرض وعدد الوفيات القريب من 60 ألفا، أي عشر مرات أقل من ضحايا الزكام العادي سنويا الذي يخلف 600 ألف وفاة كل سنة، فالانعكاسات الاقتصادية هائلة وتتجاوز الانهيار الاقتصادي المسجل خلال أزمة-2008 2009.
خلال الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008-2009 قامت الصين باستثمار وضخ 560 مليار دولار في اقتصادها واقتصاديات دول أخرى عبر استثمارات متنوعة، وكان ذلك بمثابة تنشيط للاقتصاد العالمي بتسريع استعادة وتيرته الإنتاجية وتخليصه من التقلص والتراجع. وبعد هذه الأزمة، طورت الصين أسس مشروعها القومي التجاري مع العالمي وهو “طريق الحرير” الذي تنوي من خلال هيكلة التجارة والصناعة العالمية باستثمارات تصل إلى ألف مليار دولار يهم قطاع البنيات التحتية المتعددة والصناعة والمال والتأمين والصناعة الثقافية ويمتد إلى القارات الخمس. وهذه الطريق هي أداة ترغب من خلالها التربع على عرش الاقتصاد العالمي لتزيح الولايات المتحدة عليه خلال سنوات قليلة.
وإذا كان الغرب والولايات المتحدة أساسا من الرابحين من العولمة في التسعينات وحتى سنة 2005 فقد تحولت الصين الى المستفيد من العولمة بعد 2008. وكان جزء من الدول العميقة في الولايات المتحدة يدرك هذا التغيير جيوسياسي، وجاء الرئيس دونالد ترامب بخطاب يعبّر فيه عن أهداف هذا التيار داخل الدولة القومية الأمريكية ليبدأ مسلسل المواجهة مع الاقتصاد الصيني من خلال مضاعفة الرسومات الجمركية إلى مقاطعة بعض المنتجات الاستراتيجية مثل الجيل الخامس من الإنترنت الذي تمثله شركة هواوي الصينية. وعكس ما يعتقد الكثيرون، فقد انعكست سياسة ترامب سلبا على الاقتصاد الصيني، فقد سجل سنة 2019 ما يعادل 6 في المئة من النمو، وهو أسوأ معدل للنمو منذ 1990.
ولا تشكل الإجراءات التي فرضها الرئيس ترامب على الاقتصادي الصيني هزة كبيرة مقارنة مع الانعكاسات المخيفة لكورونا فيروس “كوفيد-19” على الاقتصاد العالمي. فلا ننسى أن الصين تسمى معمل أو مصنع العالم، وأمام الحجر الصحي على أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، وإغلاق الدول لحدودها سيهتز الاقتصاد الصيني. ومن أبرز الانعكاسات السلبية والتي هي تحديات نجد:
نهاية العولمة بمفهومها الكلاسيكي
تقوم العولمة على حرية التجارة وتنقل رؤوس الأموال والاستثمارات العابرة للقارات. وأول ضحايا هذا الفيروس الذي يضرب العالم نجد حركة النقل والتنقل بكل أنواعها البري والجوي والبحري. ففي ظرف وجيز، تحولت معظم الدول إلى ثكنات عسكرية مغلقة، ولا أحد كان يعتقد في قيام الدول الأوروبية بإغلاق الحدود بينها وكذلك قيام الولايات المتحدة بإنهاء حركة الطيران بينها وبين القارة الأوروبية ومع عدد من دول العالم الأخرى. لقد كان حلم زعيم النازية إبان الحرب العالمية الثانية هو إغلاق الحركة بين أوروبا والولايات المتحدة لوقف التدخل الأمريكي وإمداداته للحلفاء، وفشل في هذه المهمة، لكن كورونا فيروس نجح فيها وبامتياز وبشكل مفاجئ.
وإغلاق الحدود يعني وقف عمليات التصدير والاستيراد بالنسبة للاقتصاد الصيني الذي يعد مصنع العالم. فقد تراجعت الصادرات الصينية بشكل كبير منذ شباط/فبراير الماضي، وذلك بعدما قامت الصين بالحجر الصحي ثم باقي العالم ابتداء من منتصف اذار/مارس. وأصبحت الصين تصدر المعدات الطبية عبر الجو أساسا. وتشكل التجارة الخارجية الصينية بشقيها التصدير والاستيراد قرابة 40 في المئة من الناتج القومي الخام. وعليه، توقف العولمة ولو مؤقتا يلحق خسائر فادحة بالاقتصاد الصيني.
عودة التصنيع المحلي
تسبب كورونا فيروس والحاجة الى المعدات الطبية والمواد الغذائية في طرح معظم الشعوب سؤالا عميقا وهو: لماذا نستورد كل شيء ولا نقوم بالتصنيع؟ لقد أعربت الكثير من الشعوب عن استغرابها الممزوج بالسخط عندما وجدت أن الأنظمة التي تشرف على تسيير شؤونها غير قادرة على تصنيع كمامات طبية. وفجأة، اتخذت الدول الغربية قرارات بتصنيع أغلب ما تحتاجه. وكان لافتا في هذا الإطار، قيام الرئيس الأمريكي ترامب بإجبار الشركات المحلية مثل السيارات على صنع آلات التنفس الاصطناعي، وهو ما قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بينما زار رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانتيش مصنعا لتصنيع هذه الآلات وتعهد بالدعم الكامل لهذا المصنع وعشرات الآلاف الأخرى من أجل تحقيق أعلى مستويات الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد كثيرا على الخارج. وبدورها، أصبحت الدول المتوسطة والفقيرة ترغب في تصنيع الكثير من الحاجيات التي تستطيع لها سبيلا. وهذا يعني سياسيا عودة الدولة الوطنية بمفهومها القومي العميق من جهة ودولة الرفاهية المتمثلة في أعلى مستويات توفير الخدمات.
لقد أعلنت معظم الدول وخاصة الغربية عن ميزانيات ضخمة مثل تخصيص الولايات المتحدة ألفي مليار دولار لمواجهة كورونا فيروس، وفرنسا ستخصص 300 مليار يورو وإسبانيا حوالي 200 مليار يورو. وتصل الميزانيات المخصصة في العالم إلى ستة آلاف مليار دولار، وهو رقم ضخم لم تشهده الإنسانية من قبل، حيث سيتم توجيه هذه المبالغ إلى تعويض المتضررين من جهة، وتعزيز البنيات الإنتاجية من صناعة وزراعة من جهة أخرى. ومما سيزيد الدول اقتناعا بالتصنيع أو الإنتاج المحلي عموما هو حديث العلماء عن موجات آتية من أوبئة أخرى خلال السنوات المقبلة. كل هذه القرارات تعني تقزيم الإنتاج في مصنع العالم الذي هو الصين.
رهانات الصين لمواجهة كورونا
القرارات التي تتخذها الدول نتيجة كورونا فيروس لا تعني التطبيق الفوري، فالأمر يحتاج إلى مخططات. وفي الوقت ذاته، لن تقف الصين مكتوفة الأيدي، فهذا البلد العملاق الذي كان إنتاجه القومي الخام سنة 1978 لا يتعدى 150 مليار دولار وأصبح سنة 2019 أكثر من 14 ألف مليار دولار يمتلك أدوات تجعل جزء من الاقتصاد العالمي مرتبط به، بل جعل باقي الاقتصاديات تدور في فلك الاقتصاد الصيني. ومن هذه الأدوات:

في المقام الأول، تطوير العولمة الى مستويات جديدة قائمة أكثر على الحلة الجديدة المرتقبة لطريق الحرير وإعطاءه بعدا استراتيجيا جديدا، حيث لن تتخلى الدول عن تطوير البنيات التحتية وستحتاج إلى الصين في هذا الشأن.
في المقام الثاني، معظم دول العالم تعيش في مديونية وستحتاج إلى قروض، أي أن العالم سيحتاج إلى مشروع مارشال شبيه بالذي استفادت منه أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ونفذته الولايات المتحدة. ولم يعد صندوق النقد الدولي اللاعب الوحيد في العالم رفقة البنك الدولي لتقديم القروض، فقد تشكل هذه الأزمة منعطفا في تاريخ القروض عالميا، حيث ستتوجه عدد من الدول إلى الصين للحصول على قروض. وستكون الصين أمام فرصة لا تعوض للتنافس مع النظام العالمي المالي “بريتون وودز” الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية ومن عناوينه الكبرى صندوق النقد الدولي. ومن المؤسسات المالية الصينية التي قد تلعب دورا “البنك الآسيوي للاستثمار” الذي سيساعد دولا أسيوية ثم افريقية وأمريكا اللاتينية على هيكلة اقتصادياتها.
في غضون ذلك، التطورات الاقتصادية المقبلة التي ستتميز بين محاولات الصين الهيمنة وعودة الدولة الوطنية في شقها الاقتصادي إلى حرب استقطاب حقيقية بين الغرب والصين، ستعطي حربا باردة من نوع آخر وهي الحرب التجارية، سيكون من نتائجه بداية تراجع نظام بريتون وودز الذي هيكل العالم اقتصاديا بعد الحرب العالمية الثانية حتى وقتنا الراهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.