يجلس العميد محمد الصوملي في مقعد الراكب في سيارته «تويوتا لاندكروز» المدرعة، بينما تسمع أزيزها وهي في الطريق الصحراوي الذي يربط مدينة عدن الساحلية بمحافظة أبين، حيث يحكم المسلحون الإسلاميون زنجبار عاصمة المحافظة. الصوملي صاحب الجسم الممتلئ، الذي يرتدي نظارات وله شارب، هو قائد اللواء 25 ميكا، في القوات المسلحة اليمنية، وهو المسئول عن تطهير زنجبار من المسلحين، ومهمة الصوملي تحمل طابعا وأهمية دولية. فاستعادة زنجبار ينظر إليها من قبل الكثيرين على أنها الاختبار الأخير لنظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الحاكم المكروه الذي استغل بمهارة نظرة الحكومة الأمريكية له كحليف في الحرب على الإرهاب, ليحكم قبضته على السلطة. الزحمة الحقيقية الوحيدة في هذا الطريق تكمن في جموع النازحين الفارين من القتال والمتجهين صوب عدن، بالإضافة إلى التعزيزات العسكرية المتجهة نحو زنجبار. الصوملي لم يرد أن يستقل سيارته إلى الخطوط الأمامية هذا اليوم، وحاول أن ينصح الصحفيين بالعدول عن ذلك والحضور إلى مكتبه. وقال لنا: «كما تعلمون فقد يتم استهدافكم بقذائف الهاون». وقد حاول المسلحون في زنجبار اغتيال العميد الصوملي مرتين وهو في تلك السيارة. وهناك فتحة رصاصة في الزجاج الأمامي للسيارة، أعلى رأسه، وأخرى في الزجاج الجانبي، وتستطيع أن ترى آثار الرصاص ظاهرة بوضوح. وعندما وافقنا على عدم تحميله المسئولية هو ورجاله عما قد يحدث لنا، تراجع الصوملي عن موقفه، ثم تجمعنا وانطلقنا، وبينما كنا ننطلق بمحاذاة ساحل البحر العربي بعد مرورنا بأكوام من أنابيب الهاون المهجورة ودبابات تي 72 الروسية مختبئة خلف سواتر رملية وبعض الجمال الهائمة، بدا العميد الصوملي بسرد روايته لما حدث في 27 مايو 2011. في ذلك اليوم قام المئات من المسلحين بفرض حصار على زنجبار التي تبعد ثلاثين ميلا (48 كيلومتر) شمال شرق مدينة عدن الهامة، وقتلوا عددا من الجنود مما أدى إلى فرار المسئولين المحليين وتمكن المسلحون من السيطرة على المدينة خلال يومين. الصوملي أرجع السبب إلى ما سماه ب "الانهيار الأمني" واسترسل قائلا: "لقد تفاجئنا في نهاية شهر مايو بتدفق أعداد كبيرة من الإرهابيين إلى زنجبار. لقد هاجم المسلحون بعض المواقع الأمنية وتمكنوا من الاستيلاء عليها. وقد تفاجئنا عندما علمنا بفرار المحافظ ونوابه وبعض المسئولين المحليين إلى عدن". وروي لنا العميد الصوملي أنه عندما شرع الجيش اليمني بقتال المسلحين، بدأ رجال من قوات الأمن المركزي اليمني بالفرار، تاركين خلفهم أسلحتهم الثقيلة بعدما انسحبوا. ويقود يحيى، ابن شقيق الرئيس اليمني، يقود قوات الأمن المركزي التي توجد بها وحدة لمكافحة الإرهاب، تم تدريبها وتمويلها من قبل الولاياتالمتحدة. وتقول شبكة إعلامية مرتبطة بالمسلحين أنهم سيطروا على قطع مدفعية ثقيلة، مضادات طيران حديثة، عدد من الدبابات وناقلات مدرعة بالإضافة إلى كميات كبيرة من أنواع مختلفة من الذخائر. ويقول الصوملي أنه وبينما كانت قواته تحاول صد الهجوم على زنجبار مطلع شهر يونيو، قام المسلحون بمهاجمتهم مستخدمين في الهجوم نفس الأسلحة التي استولوا عليها من وحدات قوات الأمن المركزي. لقد قتل العديد من رجالي"يقول الصوملي"، لقد نفذ المقاتلون الإسلاميون سلسلة من الهجمات الجريئة على مقر اللواء 25 ميكا في الضواحي الجنوبية لمدينة زنجبار. قتل أكثر من 230 جندي من الجيش اليمني في المعارك التي دارت مع المسلحين منذ مايو الماضي، ويعترف الصوملي واصفا المسلحين الإسلاميين: "هؤلاء الشباب شجعان للغاية. لو كان لدي جيش من هؤلاء الشباب لتمكنت من احتلال العالم". * مراسل مجلة ذا نيشن (الأمة)، منح جائزة أفضل محقق صحفي من قبل شبكة ديموكراطي ناو، والتقرير الجزء الأول من سلسلة تقارير سينشرها مأرب برس لاحقا حول القاعدة في اليمن.