بدأت أمس عشرات الأسر في منطقة دماج بالرحيل من المنطقة، إثر اتفاق رئاسي بخروجهم من المنطقة إلى محافظة الحديدة، تاركين أراضيهم ومزارعهم وبيوتهم لجماعة الحوثي. وخيم الحزن على سكان مدينة دماج التي يقطنها قرابة 15000 ألف، لرحيلهم، وسط انتقادات منظمات حقوقية متعددة وصمت الأحزاب السياسية في البلاد. وقال رئيس لجنة الوساطة الرئيسية في دماج يحيى أبو أصبع: إن عدد إجمالي قتلى وجرحى السلفيين بلغ 830 شخصًا، خلال المواجهات التي وقعت مع الحوثيين في محافظة صعدة شمال اليمن بحسب إحصائيات السلفيين. وأضاف أبو أصبع إن إحصائية أبلغهم بها السلفيون تحدثت عن 830 بين قتيل وجريح منهم، فيما أشار إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقوم بجمع جثث 38 من الذين سقطوا خلال المواجهات منذ أكتوبر الماضي في دماج. وفيما يتعلق بتنفيذ اتفاق الوساطة بين الحوثيين والسلفيين، ذكر أبو أصبع أن عشرات الناقلات والسيارات وصلت إلى دماج، للبدء في عملية إخلاء الطلاب الذين لا ينتمون إلى المنطقة. وكانت الدولة قدمت وسائل النقل لبدء عملية إخلاء دماج، فيما بدأ البعض بمغادرتها فرديًا. وأشار إلى أن الشيخ يحيى الحجوري مدير دار الحديث بدماج لم يغادر بعد، موضحًا أنه رفض المغادرة قبل رحيل جميع الطلاب المتواجدين، خشية من أن يتم نقض الاتفاق. وطلب السلفيون في وثيقة الاتفاق إمهالهم أربعة أيام بلياليها ليتمكنوا خلالها من حزم أمتعتهم والاستعداد للرحيل إلى محافظة الحديدة، المقر البديل لدماج. إلى ذلك عبرت مؤسسة وثاق للتوجه المدني عن قلقها البالغ نتيجة التطورات الخطيرة في محافظة صعدة ورعاية الأطراف الرسمية لاتفاق تهجير قسري لآلاف من المواطنين من منطقة دماج بعد شهور من حرب الإبادة والحصار التي مورست عليهم من قبل جماعة الحوثي المسلحة. وعبرت وثاق - في بيان لها - عن إدانتها واستنكارها الشديدين لهذه الخطوة المنتهكة لكافة حقوق المواطنة والمواثيق الإنسانية الدولية، وحذرت من أنها ستفتح الباب لصراعات مناطقية وطائفية وجرائم إبادة وتطهير مذهبي وسياسي وتنسف التعايش السلمي وتشجع الانقسام، داعية إلى وقف الجريمة التي ستؤدي لتضرر الآلاف من المواطنين وتضع رقاب آلاف آخرين في يد الجماعة. وحملت وثاق جماعة الحوثي المسلحة التي أجبرت سكان دماج على النزوح القسري المسؤولية الكاملة عن هذا العمل كما حملت رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ولجان الوساطة التي رعت المفاوضات الأخيرة المسؤولية وأنها تعتبرهم شركاء في جريمة انتهاك حقوق الإنسان والمواطن اليمني. ودعت هذه الجهات إلى سرعة إيضاح ملابسات هذه الخطوة والتراجع عنها، وضمان حق المواطنين في البقاء في بلدتهم وحمايتهم. وحذرت كافة هذه الأطراف بأن هذه الجريمة تعد جريمة ضد الإنسانية وفقًا للمادة السابعة من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية. كما تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنساني الذي ينص في المادة (13) على أن "لكل فرد حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة". ودعت وثاق حكومة الوفاق ووزارة حقوق الإنسان والمبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر ومنظمات المجتمع المدني والجهات الدولية المعنية إلى سرعة التحرك والدفاع عن حق أبناء دماج في البقاء بمنطقتهم، وإدانة مثل هذه الجريمة. وقالت: إن هذه الجريمة التي ستؤدي إلى تهجير قرابة ثمانية آلاف مواطن من مساكنهم بسبب انتمائهم الديني تعد امتدادًا لجريمة التهجير القسري للمواطنين من أبناء صعدة، وكان في بداية ذلك أبناء الطائفة اليهودية مطلع العام 2007، وتلاه تهجير عشرات الآلاف من أبناء القبائل والتيارات غير الموالية للحوثي خلال السنوات الماضية. وجددت وثاق تأكيدها على تحميل رئيس الجمهورية والجهات الراعية للاتفاق والتي مارست الضغوط والمبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر وكافة الجهات المعنية المسؤولية عن الجريمة وما يترتب عليها من مخاطر مستقبلية وتدعو لإدانتها وحماية أهل دماج وحق النازحين في العودة إلى ديارهم في صعدة والمناطق المجاورة وممارسة كافة حقوقهم المضمونة في الدستور. إلى ذلك قال مدير مستشفى دماج الريفي: إن الإبادة الجماعية كانت ستكون مصير أبناء دماج في حال لم يقبلوا بقرار تهجيرهم عن أرضهم الذي تم الاتفاق عليه مؤخرًا كحل للعدوان الحوثي على المنطقة. وأكد أحمد الوادعي مدير مستشفى دماج الريفي في مقال نشره على صفحته في الفيس بوك تحت عنوان "هجرة إلى المجهول" أكد فيه أن التهجير هو أخف الضررين "يعني الآخر الإبادة الجماعية بالطيران الغربي واليمني أو بالكيماوي إذا لم نرحل". وأوضح الوادعي أن الناس في دماج أصيبوا بالتشنج ودخل بعضهم في حالة غيبوبة نتيجة لقرار التهجير عن الأرض، والسكن، والممتلكات، والمزارع، مضيفًا: لم تكف النساء عن البكاء والأطفال بدورهم لم تتوقف أسئلتهم: "لماذا سنخرج؟ وإلى أين سنخرج؟". مؤكدًا عزوف السكان عن الطعام الذي كان شبه منعدم بسبب الحصار الجائر الذي جاوز مائة يوم، حسب قوله. وكان مستشار رئيس الجمهورية كشف أن توقيع اتفاق إنهاء الحرب بين الحوثيين والسلفيين في صعدة فوت الفرصة على إيران في إشعال الحرب الطائفية والمذهبية في اليمن، مؤكدًا أن المؤتمر الذي سينتهي الخميس المقبل سيشكل دولة يمنية واضحة المعالم، وسيخرج باتفاقات وتوافقات ووثيقة دولية تلغي التدخلات الإيرانية في اليمن. وقال مستشار الرئيس لشؤون الدراسات والبحث العلمي، الدكتور فارس السقاف ل "المدينة": إن ما تم في صعدة من اتفاق لوقف الحرب بين الحوثيين والسلفيين هو إنهاء لحالة طائفية كانت ستتشكل عقبة كبيرة أمام اليمن إذا طالت الحرب بين الطرفين".. وأضاف إنه لا يوجد في اليمن طائفية بمعنى الطائفية ولا شيعة وسنة، ولكن هذه حركات سياسية وتصفية حسابات خارجية وإقليمية داخل اليمن وبخاصة التدخلات الإيرانية السافرة بشكل واضح، التي شكت منها الحكومة والقيادة السياسية في اليمن.. موضحا أن القول بوجود شيعة وسنة ليس صحيحا والقول بوجود مذهبية وطائفية أيضا ليس صحيحا.. هذه كلها سياسية بامتياز. وفي سياق آخر قامت اللجنة الرئاسية المكلفة بإيقاف إطلاق النار وإنهاء التوتر في منطقة خيوان أمس بإزالة المتاريس المطلة على الطريق الرئيسية والتي كان يتمركز فيها المسلحون ابتداء من منطقة خيوان إلى منطقة عجمر في حوث.. وأشار رئيس اللجنة قائد قوات الأمن الخاصة اللواء فضل بن يحيى القوسي إلى أن هذه الخطوة الهامة والمتمثلة بإزالة المتاريس تؤكد التزام طرفي النزاع بتنفيذ بنود وثيقة الصلح وإنهاء الاقتتال.. مشيدًا بتعاون الطرفين مع اللجنة الرئاسية في العمل على إيقاف نزيف الدم وصون الأموال والأعراض وتحقيق السلام واستتباب الأمن والسكينة العامة في أوساط أبناء المنطقة والوطن بشكل عام.