تليت قصائد كتبت في الاصل علي أقداح من الورق المقوي خلال حفل في لندن امس الاول الاربعاء بمناسبة نشر كتاب يضم أشعارا ألفها معتقلون في مركز الاحتجاز العسكري الامريكي بخليج غوانتانامو في كوبا. وكان جمع مقتطفات من تلك الاشعار في كتاب فكرة خطرت للمحامي مارك فالكوك الذي يمثل 17 من المعتقلين معظمهم ما زال في غوانتانامو. وقال فالكوك ان فكرة الكتاب جاءته بعد أن بدأ موكلوه يضمنون رسائلهم اليه قصائد من الشعر يصفون فيها مشاعر اليأس والاحباط خلال احتجازهم في المعتقل الامريكي. ثم اكتشف بعد ذلك عشرات القصائد الاخري التي كتبها هواة وأرسلوها الي زملائه المحامين. ويقول فالكوك ان تأليف تلك القصائد لم يكن أمرا سهلا علي المعتقلين فلم يكن يسمح لهم بالحصول علي أدوات الكتابة خلال عامهم الاول في مركز الاعتقال سوي لمدة نصف ساعة يوميا. واستخدم بعضهم الحصي ومعجون الاسنان لكتابة أشعارهم علي أقداح الشرب المصنوعة من الورق المقوي. وكتب مارك فالكوك مقدمة للكتاب حاول فيها تصحيح ما يعتبره نظرة خاطئة للمعتقلين في غوانتانامو. وقال فالكوك يحتاج الناس لمعرفة أنهم ليسوا القتلة الاشرار ولا أسوأ المخلوقات كما صوروهم. هؤلاء الرجال لم يعتقلوا في ميدان معركة أثناء محاولتهم قتل جنود أمريكيين. خمسة في المئة فقط من الرجال وفقا لوثائق الحكومة نفسها.. التي نشرت بموجب قانون حرية المعلومات.. اعتقلوا في ميدان القتال . ويستند فالكوك الي بيانات لوزارة الدفاع الامريكية ويقول انه علي الرغم من أن 775 رجلا احتجزوا في غوانتانامو فلم توجه اتهامات الا لاقل من نصفهم بارتكاب أعمال عدائية ضد الولاياتالمتحدة أو حلفائها. وتقول منظمة العفو الدولية انه حتي تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 لم توجه اتهامات الا لثلاثة من المحتجزين في غوانتانامو تمهيدا لتقديمهم الي المحاكمة أمام لجنة عسكرية ولم يدن سوي واحد هو الاسترالي ديفيد هيكس. وأدين هيكس في اذار (مارس) 2007 بدون محاكمة حيث دفع بأنه مذنب بتقديم دعم مادي للارهاب في اطار اتفاق سابق علي المحاكمة تضمن اعادته الي استراليا لتنفيذ عقوبة بالسجن لمدة تسعة أشهر. ويضم الكتاب قصيدة كتبها معظم بج المواطن البريطاني الذي اعتقل في باكستان عام 2002 أثناء اشتراكه في مشروع لبناء مدرسة للفتيات في منطقة تسيطر عليها حركة طالبان. وقضي بج 11 شهرا في سجن في باغرام بأفغانستان ثم نقل بعد ذلك الي غوانتانامو الي أن أفرج عنه عام 2005 دون توجيه أي اتهام اليه. ولم يحصل بج علي أي اعتذار أو تعويض. وقال بج كنت اريد ان اخبر الحراس والامريكان.. الادارة الامريكية.. انني اريد ان افهمهم ماذا فعلوا بي وماذا فعلوا بالمعتقلين الاخرين من الجرم وماذا فعلوا مما اخذوا منا اي طريق للعدل او الانصاف. فهكذا فكرت اولا بالكتابة عن الشعر وبعد ذلك بدأت ان اشدد بالكلمات علي الامريكان وعلي من اعتقلونا . وتختلف أشكال القصائد التي يضمها الكتاب لكن معظمها يتحدث عن غضب كاتبه من المعاملة التي يلقاها كما كتب كثيرون منهم عن شوقهم الي الديار. وعندما يجيء ذكر الولاياتالمتحدة في تلك القصائد تعبر الابيات عن خيبة الامل في المباديء الامريكية الكبيرة التي لم تطبق علي المحتجزين مثل العدالة للجميع وافتراض البراءة الي أن تثبت الادانة. ويؤكد مارك فالكوك أن ذلك بالتحديد هو ما يحتاج الي تغيير. وقال المحامي هل يجب اغلاق غوانتانامو... بالتأكيد. من وجهة نظر موكلينا الشخصية لا يهم ان كانوا محتجزين في غوانتانامو أم فورت ليفنوورث... المشكلة من وجهة نظرنا هي أنهم لم تتبع معهم الاجراءات القانونية وأن احتجازهم لا يخضع لاشراف محكمة . وذكر الشاعر البريطاني الكبير اندرو موشن أن الكتاب جيد من ناحية قيمته الفنية لكن الاهم هو أن تصل الرسالة السياسية التي يسعي لتوجيهها. وقال موشن الشعر بطبيعته يسمح للافكار المركبة والروايات المتشابكة عن التجارب بأن تصاغ بطريقة مختصرة ومركزة ومنقحة وفي متناول الجميع... لذا امل كثيرا بالنظر الي الجانب السياسي بدلا من الجانب الادبي المحض أن يتحول بعض تلك القصائد الي طرق مختصرة مفعمة بالمشاعر لعرض القضية التي يسعي الكتاب كبيان سياسي لعرضها . ويمكن حاليا شراء الكتاب عن طريق موقع منظمة العدل الدولية علي الانترنت. وفي احدي القصائد يخاطب عبدالله بن ثاني العنزي البحر الكاريبي وهو يراه من خلف القضبان: أيا بحر بلغ من وراءك أننا/ بشوق إلي لقيا الأحبة يا بحر / ولولا قيود مدها الكفر بيننا / لخضتك حتي فيك ينقطع الظهر / فاما نري من شط عنا مزارهم / واما بجوف البحر ينقطع العمر/ شواطئك الأحزان والأسر والأذي / وظلم تمضمض من مرارته الصبر / هدؤك موت واجتياحك غربة / ويعلوك صمت في ملامحه الغدر / وقد يقتل الربان صمتك إذ يطل / وقد يغرق الملاح من موجك الغمر / حليم أصم أبكم متجاهل / غضوب عصوف في تلاطمك القبر / إذا أغضبتك الريح ظلمك جائر / وان أسكنتك الريح فالمد والجزر / ايابحر هل تؤذيك قرع قيودنا / نروح ونغدوا في سلاسلها جبر / أتعلم من أي الخطيئات ذنبنا / نباع ونرمي في غيا هبها جهر / الاايها اليم المحيط بأسرنا / أصرت مع الأعداء تحرسنا قسر / أتروي لك الأحجار في كل ليلة / جرائم كفر بين أضلاعه الوغر / أتخبركم كوبا حكايات ليلها / تراجم قوم فت أكبادهم قهر / ثلاثة أعوام وأنت جوارنا / أما للجوار اليوم عندكم قدر / قوارب شعر في البحار وجدتها / لجاجة صدر في مدافنه الجمر / زمازم قهر صاغها حرف شاعر / وأوجاع قلب عاد ترياقه الشعر. وفي احدي القصائد يخاطب سامي الحاج ابنه محمد قائلا في عبارات إنجليزية ما معناه: إن السجانين الذين يتحركون بحرية كاملة في العالم الواسع، يلعبون معي لعبة جديدة، لقد عرضوا علي أموالا وأرضا وحرية، وأن أذهب إلي أي مكان أريد، ولكن الثمن هو أن أتجسس علي إخواني. ويؤكد الحاج أنه رفض العرض ووجه اتهامات للإدارة الأميركية، بأنها ترهب الأيتام كل يوم، وأن الله سيعاقبها. وقال مخاطبا الرئيس الأمريكي جورج بوش: .يجب أن تعلم يا بوش أن العالم يدرك من هو الكذاب المغرور، وأما أنا فإني أتوجه بدموعي إلي الله... ويواصل .إنني مشتاق إلي وطني، واشعر بالحز للفراق، فلا تنسني يا محمد. وإلي جانب الحاج، تضمن الكتاب قصائد للبحريني جمعة الدوسري، الذي حاول أن يقتل نفسه 12 مرة، ويقول في قصيدته .خذوا دمي وعرق جبيني، وجثتي وصوّروا جثماني في قبري وحيداً.. أرسلوها الي العالم.. الي القضاة وأصحاب الضمائر ورجال المبادئ والعادلين.. دعوهم يتحملوا في نظر العالم وزر موت روح بريئة. ...القدس العربي