برس : علي الذهب (محلل إستراتيجي وباحث في الشؤون العسكرية) تبدو هذه العمليات وغيرها مما سبق، عمليات نوعية ناجحة من منظور أهداف حرب العصابات التي تعتمد بشكل كبير على هجمات الكر والفر وما تحققه هذه الهجمات من قدر كبير من الخسائر المادية والبشرية في صفوف العدو. ولا يستغرب تكرار مثل تلك الأعمال العدائية ضد وحدات القوات المسلحة اليمينة في ظل الوضع السياسي الحرج والمضطرب داخل البلاد، الذي انعكس بدوره على أداء بعض وحدات القوات المسلحة وقوات الأمن، فضلا عن الاختراق الاستخباري لمنظومتي الدفاع والأمن من قبل تنظيم القاعدة، مع السوء الواضح في "الإدارة الوقائية لأمن المعلومات" داخل هاتين المنظومتين. يستغل التنظيم عملاءه داخل وخارج منظومتي الدفاع والأمن للحصول على المعلومات التي توضح- كماً ونوعاً- الوضع اللوجستي لهاتين المنظومتين، بما في ذلك حجم من غادروا وحداتها من إجازات وغيابات ومأذونيات ومهام خارجية، ويجري التركيز في ذلك على أيام العطل والإجازات الرسمية، الدينية والوطنية بما يمكن التنظيم من تحقيق أهداف هجماته بنجاح، وهو ما لوحظ في أغلب عملياته. ما حدث يوم أمس واليوم في البيضاء وأبين، يعد مؤشرا خطيرا على تدني الحس الأمني لدى منتسبي تلك الوحدات، وعلى التقصير الذي يبديه القادة القائمون عليها، وتقاعسهم في أداء المهام الموكلة إليهم، وهو ما يتحتم على قيادتي وزارة الدفاع والداخلية إعادة النظر في إخلاص وكفاءة وقدرة القائمين على تلك الوحدات العسكرية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد قبل أن يزداد الوضع سوءا أكثر مما هو كائن. يجب أن لا تصيب هذه الوقائع بقية الوحدات العسكرية الأخرى بالإحباط، بل على العكس يجب أن يكون ذلك درسا وحافزا لإصلاح الاختلالات الحاصلة وتفادي الأخطاء التي جرّت إلى وقوع ذلك، كما أن ما جرى يمكن أن يحري لأي جيش في وضع المواجهة، وهو ملموس من خلال ما يحدث للجيش المصري في سيناء والجيوش الأخرى في مناطق التوترات، وإن كان ما يحدث في اليمن غير قابل للمقارنة مع ما سواه، بالكمّ والنوع معا. __________ باحث في شئون النزاعات المسلحة