صحيفة الراية القطرية, وهي تتحدث عن أرقام فلكية لما تسميه ثروات واثرياء اليمن, نسيت أو ربما سهت عن ذكر الثروات المالية الهائلة التي أنفقتها ووجهتها حكومة الأمير لتمويل الفوضى وأدواتها في اليمن منذ 2011م والتي بدورها كانت سبباً لتدمير وتخريب وتبديد ثروات ومكتسبات اليمن, دولة ومؤسسات واستثمارات وأملاك عامة وخاصة استغرق بنائها وتكوينها عشرات السنوات!
تعتمد الجريدة القطرية على معلومات ومصادر غريبة ومضحكة في آن, منها موقع محلي وموظف لا أحد يعرف من هو واين هو, وخبير كندي كل ما نعرفه عنه أنه كان يعمل في اليمن في قطاع النفط, ثم صحفي مجهول الإسم والجهة. هؤلاء هم مصادر الراية القطرية التي سلمت المادة كاتبا قطريا اقتصر دوره في الموضوع المنشور على وضع اسمه وصورته -(صالح الأشقر/ كاتب قطري)- إلى جوار تقرير منقول في معظمه من موقع محلي بالنص! ويبدو أن الصحيفة القطرية لا مشكلة لديها في أن تضحي بالسمعة والمهنية لترديد ترهات رديئة تواكب مزاج البلاط الأميري المفدى.
خلال التقرير المعنون (أثرياء اليمن بين الخيال والواقع), في عدد 27 / 10 /2013, تكتشف أن الجريدة غلبت الخيال على الواقع مصداقا لعنوان تقريرها, وتخلط بين النفط اليمني والغاز الطبيعي المسال في قطر. تورد أرقاما مهولة جدا لثروة توازي حجم الإنتاج والمخزون القطري من الغاز المسال. وتعكسها على اليمن, واين هذا من تلك؟
هناك, 400 مليار دولار, مثلا, هو فقط "القيمة النفط اليمنية المنهوبة منذ باشرت السلطات الإنتاج في اليمن عام 1994"- هكذا بالنص ودون تدخل لتصحيح الأخطاء اللغوية في صياغة الجملة المقتبسة من تقرير الراية!! فإذا جمعت قيمة النفط المباع للتصدير أو في السوق المحلية, إلى الرقم الذي تورده الراية للنفط الفاقد أو المنهوب, تكون اليمن منافسا قويا لأكبر منتجي النفط والغاز في المنطقة!!؟
المثير أن الجريدة القطرية تندب حظ اليمنيين والعرب مع القادة الذين ينفقون ويهدرون الثروات, وأيضا الذين ينفقون لتمجيدهم في الإعلام. غريبة. كما لو أن الجريدة تصدر من عاصمة أفريقية وليس من الدوحة التي يعبث فيها البلاط الأميري بثروات قياسية على مستوى العالم ويبددها بسفه في مصارف غبية إلى جانب تمويل عصابات وجماعات الفوضى الشاملة في بلدان عربية كان يكفي لحل مشاكلها التنموية والخدمية والاقتصادية ربع الثروة التي الشيخ الأمير أو الأمير الشيخ في صناعة الفوضى والقلاقل وتقويض المؤسسات وتخريب القدر الموجود من الخدمات والبنى التحتية؟
لكن الراية ليست معنية بالحديث عن الثروة الخرافية التي يتحكم بها بضعة نفر يتمتعون بسلطات مطلقة ويصل بهم التمجيد الإعلامي إلى مصاف أنصاف الآلهة. بينما شاعر قطري يحكم بالسجن 15 عاما بسبب قصيدة شعرية مست الذات الأميرية (المقدسة)!! كل هذا والراية تتصدر للأستذة وتصدير المحاضرات عن الشعوب والحريات والأنظمة المستبدة؟؟
تذكر الجريدة القطرية أن صحفيا "أعرب عن اعتقاده أن "130" مليار دولار يمتلكها "18" مليارديرا يمنيا" وطبعا كجريدة إخوانية ملتزمة يجب أن تضع إسم الرئيس السابق علي عبدالله صالح على رأس القائمة. وسوف تزهد في ذكر بقية الأسماء والقائمة كلها, كما وردت في الموقع المحلي الذي نقلت عنه, لتتحاشى ذكر اسماء حلفاء الأمير ةرجاله بصنعاء من المشايخ وكبراء الإخوان.
لكن, من يلفت عناية القائمين على الجريدة الأميرية بأن ثروات اليمن كاملة منذ أول يوم لبدء انتاج النفط وحتى الآن, لا تكاد تصل إلى هذا الرقم ؟؟؟
أما إذا كانت تقصد, أو تعتقد, مثلا بأنهم (القطريين) كانوا يضعون الهبات والمنح المالية في حساب خاص وشخصي باسم الرئيس علي عبدالله صالح وراكموا ثروة هائلة وهي التي تقصدها الراية, فهذا شيء آخر لاعلم لنا به, وأبو أحمد مخاطب به وعليه أن يتبرع بجزء من المبلغ وأن يخصص للحكومة مقدار الخمس, كأفل الكثير أو أكثر القليل!!
وكنا ولا زلنا نأمل ويأمل العرب خيرا من التغيير الذي طرأ, بما يساهم إيجابيا للإستفادة من التجارب والأخطاء, وكذا أن يستفيد العرب من الأشقاء في دولة قطر (الكبرى)- ليس بحجم الجفرافيا والتعداد البشري, ولكن بحجم الثروة وضخامة الموفور المادي والمردود المالي الهائل- على اعتبار أن كل ملك وزعيم ورئيس وقائد وأمير عربي يأتي للسلطة في المنطقة العربية, تكون له سياسته الخاصة. فأين هذا من التغيير هناك, إذا كانت البعرة تدل البعير والأثر يدل على المسير؟؟