عبدالقادر سعيد بصعر غادرنا قبل أيام قلائل إلى جمهورية مصر العربية استاذنا القدير الأديب والقاص والروائي ومدير عام مكتب وزارة الثقافة بحضرموت وواحد من رموزنا الثقافية التي نعتز بها وذلك لتلقي العلاج من وعكة صحية ألمت بة مؤخراً نبتهل إلى الله العلي القدير أن يعود إلى أرض الوطن سليماً معافى متمتعاً بالصحة ليواصل عطاؤه الإبداعي المتنوع ومن باب الوفاء والعرفان تجاه هذه القامة الثقافية السامية ارتأيت أن أقدم ومضات ومحطات مما اجترحة من إبداع خلال قرابة خمسة عقود من الزمان وما سنتطرق إليه يعتبر غيض من فيض ونلتمس العذر إلى عدم الإشارة إلى جوانب من عطاءاته الباذخة . أستاذنا القدير من أوائل من التحقوا بحركة القوميين العرب في اليمن وكذا من الرعيل الأول الذين أعلنوا انضمامهم إلى الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل أوائل الستينيات. كان من المشاركين في معظم المؤتمرات العامة التي تعقدها الجبهة القومية التي تتحمل قيادة الوطن بعد نيل الاستقلال الوطني الناجز في الثلاثين من نوفمبر 1967م بداء بالمؤتمر العام الرابع الذي انعقد في مدينة زنجبار محافظة أبين في مارس 1968م ومروراً بالمؤتمر الخامس والسادس وتتويجاً بالمؤتمر العام التوحيدي الذي انضمت إليه فصيلتين سياسيتين هما ، اتحاد الشعب الاشتراكي ، حزب الطليعة الشعبية لتغدو التسمية بعد ذلك التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية في أكتوبر 1975م وهذه المؤتمرات ترسم السياسات الداخلية والخارجية للوطن وفي عام 1969م أسندت إليه مهمة مدير إذاعة عدن لفترة تقارب العامين بعدها عاد أدراجه إلى مدينة المكلا التي يكن لها كل الحب والعشق والهيام وفي هذه الفترة تم تكليفه بتحمل سكرتير دائرة الفكر والثقافة والأعلام للتنظيم السياسي الجبهة القومية وعمل في هذا الموقع خلال الفترة من ( 1970 1978م ) كان يعد الخطط والبرامج وفق سياسات وتوجهات الجبهة القومية السائدة آنذاك مع انفتاحه ورؤيته لبعض الرؤى الأخرى لما يتمكن من عمق ثقافي وعدم تشدد وتعصب كان بحكم مسئولياته في هذه الدائرة مشرفاً على صحيفة ( الشرارة ) الناطقة بأم التنظيم السياسي ويساهم بالعديد من الموضوعات السياسية ويشرف على صفحة سبابيس وهو نقد للظواهر السلبية التي تتعارض مع توجهات النظام الصادر من الأفراد والمؤسسات يتناولها بالنقد وباللهجة الدارجة بأسلوب الحوار إضافة إلى أشرافه على إذاعة المكلا وكل الأنشطة الفكرية والثقافية والفنية والأدبية وهي لعمري مهمة شاقة وعسيرة أطلع بها بكل كفاءة واقتدار ، في ضل الصراعات السياسية التي شهدها الجنوب بين أقطاب السلطة اكتوى الأستاذ / صالح باعا مر منابرها ضمن كوكبة من الذين تعرضوا للأذى والمضايقة نتيجة للتصنيفات السياسية التي تصنف السياسيين إلى ( يمين ، يمين انتهازي ، يسار انتهازي ، زمره طغمه ) وغيرها من التصنيفات التي ما أنزل الله بها من سلطان واكتوى الوطن منها بالخراب والدمار عندما تصل إلى ذروتها في المواجهات المسلحة بين الأطراف المتصارعة . حيث تعرض للإبعاد عن ممارسة النشاط الحزبي والسياسي في أحداث 26 يونيو 1978م التي تم فيها إبعاد الرفيق سالم ربيع علي ( سالمين ) وتصفيته جسدياً مع بعض رفاقه وكذا أحداث 13يناير 1986م المأساوية و الكارثية التي تعرض لها الجنوب الوطن ولازال يعاني من تداعياتها إلى الآن في هذه الفترة التي ابعد فيها عن ممارسة النشاط السياسي كانت بالنسبة له من أخصب الفترات التي مارس فيها نشاطه الأدبي والثقافي والإبداعي وكما يقولون في الأمثال ( رب ضارة نافعة ) حيث انتقل للعمل في مكتب وزارة الثقافة بحضرموت ليعمل مديراً لدائرة الثقافة الجماهيرية بالمكتب ومن نشاطاته في هذه الدائرة إصدار مجلة أدبية وثقافية بعنوان إصدار المكتب منها عدة أعداد ثم ثنى بعد ذلك فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيينبحضرموت إصدار مجلة ( آفاق ) الثقافية الأستاذ صالح سعيد باعا مر من المؤسسين لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وكان من المندوبين الذين شاركوا من حضرموت في مؤتمره التأسيسي الذي عقد في عدن عام 1970م وعلى مدى أكثر من أربعة عقود من الزمان ضل وفياً ومخلصاً لهذا الإطار الإبداعي ويشارك في مؤتمراته العامة ويتم انتخابه في أعلى إطار قيادي وهو المجلس التنفيذي للاتحاد . أما فرع الاتحاد في حضرموت الذي تأسس في أواخر السبعينيات من القرن الماضي فقد كان الأستاذ صالح باعامر من اعمدتة الرئيسية حيث حظي بثقة أعضائه في المؤتمرات الفرعية للاتحاد لتحمل رئاسة فرع الإتحاد لأكثر من دورة انتخابية وكذا المشاركة في السكرتارية لفترات طويلة ، الأديب والقاص والروائي صالح سعيد باعامر له نشاط إبداعي مستمر ومتواصل فقد أصدر عدد من المجموعات القصصية ومنها حلم الأم يمني ، دهوم المشقاصي ، وهو من كتاب الرواية في اليمن الذين يشار إليهم بالبنات فقد صدرت له حتى الآن ثلاث روايات الصمصام المكلا ، أنه البحر ويعكف في الفترات الماضية قبل أن تداهمه الوعكة الصحية على أنجاز روايته الرابعة وتحظى إبداعاته القصصية والروائية باهتمام من النقاد اليمنيين والعرب الذين يقدمون قراءات نقدية لهذه الإبداعات في عدد من المجلات الأدبية والثقافية اليمنية والعربية ، كما حظيت مجموعاته القصصية والروائية بقراءات لها في منتديات ثقافية في كل من صنعاء ، عدن ، المكلا ، ذمار وبعض المنتديات الأخرى في عدد من محافظات الوطن وفروع اتحاد الأدباء المنتشرة في بعض المحافظات ، شارك قبل عدة أشهر في مهرجان خصص للقصة والرواية الخليجية بناءاً على دعوة كريمة من اتحاد أدباء الأمارات في مهرجان الشارقة الثقافي تم التعريف بإبداعاته في المجال القصة والرواية وقام بتوزيع نسخ من روايته الأخيرة ( أنه البحر ) للمشاركين في هذا المهرجان في عام 1991م تحمل قيادة مكتب وزارة الثقافة وعلى مدى 24 عاماً قدم عطاءاً سخياً وباذخاً ووضع الخطط والبرامج الثقافية مع ايلاء اهتمام بالإصدارات المعرفية لمبدعي المحافظة والإصدار المنتظم لمجلة المكلا الثقافية الفصلية رغم ما يرصد لهذا المكتب من ميزانية متواضعة تجعله في ذيل القاغة والدرك الأسفل من بين المؤسسات وهو يعكس نظرة دونية وقاصرة تجاه دور الثقافة ورسالتها النبيلة ورغم ذلك أبلى أستاذنا القدير صالح سعيد باعامر بلاءاً حسناً رغم كل المتبطات والكوابح والتحديات التي واجهها على مدار هذه السنين الطوال عرف عن الأستاذ صالح سعيد باعامر النزاهة وعفة اليد واللسان ويعيش حياة فيها من البساطة والزهد الشئ الكثير رغم ماقدمة لهذا الوطن من عطاءات في العديد من المجالات السياسية والثقافية والأدبية والإعلامية والصحفية عازخاً قانعاً صابراً محتسباً رغم أن هناك أشخاص آخرون لايرتقون إلى جزء يسير مما قدمه يرفلون في النعمة والترف يكدسون الأموال والأرصدة ويشيدون العمارات والفلل الفاخرة والسيارات الضخمة من خلال استغلال مناصبهم ومراكزهم والسلطة والوظيفة وهم معروفين للقاصي والداني مرة أخرى نتفرع إلى الله ونبتهل إليه بالدعاء أن تعود إلينا ياأبوناظم من هذه الرحلة العلاجية والطارئ الصحي الذي ألم بكم وأحزن أهلك وأصدقاؤك ومحبه أن تعود بالصحة وسلامات وما تشوف شر يا أبو ناظم .