إن حقيقة الأمر فإن الاستغراب ليس ببعيد عن العوامل النفسية لما يولده م إحباط وخيبة الأمل والصدمة أيضاً مما يدفع المرء بحث عن المتغيرات ( الدامغة ) التي أدت الى الدفع بهؤلاء من جل تغيير جلودهم والبحث الجاد والمضني والموصل إلى اللاشئ بحيث يجعلك حتماً أكثر ثبات على مواقفك ، وربما أكثر تشدد مع رفاق الأمس ، وأكثر اعتدالاً مع الخصوم التقليديين ، فعلى أقل تقدير يتذرع الخصوم بشبهة دليل بنوا عليها قصوراً من الرمال ، وساقوا إليها الناس من كل حدب وصوب ، بينما يملك رفاق الأمس حتى شبهة الشبهة بما يدفع الأمر لمطالبتهم لخصومهم السابقين ، لأنهم أمام هذا الموقف إما متهمون بالانحراف عن الحق والانحياز الى الباطل ، وإما بالانحياز الى الحق والانحراف الى الباطل .. وهذا من أبسط ما يتوجب عليهم .. ففي الثالث عشر من يناير 2006م حين ترسخت القناعة بالاعتراف بالذنب لما ارتكبت من مجازر بين أبناء الوطن الواحد استطاعت جمعية ردفان بتوفيق من الله وبإرادة قواه الخيّرة وروح التسامح والتصالح أن تحول مناسبة ذلك اليوم المشئوم من عام 1986م الى يوم تحقيق مبدأ التسامح والتصالح الذي عبّر عن سمى آيات العزة والشموخ ليصبح عدو الأمس صديق اليوم فأذهلت به العالم لما تمثله من قيم إنسانية سيما وقد أتت في ظرف يتطلع فيه شعبنا الى دفن الماضي بمآسيه ولم شمل الجميع بوحدة الصف ضد المحتل لاستعادة الأرض المسلوبة ، فالتوبة لا تكون إلاّ بالاستغفار أولاً وقطع الصلة عن لمعصية ثانياً وبعدها يستطيعون أن يجدوا لأنفسهم مكاناً على الغصن لجديد ، وبإمكانهم أيضاً أن يرددوا اللحن الجديد ، ويحاولوا دعوة رفاق الأمس الى التوبة ، ولكن بالمقابل لا أحد سيمنع المرء من التساؤل عن مصيرهم ومصير مسيرة نضال طويل امتدت من بزوغ انطلاقة الثورة الشعبية السلمية التحررية ضد الاحتلال حتى اليوم الذي م نعد نرى فيه أثراً للضوء .. بغض النظر عن اختلاف المشارب والمآرب ، بين المتخندقين في خندق واحد ، وبغض النظر عما يراه كل فرد منهم حقاً وواجباً ، وبغض النظر أيضاً عن كل محاولات التشويش ولعزف على وتر العواطف والغرائز ، فبغض النظر عن كل هذا وجب عل المرء أن يقف ليعلن عن قطة نظام في ظل هذه الفوضى العارمة وهذا لجاذب غير المسبوق وهذا إرهاب الفكري الذي يمارس على كل إنسان رأى مالم يره أحد . بادئ ذي بدء لعل من المفيد في هذه الزاوية أن نتساءل : ما معنى أن نقول هذا الإنسان مبدئي ؟! فوفقاً لمعرفتي المتواضعة ودون اللهث خلف التعاريف الأكاديمية : أن المبدئي من له مبدأ واضح محدد ، وله هدف لا يقل وضوحاً عن المبدأ ، وبينهما مسيرة نضال لا يوقفها الا ( عزرائيل ) والمبدأ هو الذي يحدد مواقف الإنسان وتوجهاته وخياراته ، وليست المتغيرات والاملاءات والأهواء والمصالح الضيقة .. ولا أظن بأي حال من الأحوال أن تكون بطون الكتب ستختلف معي من حيث جوهر هذا التعريف وان اختلفت الديباجة وطال الشرح .. ألا ترى يا أخي أن بداخلي قلباً منكسراً .. وحزناً لما أرى .. وقلق على مستقبل ربما تضيق فيه الحلول لأزمة نحن صناعها ويصعب الخروج منها .. ألا ترى أن أرض الجنوب لا تتحّمل هذا التشظي في الملل والنحل لأنه متفرداً بالجمال والتسامح والتوافق والانسجام وأهله ينشدون الحب والسلام ، يريدون الإفلات بأجنحة فراشات نحو السلام والأمن والاستقرار ، ويكون بمقدورهم أن يناجوا الله تعالى بصلاة واحدة .. نجنا يارب من القوم الظالمين .. آمين يارب العالمين يا مجيب دعاء المظلومين . سالم عبدالمنعم باعثمان المكلا حضرموت