إن زيارتي الأولى لليمن - بحكم منصبي وزير دولة لشؤون التنمية الدولية في المملكة المتحدة - كانت تجربة رائعة، وبينت لي بأن اليمن بلد أمامه مستقبل ملؤه التحدي، لكن لديه كذلك الكثير من الفرص. لقد التقيت خلال زيارتي هذه بعدد من الشخصيات الملتزمة بجعل اليمن أفضل وأكثر أمنا ورخاء، وشهدت حماسا يسري بين من يساعدون على إحداث التغيير وتحقيق تحسن ملموس في حياة الشعب اليمني. لكن لا يمكن تحقيق هذا الهدف بوجود مستقبل أكثر رخاء إلا عبر الشراكة. وقد تشرفت جدا بلقاء كل من الرئيس اليمني ورئيس وزرائه خلال زيارتي هذه. فقد أتاحت لنا لقاءاتنا الفرصة لتأكيد عمق الصداقة والعلاقات التي تربط بين بلدينا. وضمن برنامج زيارتي خلال الأسبوع الجاري وقعت حكومتا اليمن والمملكة المتحدة على ترتيبات للشراكة في مجال التنمية تحدد كيف يمكن لبلدينا العمل معا على أكمل وجه خلال السنوات العشر القادمة لمعالجة قضايا كتحسين فرص التعليم، وخصوصا بالنسبة للفتيات، وزيادة إمكانات توفير المياه وتوفير وظائف جديدة مع بداية انخفاض عائدات النفط وارتفاع تعداد السكان. تعتبر المملكة المتحدة من أشد الداعمين لليمن: فقد استضفنا مؤتمرا دوليا في لندن بالعام الماضي جمع العديد من الدول والمنظمات الأخرى التي لديها رغبة مماثلة بتقديم الدعم لليمن؛ وسوف نزيد من المساعدات المالية التي نقدمها لليمن إلى 100 مليون دولار سنويا بحلول عام 2010/2011؛ وإننا لملتزمون بالشراكة على المدى الطويل. كما ندعم بشدة جهود حكومة اليمن، مع مساندتها في أولوياتها الرامية لمعالجة مشكلة الفقر، وكذلك بشكل خاص في الدفع قدما بأجندتها الإصلاحية. لكن معالجة التحديات التي يواجهها اليمن اليوم، وخلال العقود القليلة القادمة، لا تنطوي فقط على الشراكة مع الحكومات المانحة كالمملكة المتحدة أو مع دول أخرى في الشرق الأوسط وغيرها من الشركاء الدوليين، مهما كانت أهمية تلك الشراكة، بل إنها تنطوي كذلك على الشراكة ضمن اليمن نفسه، ضمن مجتمعكم أنتم. تنفذ حكومة اليمن أجندة هامة للإصلاح تساعد في تعزيز قدرات الحكومة على توفير الخدمات للشعب، والمساعدة في مكافحة الفساد. ويعتبر تمرير قانون المشتريات الحكومية مؤخرا وتأسيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد خطوتان أساسيتان في الاتجاه الصحيح، لكنهما بحاجة لدعم من جميع الأركان للتأكد بأن يكون للنوايا الإيجابية تأثير حقيقي. خلال رحلتي إلى اليمن، قمت بزيارة إلى قرية جديدة تطورت أحوالها بتشييد خزان جديد للمياه يعمل بمضخة تعمل بالطاقة الشمسية. وقد أدت زيادة إمدادات المياه عبر الشراكة البسيطة ما بين استخدام التكنولوجيا الحديثة وتطبيق حلول بسيطة إلى ألا تضطر النساء والفتيات بعد الآن لتعريض حياتهن للخطر بالذهاب عبر منحدر خطر لجلب المياه من أقرب نبع للمياه. كما يعني ذلك بأن استخدام أهالي القرية لكميات أكبر من المياه الأكثر نقاء سيؤدي لتحسين الأوضاع الصحية بالقرية. وأدى قضاء وقت أقل في جلب المياه إلى زيادة عدد الأطفال الذين يذهبون إلى مدارسهم، وكذلك توفير المزيد من الوقت للنساء لرعاية بيوتهن وأطفالهن. وقد تم إنجاز هذا المشروع من خلال الشراكة بين الصندوق الاجتماعي للتنمية والمجتمع المحلي، وذلك عبر الاشتراك بالتكاليف وبإدارة إمدادات المياه الجديدة. لكن لِمَ تحتل الشراكة هذه الأهمية؟ ذلك لأن التحديات التي يواجهها اليمن اليوم هي نفس التحديات التي نواجهها جميعنا. فنحن نعيش في عالم متعولم؛ ومشاكلنا، كمشكلة التغير المناخي ومحدودية الموارد الطبيعية والاحتياجات المتنامية، لا تعرف حدود وطنية أو دولية لها. والحقيقة بكل بساطة هي أننا نتيح لأنفسنا الفرصة، عبر وجود شراكة قوية وفعالة، للتغلب على هذه التحديات. * وزير الدولة لشؤون التنمية الدولية البريطاني نقلاً عن جريدة "العرب" الصادرة من لندن