أكدت مصادر "نبأ نيوز" أن استنفاراً غير مسبوق لتنظيم "تاج" على مدار الأسبوع الماضي، أسفر مساء أمس الجمعة عن تمزيق شبه كامل لتيارات الحراك الانفصالي في الداخل، والإطاحة بصورة نهائية بمشروع لجنة الحوار– المؤلفة من (20) عضواً- لتوحيد هيئات وتيارات الحراك، كاشفة النقاب عن اتصالات واسعة أجرتها قيادات "تاج" مع الداخل خلال يومي الخميس والجمعة الماضيين لبدء نشاط واسع ضد "هيئة حركة النضال السلمي الجنوبي"، التي أعلن عن تأسيسها مؤخراً النائب صلاح الشنفره. وأفاد مصدر قيادي في الحراك: أن اجتماع الجمعة الذي عقدته لجنة الحوار شهد اتساع هوة الخلافات بين مختلف الأقطاب الأربعة المؤلفة للجنة، وانفجار الموقف بين مجلس باعوم وهيئة النوبة على نحو "يستحيل إصلاحه"، متهماً مجلس باعوم بالوقوف وراء التصعيد الأخير، وأنه "كل يوم يفاجئ اللجنة بطرح مختلف، وأجندة أغرب من سابقتها"، الأمر الذي تولد على إثره قناعة بعدم رغبته في الوصول إلى مخرج، وأجج حالة من التوتر والانفعالات داخل الاجتماع. وأضاف المصدر: أن حالة من الفوضى سادت الاجتماع، تراشق خلالها الأعضاء الاتهامات بالتآمر والتخوين مع هيئة الشنفره، في نفس الوقت الذي شهد مجلس باعوم خلافات داخلية بين قياداته أنفسهم، لينتهي الاجتماع بدعوات أطلقها عدد من الأعضاء بأن على لجنة الحوار إصدار بيان تعلن فيه فشلها وانتهاء مهمتها. من جهتها، عزت مصادر "نبأ نيوز" في المملكة المتحدة خلافات حراك الداخل إلى تحركات واسعة لتنظيم "تاج"، ضمن رهان على منع أي محاولة لتوحيد جبهة الداخل تحت مظلة قيادة موحدة- وهو الأمر الذي أكده أيضاً الدكتور عبد الله أحمد بن أحمد الحالمي- رئيس تنظيم "تاج". ونقلت المصادر عن قيادات رفيعة في "تاج" تخوفها الشديد من أن تقود أي قيادة موحدة للحراك في الداخل إلى تهميش قوى الخارج، وإقصائها من أي حسابات سياسية قادمة، أو تفردها بأي حوارات محتملة مع النظام.. ونسبت إلى تلك القيادات تأكيدها بأنها "لن تسمح بتشكيل أي هيئة قيادية للنضال الجنوبي تتجاوز تاج، لأن تاج هي محور ارتكاز النضال الجنوبي، والرقم الأصعب في مواجهة الاحتلال، والأقدر على سحق كل من يقف في طريقه"- على حد تعبيرها. وأكدت- نقلاً عن نفس المصادر- مخاوف "تاج" الكبيرة من ظهور "هيئة حركة النضال السلمي في الجنوب" بقيادة صلاح الشنفره، وارتيابها من الصعود السريع لجناح الضالع- الذي كان طوال فترة الحراك الماضية شبه مقصي عن اللعبة السياسية الجنوبية- والذي بدا الآن نداً قوياً لنفوذ "تاج" في الداخل، مؤكدة أن اتصالات واسعة أجرتها قيادات "تاج" خلال يومي الخميس والجمعة مع الداخل، استنفرت من خلالها تنظيماتها لمباشرة تنسيق خطة تحرك سريعة بمواجهة هيئة الشنفره، وتحذير الجنوبيين من كونها "ذراعاً" للقاء المشترك والنظام للقضاء على الحركة النضالية والقضية الجنوبية- وهو نفس الطرح الذي ورد على لسان عدد من أعضاء لجنة الحوار. وتعتقد مصادر "نبأ نيوز" أن الأيام القليلة القادمة قد تشهد مزيداً من التمزق في صفوف الحراك في الداخل على خلفية ما أقرته "تاج" من برنامج عمل خلال الأسبوع الماضي، بعد تعاظم الشكوك لدى قيادتها في محاولة الداخل شق العصا والعمل منفرداً عن الخارج. كما تؤكد: أن "تاج" استنفرت تنظيماتها في الداخل ضد هيئة الشنفره بالتزامن مع التقرير الذي نشرته "نبأ نيوز"، والذي كشف قنوات تمويله المختلفة، الأمر الذي أجج مخاوف "تاج" من قدرة الشنفره على العمل منفرداً، واحتواء الحراك خارج سقف "استقلال الجنوب" الذي تدعو إليه "تاج"، وهو التوجه الذي من المتوقع أن يحضى بقبول أكبر والتفاف شعبي أوسع. أما ما يؤكد حجم المخاوف التي تعيشها "تاج" من توحيد حراك الداخل، فهو أنها ولأول مرة في تأريخها تخرج عن نطاق العمل السري إلى العلني، وتوجه على لسان رئيسها عبد الله أحمد بن أحمد الحالمي، بياناً مفتوحاً تعلن فيه رفضها القاطع لتوحيد قيادة هيئات وتيارات الحراك في الداخل، وتدعو إلى تأجيل ذلك حتى عام 2011م، وتبث الهلع في نفوس هيئات الحراك من أهوال ما قد يلحق بها إذا ما اجتمعت تحت مظلة قيادة واحدة.. بل أن الحالمي أمعن في بث أسباب التمزق، من خلال الاستهزاء بتكوينات الحراك في الداخل، وطعنه بشرعيتها، فهو يقول: (لم يحدث لأي تكتل أي انتخاب من الأدنى إلى الأعلى، وما تم هو في حلقات واجتماعات ضيقة عقدها المؤسسون فقط، بما في ذلك ما يطلق عليها البعض مؤتمرات، لأن من حضرها ليس مندوبين ولكن مشاركين معينين). ويقول الحالمي- رئيس تاج- فيما كتب أمس الجمعة: "أن الأمر عندما يصل إلى القيادة ومن يكون القائد، الجميع يريدون يكونون القائد، حيث لا نجد من يقوده القادة بعد ذلك، و ليس هناك من ضوابط ومقاييس تحكمنا. وهذا هو حالنا يجب أن نعترف فيه، و أن نترك تشكيل قيادة موحدة لفترة زمنية كافية تنضج فيها الظروف، والظروف هي التي تأتي لنا بالقائد والقيادة التي سوف تفرزه وتفرزها ميادين النضال التحرري الجنوبي، والجماهير يوماً من الأيام سوف تختار قائدها بنفسها لمَ لا, لأنّ واقعنا الحالي المزري الذي نعيشه لا يسمح لنا باختيار قيادة موحدة لأن الظروف والعوامل لم تكن بعد مهيّأة، والمشاريع والأهداف لم تكن موحدة، والتكتلات السياسية المجودة لم يستكمل بنيانها التنظيمي بعد، ولم يختبرها الزمن.. وقبل توحيد القيادة يجب توحيد الهدف لهذه القيادة. هذا هو واقعنا ويجب أن نعترف فيه ونتعامل به بكل مسئولية. هذا إذا ما حاول البعض بعد الوصول إلى القيادة إقصاء الآخرين والتحكم بالقرار وفق ما يراه هو لذا- بالتأني السلامة وبالعجلة الندامة". ويضيف: "لا شك بأن المرحلة سوف تفرز قوى سياسية وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني جنوبية خلال الأعوام 2009-2011، ولا شك سوف تأتي مرحلة مناسبة لتوحد البعض، وتشكيل تحالف جبهوي بين البعض الآخر، لكن كل شيء في وقته حلو- حسب المثل المصري". ويتابع ناصحاً: "لذا أعزائي ليس من الحكمة الاستعجال في إنشاء قيادة موحدة الآن، فأنا لست ضدها لكن ضدها الآن، لأنها سوف تتحول إلى نقطة خلاف بدل من نقطة إجماع حسب قراءتي ومعرفتي للواقع". ويكشف الحالمي عن خوف تاج من الإقصاء إذا ما توحدت قيادة الحراك قائلاً: إن "محاولة الاستعجال والإسراع في إنشاء قيادة موحدة في هذه المرحلة تنفرد بالقرار لم يكتب له النجاح ولا يخدم الثورة الجنوبية، كوننا سوف نضع مصير شعب بيد مجموعة صغيرة، إلى جانب أنه قد يصل احد التيارات إلى الإمساك بالقرار وإقصاء الآخرين". ويؤكد رئيس تاج أن قيادات حراك الداخل لا تمتلك أي شرعية، ولم تخترها الجماهير، وأنها نصبت نفسها بحلقات ضيقة، مجرداً إياها من أي شخصية سياسية أو وطنية، فيقول ما نصه: "مع أن ما تم إلى الآن من تشكيل للتكتلات السياسية لا يؤهلها انتخاب قيادة، كونها هي غير منتخبة من الشعب، ولا من تنظيماتها ولم يحدث لأي تكتل أي انتخاب من الأدنى إلى الأعلى وما تم هو في حلقات واجتماعات ضيقة عقدها المؤسسون فقط بما في ذلك ما يطلق عليها البعض مؤتمرات لأن من حضرها ليس مندوبين ولكن مشاركين معينين". وإمعاناً في تهويل المخاوف، يقول رئيس تاج: "أن هذا التوجه يعيدنا إلى النظام الشمولي ونظام الحزب الواحد والأوحد الذي يتحكم بمصير الشعب، وهذا الأسلوب مرفوض في القرن الواحد والعشرين قرن التعدد الحزبي والسياسي والفكري والديني والاقتصادي.. لقد علمتنا التجربة بأن الانفراد بالقيادة يولد الديكتاتورية والكوارث وخاصة في المجال الحزبي والسياسي والنضالي". وبدا الحالمي متوسلاً من كثر تكراره لعد تشكيل قيادة موحدة، فيقول: "أدعو إلى عدم الاستعجال في تشكيل القيادة الواحدة كون ذلك لا يمكن له الاستمرار، وإن اتفق البعض وقالوا أنهم هم القيادة سوف يأتي آخرون ويشكلون قيادة مشابهة كما حدث في تجربتنا". لقد كرر رئيس تاج دعوته بعدم الاستعجال بتشكيل قيادة موحدة، أكثر من ثماني مرات في مقال واحد، وبنفس المفردات، وهو الأمر الذي يكشف مدى خوف "تاج" من النتائج التي كان يمكن أن تسفر عنها اجتماعات لجنة الحوار، ويؤكد أيضاً دورها في تمزيق الحراك مجدداً، وأن "الزعامة" خطوط حمراء لن تتردد "تاج" في استخدام كل الوسائل المتاحة بين أيديها لمنع التعدي عليها- سواء من قبل باعوم، أو النوبة، أو الشنفره، أو حتى الجنوبيين أنفسهم.. !!