لم يختفي الغاز من الأسواق فقط بل اختفت الضمائر واختفت الدولة بأجهزتها الرقابية ومؤسساتها المعنية، اختفى الشعور بالمسئولية الموجود فقط هو اللامبالاة والجشع أما الغاز فمعدوم .. معدوم. يبدو أن اليمني البائس لن يحظى بحياة هادئة في ظل الغياب الكلي لأدوار المؤسسات الخدمية التي من أهمية وجودها كما نعلم الطلاب في المدارس هو تسهيل حياة المواطنين وتقديم الخدمات، لهم فكم نحن كذابون حين نشرح هذه النقطة في نظر طلابنا الذين يعرفون تماما أنهم وبعد المدرسة يجب أن يداوموا في طوابير الغاز لأن مشكلة الغاز يعاني منها الجميع حتى الطفل الرضيع فكل شئ نحتاجه له صله بالغاز وهو طعامنا الذي عليه نحيا ولأجله نتعب ونعيا. سألتني أحدى التلميذات يا أستاذة ما هي الوزارة التي من مهامها توفير الغاز؟ وحين أخبرتها أنها وزارة النفط والمعادن قالت: ألم تخبرينا أن بلادنا غنية بالنفط والغاز ألم تحديثينا عن محطة بلحاف التي تم افتتاحها مؤخران وحين أجبتها بنعم قالت: فلم إذا لا نجد الغاز في الدكاكين وكل مارحنا نسأل عنه يقولوا معدوم حتى في صنعاء حيث عمتي وفي تعز حيث يعمل أخي؟. حقيقة عجزت عن الاجابة لوهلة ولكني أوضحت لها أن هناك لصوص يقطعون الطرق على ناقلات الغاز؟ لكنها باشرتني بسؤال بس فين وزارة الداخلية التي من مهامها حفظ الأمن لا ادري كيف أفهم هذه التلميذة الصغيرة التي تحفظ جيدا مهام كل وزارة بأمور ستكون عكس ما شرحته لها سابقا، كيف أوضح لها أن هؤلاء لا يقومون بعملهم جيدا وكيف أفهمها بأمور قد تجعلها ترى العالم بعين مليئة بالتشاؤم. لكني حرصت على أن أفهمها أن الجميع يعمل لصالح الوطن وأن هناك خير وشر تماما كما في قصص الأطفال ولكن الخير سينتصر في النهاية وسوف يتوفر الغاز أنما هي مرحلة، هزت لي جميع التلميذات رأسهن بالموافقة على أن الخير ينتصر في الأخير فطلبت منهن أن ندعو للوطن بالأمن والرخاء. ولا زلت أسأل نفسي الى اليوم ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم ومن الأجيال القادمة كيف سيواجهون هذه العقول الصغيرة حين تكبر وتكتشف أنها كانت تعيش حلم جميل لأنه لا يسعني سوى أن ارسم لهن طريق الأمل وكل ما أخشاه أن تنمو هذه الصغيرات وتكبر على نفس الوضع فتتمنى لو أنها لم تكبر كما نتمنى نحن ذلك لأن كثرة هذه الأعباء والضغوط والأزمات أثقلت كاهلنا ونود حقا لو زلنا صغار. [email protected]