شهد حي الروضة مديرية القاهرة مدينة تعز يوم أمس الاربعاء حادثة قتل راح ضحيتها أحد ابناء الفئة الاشد فقرا في اليمن المعروفة بالاخدام، وذلك خلال عراك نشب امام مستشفى الروضة الاهلي بين طرفين كانا قد اسعفا كل منهما اقرباء له على اثر حادثة مرورية وقعت في منطقة نخلة شرعب السلام قبيل ظهر ذات اليوم. وقال طلال عبده احمد والد المجني- من اهالي قرية الجبال مخلاف شرعب السلام- ل"نبأ نيوز": ان ابنه المجني عليه كان ضمن اربعة اخوة يستقلون سيارة في طريق نخلة، وحدث ان اصطدمت سيارتهم بسيارة اخرى فتم اسعاف الجميع وهم الاربعة الابناء من الفئة المهمشة واشخاص اخرين كانوا يستقلون السيارة من غير ابناء تلك الفئة المهمشة الى مستشفى الروضة الاهلي عند الساعة الثالثة عصرا. واضاف والد المجني عليه: ان المصابين بحادث السيارة من ابناء هم (فريد، وفتاح، ومبارك، وزعيم) اضافة الى المجني عليه (خطاب طلال عبده احمد) - 16 عاما- في الصف التاسع اساسي مدرسة الزوحة.
واضاف: عندما ابلغني ابني خطاب بالحادثة ذهبت الى المستشفي وكنت اعتقد ان ابنائي الثلاثة الاخرين قد توفوا وكنت مستعدا للتنازل على اساس ان ما حدث كان قضاء وقدر, فوجدت ان الجميع بخير غير واحد مصاب بكسر في يده, وجاء ابني المجني عليه وطلب من شيخ القرية (مقبل مرشد) ان يذهب معه الى المستشفي لعمل اللازم ومعالجة الجرحي, ولكنه نهره وقال له: مافيش علاج لكم انتم الاخدام, بينما كان الشيخ مكلف بالنظر في حادثة التصادم وحل المشكلة بسلام على اساس التراضي بين الطرفين.
واشار الى ان السائق الذي كان المهمشين يستقلون سيارته كان مستعد لعمل اللازم تجاه ابنائه الجرحي الاربعة ولكن حدث ان خلافا نشب بسبب رفض شيخ القرية معالجة الجرحي بحجة انهم (اخدام), مؤكدا ان الخلاف انتهى بتوجيه احد المرافقين للشيخ جنبيته في ظهر ابنه (خطاب) الذي سقط على اثرها مغشيا على الارض ينزف دون مساعدة من احد.
واختتم والد المجني عليه- وقد امتلئت عيناه حزنا وهو يجهش بالبكاء: اسعفت ابني الى مستشفي الثورة العام ولكن فارق الحياة لحظة وصوله قسم الاسعاف, وتم وضع جثته في المستشفى حتى تاخذ العدالة مجراها لولدي الذي لن تهدأ روحي او يغمض لي جفن حتى اقتص له من القتلة الذين ازهقوا روحه البريئة بلا سبب.
عبد الغني عقلان- رئيس لجة الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للمهمشين في اليمن- ندد بعملية القتل البشعة التي راح ضحيتها احد افراد الفئة المهمشة بتعز, وارجع ذلك الى غياب القانون والعدالة، ووجود تمييز صارخ ضد ابناء هذه الفئة, مشيراً- في تصريحه ل"نبأ نيوز"- الى ان حادثة اليوم هي الثانية خلال بضعة اشهر، حيث شهدت منطقة جبل راس محافظة الحديدة مقتل تسعة دفعة واحدة من ابناء هذه الفئة على خلفية اغتصاب طفل من ابناء الفئة.. واضاف عقلان: حادثة اليوم بدأت مثل حادثة جبل راس حيث كلتا الحادثتين بدأتا بمشكلة ثم انتهتا الى قتل بشع في حق ابناء الفئة المهمشة.
وأرجع ذلك الى ما اسماه نظره خاطئة تجاه هذه الفئة من قبل بعض المشائخ والقبائل التي تستهتر بحقوق الانسان والقوانين النافذة في البلد.. وندد عقلان بالحادث الذي ارجعه الى تمييز صارخ ضد هذه الفئة المهمشة, وطالب ادارة امن المحافظة ومحافظ المحافظة التدخل العاجل لما من شانه تحقيق العدالة في حق القتلة الذين ما يزال بعضهم فارين من وجه العدالة. وهدد عقلان بالخروج بمسيرات وصفها بالسوداء التي قال انها لن تنتهي حتى يتم تقديم الجاني والمتهمين الذين معه الى العدالة لياخذوا جزاؤهم العادل والرادع. وناشد رئيس لجنة الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للمهمشين كافة منظمات المجتمع المدني الانتصار لقضاياهم العادلة والانسانية وتبني هذه القضية وغيرها من القضايا انصافا لابناء الفئة المهمشة التي اكد تعرضها للكثير من صور الظلم في اليمن.
مصدر طبي اوضح ل"نبأ نيوز": ان قسم الاسعاف كان في استقبال جرحي الحادث المروري عند ظهر يوم امس وبعد ذلك دخل مجموعة من القرية وحصل خلاف ومشاحنات مع المهمشين وانتهى الخلاف بالعراك بالايدي خارج المستشفي, موضحا ان الخلاف كان على اساس من يسبق الاخر لاجراء العملية الجراحية هل من ابناء الفئة المهمشة ام من غير ابناء الفئة المهمشة. هذا وقد اكد مصدر امني ل"نبأ نيوز" القاء القبض على شيخ القرية وعدد من مرافقيه وتم ايداعهم سجن البحث الجنائي بتعز في حين لاذ بعض المتهمين بالفرار. وتاتي هذه الحادثة بعد يومين فقط من انعقاد ندوة خاصة بقضايا المهمشين استضافتها مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة وحضرها كوكبة من الاكاديميين والاعلاميين والحقوقين والخطباء في المحافظة وهدفت لمناقشة واقع هذه الفئة التي تعد اشد الفئات فقرا في المجتمع والخروج بحلول ومعالجات تكفل الارتقاء بمستواها الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والصحي والثقافي والانساني وبما يؤدي الى زيادة دمجهم في المجتمع وزوال الوصمة المجتمعية تجاههم . جدير بالذكر ان عدد المهمشين في اليمن وفقا لاحصائية غير رسمية يصلون الى 3 مليون نسمة.