قالت واشنطن بوست إن جورج دبليو بوش اعتمد في حملتيه الانتخابيتين عامي 2000 و 2004 على تسويق نفسه كشخص بسيط من عامة الشعب، يمكن للمرء التواصل معه، بل وحتى الجلوس وإياه إلى طاولة واحدة لتناول الطعام والشراب. ووفقاً لما نقله موقع الجزيرة عن الصحيفة، فإن هذه الصورة التي اختارها بوش لنفسه للفوز بالرئاسة أتت بنتائج لا بأس بها سواء في انتخابات عام 2000 أمام آل غور، الذي كان حاكم ولاية ويعتبر من علية القوم أصلا، أو في انتخابات عام 2004 أمام جون كيري الأرستقراطي النخبوي. إلا أن أسلوب بوش في تقديم نفسه على أنه ابن الشارع البسيط عاد عليه بآثار عكسية بعد أن ضربت المآسي الناتجة عن المشاكل العالمية والداخلية شعبيته بدءا من الحرب على العراق وإلى إعصار كاترينا، حيث أدت المحن التي مر بها الشعب الأميركي خلال فترة رئاسة بوش إلى وضع أهليته وكفاءته موضع تساؤل. وتناولت الصحيفة مقتطفات من كتاب جوليان زيلزير "رئاسة جورج دبليو بوش: تقييم تاريخي أولي"، ولخصت خمس أساطير أحاطت بجورج بوش وأصبحت علامات يعرف بها. وتقول الصحيفة إن الكثير من منتقدي بوش يعتقدون أن شعار "المحافظ الرحيم" الذي رفعه عام 2000 لم يكن سوى خدعة، حيث لم يصدق الليبراليون أبدا أن بوش كان صادقا في رغبته جعل الحزب الجمهوري حزبا متعدد الأعراق والطوائف، كما لم يصدقوا أنه اقتنع بالحاجة إلى التعامل مع المشاكل الاجتماعية الكامنة تحت الرماد. ومن جهة أخرى، فإن استجابة إدارة بوش الفاشلة لإعصار كاترينا والسياسات المالية التي صممت لصالح الأغنياء بشكل غير عادل قد نسفت ادعاء بوش أنه سيكون رئيسا محافظا رحيما. وتقول الصحيفة إن الولاياتالمتحدة بعد هجمات سبتمبر/أيلول، أخذت على نفسها عهدا بإطاحة نظم الدول المعادية مثل العراقوأفغانستان، وإحلال نظم موالية للديمقراطيات الغربية محلها. أن حماس بوش لبناء دولة مؤسسات كان منذ البداية ذريعة لحشد الدعم للعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الأميركي، كما أن صناع السياسة الخارجية في إدارة بوش كانوا يضعون مسألة تغيير النظم كأولى أولوياتهم، وليس إعادة بناء المجتمع المدني. لقد ظهر ذلك جليا عندما حولت الولاياتالمتحدة القوات والموارد بسرعة من أفغانستان إلى العراق، وجاء ذلك مصحوبا بدعوات من وزير دفاع بوش دونالد رمسفيلد عام 2002 بأن على الأفغان تولي عمليات إعادة البناء بأنفسهم. وتعلق الصحيفة بأنه من مفارقات القدر أن يجد الرئيس الحالي باراك أوباما نفسه متورطا بشكل كبير في عملية بناء دولة المؤسسات في العراقوأفغانستان، على الرغم من تردد الرئيس الذي شنّ تلك الحربين في ذلك. تقول الصحيفة إن عهد بوش قد شهد صدور عدد من الكتب الجيدة التي تدرس النفوذ الخفي لديك تشيني نائب الرئيس. ولقد علمتنا تلك الكتب كيف يقوم ذلك الشخص المهم بتوسيع سلطاته التنفيذية ورسم ملامح السياسة الخارجية بالاعتماد على شبكة من المستشارين المخلصين. وطبقا لما ورد في الإفادات التي أوردتها الكتب المتعددة، يبدو أن بوش كان مجرد دمية بيد الحاكم الحقيقي تشيني المتواري في الظل. إلا أن الصحيفة تورد أيضا ما يدحض هذا الافتراض، حيث يرى تيار آخر من الصحفيين مثل بوب وودوارد أن بوش كان محاطا بعدد من المستشارين المخلصين الذين لم يسمحوا للسلطة أن تخرج من دائرتهم. ووفقاً لما نقله الموقع عن الصحيفة، ففي ليلة الانتخابات عام 2008، بدا التيار المحافظ وكأنه في طريقه إلى الزوال وإلى الأبد، وعصر أوباما كان على وشك البدء. إلا أن الأمور لم تجر بذلك الشكل، فقد نظم الجمهوريون أنفسهم في الكونغرس، وبدؤوا في تشكيل جماعات ضغط ناجحة مع المؤسسات المحافظة، مما أدى إلى بروز تيار حزب الشاي، حتى إن الاستطلاعات الأخيرة أظهرت أن الأميركيين -رغم تأييدهم للكثير من برامج الحكومة الحالية- فإنهم يكرهونها أكثر مما كانوا يكرهون حكومتهم قبل 10 سنوات. كما برزت مجموعة منظمة من المانحين المحافظين الذين وفروا الدعم المادي للجمهوريين، مما أدى إلى فوزهم في انتخابات التجديد النصفي الأخيرة في الولاياتالمتحدة، والتأكيد على أن التيار المحافظ ما زال بخير في أميركا، إلا أن الصحيفة تختتم مقالها بالقول إنه رغم كل التقدم الذي أحرزه المحافظون فإن التيار المحافظ اليوم يختلف قطعا عن التيار المحافظ الذي كان موجودا عام 2001 عندما تولى بوش الرئاسة.