البدايات الأولى لكوكبة الفنانين الذي ولجوا التشكيل المعاصر في اليمن تضعنا مباشرة أمام الشاعر الرومانتيكي "لطفي جعفر أمان" الذي لا يعرف الكثيرون عن علاقته المبكرة بالفن التشكيلي ، فالموتيفات القديمة الموروثة منه بالأحبار والقلم الرصاص تدل على رشاقة خطوطه وتمكنه التقني من مفردات التشكيل الأكاديمي كالتشريح والتكوين والعلاقة بين الضوء والظل وغيرها من العناصر، كما يلاحظ تأثره الضمني بمدرسة الإستشراق الفني الإنجليزية والأوروبية من خلال أعمال " الاكواريل " اللافتة وخاصة "بورتريه" الفتاة التي اطلعت عليه منذ سنوات بعيدة. تاليا كان الفنان "علي عقيل " يصب في ذات المجرى الذي ينوّع على مدرسة التصوير الأكاديمي الأوروبي ، ولكن بملامح مشرقية آسيوية وباختيارات أساسية لفنون ( اللاند سكيب ) أو الطبيعة المفتوحة المجيرة على ميناء عدن المشرع على الأفق . تقنيا كان هذا الفنان ممسكا بتلابيب المهنة ، عارفا لفنون التصوير ومقتدرا . ثم نأتي على التجربة الستينية المبكرة للفنان المهاجر " علي غداف " الذي كان من أوائل المبحرين في فنون الحداثة ، إن لم يكن الأول بإطلاق ، مما لا أستطيع الجزم فيه . في ثقافة التشكيل اليماني المعاصر نقف أمام تجربة الفنان الرائد " هاشم علي " ، المجايل للحركة التشكيلية اليمنية منذ الستينات ، والمنتج الكبير على درب العطاء المتواتر والإخلاص الفني النادر ، حتى انه أصبح عازفا عن الدنيا وأحوالها ، مطمئنا في استرخائه المديد عند تخوم التأمل والعزلة الاختيارية المشبعة بالترحال صوب المدى المفتوح . نقف أيضا في ما جادت به قريحة وريشة الفنانة المثقفة " آمنة النصيري " التي عوّدتنا دوما على الإبحار في عوالم الجديد المشبع باستعاراتها اللمّاحة للرموز والإشارات ، وخلق تواشجات دالة بين الأسلاف والعصر مما يتسع له زمن الإبداع بعامة والتشكيلي منه على وجه الخصوص . أما الفنان المصور المقتدر " طلال النجار" فإن التطواف معه في تجاربه الجديدة التي تستبطن المزيد من الإحالات البصرية والدلالية لفنون الحرف والنمنمة والرقش والزخرفة تمثل حطة اخرة في التشكيل اليمني المعاصر . الفنان " نزار مظهر" ينبري بدوره ليحرك فينا كوامن المكان، وانزياحات الاستاتيكي " الجمالي " إلى عوالم الروح مما عهدناه دوما في هذا الفنان المجرب، ذو العدسات البانورامية، وبدورها ستحيلنا الفنانة " أروى" إلى مسطحاتها المفتوحة وألوانها الشفيفة وغوامضها التي كالبهاء .