الإصلاح السياسي ..استعراض مقارن للنصوص وملامسة التطبيق إعداد: أ. علي سيف حسن رئيس منتدى التنمية السياسية بالخلاصة ابدأ: مثلت الوحدة اليمنية بنظامها السياسي الديمقراطي الحاضنة والشرط الأساس للتعامل الجاد والمسئول مع الإصلاح السياسي في اليمن، ونظراً لما أصبح يمثله الإصلاح السياسي من أهمية قصوى لتمكين اليمنيين من مواجهة التحديات الإستراتيجية التاريخية فقد حضي باهتمام عالي من كل أطراف المنظومة السياسية اليمنية ومن قبل كل الناشطين المدنيين والإعلاميين ، وأصبح يستحق وبجدارة ان يوصف بأنه بوابة اليمن نحو المستقبل. الإصلاح السياسي في اليمن ليس مجرد مطلب حقوقي والعامل الأكثر فاعلية وأهمية في عملية التحول نحو النظام الديمقراطي بالرغم من أهمية ذلك، إلا انه فوق ذلك يمثل ضرورة تؤهل اليمن وتمكن اليمنيين من اختيار وتقديم أفضل من لديهم لمواجهة تحديات النفاد الحاد لمعظم الموارد الطبيعية الأساسية وفي مقدمتها الماء من ناحية والنمو السكاني العالي جداً والذي يمكن وصفة دون مبالغة بالانفجار السكاني من ناحية ثانية والتعامل مع هذه التحديات وبما بينهما بكفاءة وفاعلية توفر شروط النجاح والانتصار في هذه المواجه الحادة والقاسية. ومع ما يتوفر لعملية الإصلاح السياسي من دعم ودفع بفضل الإرادة الوطنية لفخامة رئيس الجمهورية والقناعة والإصرار على تحقيق هذا الإصلاح من قبل الأطراف السياسية اليمنية، إلا ان ذلك لا يعني بأي شكل من الأشكال انعدام المعيقات والكوابح؛ سواء منها المتوقعة والمرتبطة بالواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي او تلك المفاجئة وغير المنطقية والمرتبطة بسلوكيات ومواقف بعض أطراف ومكونات الكتلة السياسية التي يفترض بها ان تكون هي الداعمة والمنفذة لهذه الإصلاحات من بين صفوف حزب المؤتمر الشعبي العام وحكوماته، وهي عندي أكثر حاجة للتنبيه إليها والتعامل معها، كونها قابله لإعادة النظر في موقفها وإعادته إلى موقعه الطبيعي الداعم والمتبني لتنفيذ هذه الإصلاحات. ويمكن صيغة هذه المخاطر بمخاطر( التصفيف والتصحيف)
التصفيف وذلك من خلال تعرض هذه الإصلاحات الاصطلاحات للتآكل والضمور بسبب تنقيلها من مصفوفة إلى أخرى. التصحيف وذلك من خلال محاولة او ادعاء عدم فهم جوهر وروح هذه الإصلاحات واختزالها بصورة مبتورة او باهته يفقدها مضمونها ويضعف من تأثيراتها الايجابية المفترضة. والى صلب الموضوع اذهب يمكنني القول بان الإصلاح السياسي ومنذ الأيام الأولى للوحدة شهد مارثون نصوصي، شارك فيه الجميع ومع ذلك ولأغراض هذه الندوة فسوف اقتصر في الحديث على تلك المشاريع المتكاملة للإصلاح السياسي المقدمة من مختلف الأطراف باعتبارها حصيلة وخلاصة لما سبق وان قدمه كل طرف بصور مجتزأة، ونظراً لتعدد هذه المشاريع وبالرغم من أهمية كل منها الا أني سأقتصر في ورقتي هذه على ثلاثة منها فقط، وبحسب التسلسل الزمني لإعلانها وهي؛ احد مبادرات مؤسسات المجتمع المدني ( منتدى التنمية السياسية )، ومشاريع كل من أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام. مبادرة منتدى التنمية السياسية: بعد عودة فخامة رئيس الجمهورية من المشاركة في قمة الثمانية الكبار في أمريكا نظم منتدى جسور الثقافات برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الكريم الأرياني ندوة حول الإصلاح السياسي، وفي تلك الندوة قدمت الصيغة الأولية لما عرف فيما بعد بمبادرة منتدى التنمية السياسية للإطار العام للإصلاح السياسي، ثم وبعد نقاشات متعمقة مع الإخوة المهتمين بهذا الشأن قمت بنشر المبادرة بصيغتها النهائية في عدد من الصحف، كما قمت بعرضها ومناقشتها في عدد من الندوات المتخصصة في اليمن وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأقدم هنا النص كما نشر في صحيفة الشورى بتاريخ 11/5/2005 كما يلي: (بداية أود آن أؤكد على مجموعة من المحددات لملامح الإصلاح السياسي الواردة في هذه الورقة: - أهمية الاتفاق على طبيعة المرحلة الحالية في مشروع بناء النظام الديمقراطي اليمني. فأنا أرى أننا في اليمن مازلنا حالياً في مرحلة بناء النظام الديمقراطي ولم نصل بعد إلى مرحلة تسيير النظام الديمقراطي التي تبدأ مع اكتمال عملية البناء. واهم ما يميز مرحلة البناء عن مرحلة التسيير خاصيتان أساسيتان، هما، الخاصية الأولى تتمثل في ضرورة مشاركة كل أطراف المنظومة السياسية في إنجاز هذه المرحلة، والخاصية الثانية تتمثل في أهمية توفر الإرادة الجادة والصادقة لجميع الأطراف لإنجاز هذه المهمة، ومع تأكيدي على أهمية توفر الإرادة لدى جميع الأطراف إلا أنني أؤكد على الأهمية الخاصة والاستثنائية لإرادة فخامة رئيس الجمهورية كونه يمتلك كل أدوات الفعل والتأثير السياسي المؤثرة سلباً أو إيجاباً على برنامج إنجاز وإكمال بناء النظام الديمقراطي اليمني كما انه من المهم أن تتزامن وتتوافق الإرادة الوطنية للإصلاح مع الشراكة الدولية. - آن الغاية من برنامج الإصلاح السياسي المستهدف تتمثل في استكمال عملية التحول الديمقراطي في اليمن من خلال التدخل الاستثنائي للإرادة الوطنية الجامعة بغرض إكساب المشروع الديمقراطي في اليمن عوامل البقاء والنمو الذاتي. أن الملامح لأساسية لبرنامج الإصلاح السياسي الواردة أدناه مازالت في صيغتها الأولية وهي ليست أكثر من إطار عام ولا تتضمن شيئاً عن المحتوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والإداري للإصلاح باعتبار هذه القضايا من مواضيع التعدد والتنوع ألبرامجي لمختلف أطراف المنظومة السياسية. - إن التنفيذ الصادق والجاد لهذه الإصلاحات في السلطات الثلاث؛ التنفيذية والتشريعية والقضائية سوف يوفر الحد الأدنى المقبول لأهم أسس النظام السياسي الديمقراطي والمتمثل في الفصل والتوازن بين السلطات وتفعيل أدائها لمهامها. وسوف أبدأ بعرض لملامح الإصلاح في السلطة التنفيذية: ابدأ برئاسة الجمهورية والتي تمثل أعلى الهرم في السلطة التنفيذية وتمتلك كل الصلاحيات والنفوذ غير المحدود، آن صلاحيات ونفوذ رئاسة الجمهورية لا تقتصر على الصلاحيات الممنوحة لها دستوريا، بل إنها تتمتع بما هو أهم وأعمق من ذلك، إنها تتمتع بالصلاحيات والنفوذ المكتسب من التراث السياسي والثقافي والاجتماعي المتراكم على مر العصور، هذا التراكم المتركز في شق الصلاحيات والنفوذ فقط والخالي من المسؤولية والمحاسبة. واهم النواقص فيها يتمثل في عدم التحديد الواضح والدقيق للعلاقة بين رئاسة الجمهورية والحكومة، وإذا كانت المشاكل غير واضحة في الوقت الحالي كون كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من حزب واحد، إلا آن طبيعة النظام الديمقراطي سوف يفضي إلى حالة يكون فيها رئيس الجمهورية من حزب ورئيس الحكومة من حزب أخر، حينها سوف يتسبب النقص الحالي في التحديد الدقيق والواضح للعلاقة بين رئاسة الجمهورية والحكومة بمشاكل خطيرة، وقبل مناقشة هذه العلاقة لابد أولاً من الوفاق الوطني لاختيار أفضل النظم الرئاسية وأكثرها تناسباً مع واقعنا، وهنا أود الإشارة إلى آن الأنظمة الرئاسية الديمقراطية المعروفة في العالم هي: النظام الرئاسي الأمريكي والنظام البرلماني، والنظام الفرنسي المركب والذي يمكن القول آن نظامنا الحالي أكثر شبهاً به، والنظام الفرنسي بحكم طبيعته المركبة بحاجة إلى مستوى عالٍ من الوعي السياسي كما هو حاصل حالياً في فرنسا إلا أنني اعتقد أننا في اليمن بحاجة إلى نظام اقل تعقيداً وأكثر بساطة، وان النظام البرلماني هو الأكثر تناسباً مع احتياجاتنا وواقعنا السياسي والاجتماعي. ومهما تكن طبيعة النظام الرئاسي الذي تم التوافق حوله فلابد من توفر الشروط والعوامل الأساسية اللازمة لجعل عملية انتخاب رئيس الجمهورية تنافسية وحرة ونزيهة بصورة مقبولة وفقاً للمعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال. أما المستوى الثاني من السلطة التنفيذية المتمثل بالحكومة فأنا اعتقد آن أهم النواقص فيها تتمثل في عدم وجود نص دستوري واضح وصريح يعطي الحق للحزب أو الأحزاب صاحبة الأغلبية في مجلس النواب في تشكيل الحكومة وهو ما يجب استكماله بنص دستوري واضح وصريح. أما السلطة المحلية وباعتبارها تمثل المستوى الثالث للسلطة التنفيذية فهي تفتقد للصلاحيات القانونية التي تمنحها صلاحيات تنفيذية كافية لتنفيذ مهامها كما آن تكوينها غير ديمقراطي، فرؤساء السلطات التنفيذية المحلية، مدراء المديريات ومحافظو المحافظات غير منتخبين ومعينين مباشرة من قبل رئيس الجمهورية ولا يجوز آن يكون من حق المواطن اليمني اليوم انتخاب رئيس الجمهورية ولا يحق له انتخاب مدير المديرية أو محافظ المحافظة. لابد من استكمال النقص في الصلاحيات التنفيذية ومنح المواطنين حق انتخاب حكامهم المباشرين. بالإضافة إلى النواقص السابق ذكرها، تعاني السلطة التنفيذية في مجموعها من نقص خطير ومعيق يتمثل في عدم توفر الحماية الدستورية والقانونية للمستوى الأدنى من تأثير ونفوذ المستوى الأعلى، فلابد من حماية سلطة المديرية من تأثير ونفوذ سلطة المحافظة ولابد من حماية سلطة المحافظة من تأثير ونفوذ سلطة الحكومة المركزية ولابد من حماية الحكومة من تأثير ونفوذ سلطة رئاسة الجمهورية. السلطة التشريعية: أما السلطة التشريعية فان الوضع الحالي يشبه نظام الغرفتين، إلا أن المشهد غير واضح المعالم، فإذا كانت الغرفة الأولى ممثلة بمجلس النواب تكاد أن تكون مكتملة التكوين ومحددة المعالم من حيث المهام والاختصاصات، إلا إن النظام الانتخابي الحالي والممارسات التنفيذية أثناء عملية الانتخابات يحدان من فرص التواجد المتوازن والعادل لأطراف المنظومة السياسية في المجلس ويضعفان من فاعلية واستقلالية نواب الحزب الحاكم أمام السلطة التنفيذية. أما الغرفة الثانية المتمثلة بمجلس الشورى، غير واضحة المعالم وغير مكتملة التكوين، فهي غير واضحة الأهداف والغاية والمهام كما أن تكوينها غير ديمقراطي كون أعضاءها غير منتخبين، ومعينين مباشرة من قبل رئيس الجمهورية، الأمر الذي يتطلب النقاش والوفاق حول طبيعتها وتكوينها. السلطة القضائية: من حيث التكوين نحن بحاجة ماسة لقضاء دستوري مكتمل النصوص فاعل الأداء ومتجاوز للوضع الحالي للدائرة الدستورية في المحكمة العليا. أما من حيث الفعالية والاستقلالية، فلا يمكننا الحديث عن استقلال القضاء وهو أهم مبدأ دستوري في الأنظمة الديمقراطية، لا يمكننا الحديث عن ذلك في ظل الوضع الحالي للهيئات القضائية العليا. فمجلس القضاء الأعلى حالياً يرأسه الأخ رئيس الجمهورية وهو رأس السلطة التنفيذية بالإضافة إلى أن بقية أعضاء المجلس جميعهم معينون، بحكم مناصبهم القضائية من قبل رئيس الجمهورية، مثل رئيس المحكمة العليا والنائب العام. كما أن المحكمة العليا معينة بالكامل. إن الأمر يتطلب بالضرورة إعادة النظر في تشكيل مجلس القضاء الأعلى وكل الهيئات القضائية السيادية بصورة تؤكد وتضمن استقلاليتهم وحصانتهم كشرط أساسي ومبدأي لإمكانية توفر مبدأ استقلال القضاء. كما أن إغلاق باب العمل في مجال القضاء أمام المرأة اليمنية، ليس فقط مخالفة صريحة للنص الدستوري الذي يساوي في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء، بل انه يسبب تشوهاً وقصوراً في النظام اليمني. إن فتح أبواب العمل في مجال القضاء أمام المرأة اليمنية يتطلب منحها حقاً متساوياً مع الرجال في الالتحاق بمعهد القضاء العالي باعتبار إن خريجي هذا المعهد هم فقط المؤهلون للعمل في القضاء اليمني. بعد هذا العرض السريع والموجز لملامح برنامج الإصلاح السياسي المستهدف في مجال سلطات الدولة الثلاث، التنفيذية، التشريعية، والقضائية، لابد من الإشارة إلى ثلاث قضايا مركزية في مجال الإصلاح السياسي، على النحو التالي: قضية المرأة: يحتفظ اليمنيون في ضميرهم الجمعي ذكرى وتقديراً عالياً للمرأة اليمنية ممثلة بالملكة بلقيس ملكة سبأ، وبالملكة أروى التي حكمت اليمن في التاريخ الإسلامي الوسيط. إلا أن الوضع الحالي للمرأة اليوم لم يعد كذلك فقد اكتسحتنا الثقافة المحافظة المحيطة بنا، وأصبح حال المرأة اليمنية اليوم متدنياً كثيراً عما كان عليه حالها في العصور القديمة والوسطى. إن الأمر يتطلب إرادة وطنية جسورة لتجاوز وضع المرأة الحالي، بدءً من اعتماد نص دستوري يجرم ويمنع التمييز ضد المرأة إلى التزام وطني يمنح المرأة حصصاً مناسبة ومتزايدة في كل الهيئات المشكلة بالتعيين ويمنحها حصة مناسبة في الهيئات المنتخبة من خلال اعتماد نظام انتخابي يساعد في تحقيق هذا الهدف. النظام الانتخابي: لا يمكننا انجاز إصلاح سياسي حقيقي في ظل النظام الانتخابي الحالي المبني على أساس الدائرة الفردية. ومع تسليمنا بحداثة فهمنا جميعاً للنظم الانتخابية الحديثة إلا أن كثيرا من المجتمعات ذات الديمقراطيات الناشئة قد طورت أنظمة انتخابية مناسبة لأوضاعها وان كثيرا من المؤسسات الدولية المتخصصة في هذا المجال لديها الاستعداد والمقدرة على مساعدتنا في تطوير نظام انتخابي يتناسب مع واقعنا وطموحاتنا. إن نظاماً مزدوجاً يجمع بين نظام القائمة النسبية ونظام الدائرة الفردية يمكن أن يكون أكثر مناسبة لطموحاتنا، حيث يمكن للأحزاب الاستفادة من نظام القائمة النسبية لدعم ترشيح المرأة والقيادات السياسية والمتخصصين. كما أن نظام الدائرة الفردية سيحافظ على حق المناطق النائية في إيصال ممثليها إلى المجالس المنتخبة وفي كل الأحوال فإننا بحاجة إلى الاستفادة من الخبرات الدولية المتخصصة في هذا المجال، وبما يجعل من الانتخابات بكل مستوياتها؛ المحلية والبرلمانية، والرئاسية تنافسية وعادلة، ويجعلها حرة ونزيهة بدرجة مقبولة بحسب المعايير الدولية، ويجعل من نتائجها تعبيراً عن إرادة الناخبين وطموحاتهم، وان تمثل آلية فاعلة لتحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة. القوات المسلحة والأمن: تحظى القوات المسلحة والأمن في اليمن بتقدير اجتماعي عالٍ، وقد اكتسبت موقعاً متميزاً خلال العقود الماضية بطبيعة نظام الشرعية الثورية الذي كان سائداً خلال تلك العقود. إلا أنها اليوم وفي ظل النظام السياسي الديمقراطي المبني على مبدئي التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة بحاجة إلى إعادة تموضع في إطار المنظومة السياسية السيادية بما يتوافق مع شروط ومعطيات النظام السياسي الحالي، وهو الأمر الذي يتطلب حواراً سياسياً من اجل توافق وطني على دور وموقع القوات المسلحة في النظام السياسي الحالي. وبما يضمن عدم تدخلها في القضايا السياسية وفي مجالات التنافس بين الأحزاب، ويخضعها لسلطة الحكومة المدنية المباشرة. ختاماً اكرر التأكيد على أن الأمل في إكمال هذه النواقص وانجاز بناء النظام الديمقراطي اليمني يعتمد بالأساس على التزامن والتوافق بين الإرادة الوطنية والشراكة الدولية)
مشرع اللقاء المشترك: بعد نقاشات جادة ومتعمقة وسط أحزاب اللقاء المشترك من ناحية وبينهم وبين العديد من المهتمين بهذه القضية من خارجهم أعلنوا مشروعهم الذي أسموه ( مشروع الإصلاح السياسي والوطني) وفيما يلي النص المتعلق بالإصلاح السياسي. أولاً : الإصلاح السياسي والدستوريِِِ أ- تطوير التنظيم الدستوري لسلطات الدولة وبما يكفل إقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي برلماني، يضمن الفصل بين السلطات وتوازنها وتكاملها ، ويحقق التكافؤ والتوازن بين السلطة والمسئولية، بما يوفره من آليات المساءلة والمحاسبة التي تخضع لها الحكومة، تحقيقا لمبدأ لا سلطة إلا بمسؤولية، وضمان التداول السلمي للسلطة، الأمر الذي يوجب إجراء تعديلات دستورية وقانونية تحقق الآتي : 1 استكمال مقومات النظام البرلماني، من خلال الآتي : • تشكيل الحكومة من قبل حزب أو ائتلاف الأغلبية وفق نتائج الانتخابات . • خضوع الحكومة بشكل مستمر للمساءلة البرلمانية . • منح رئيس الجمهورية الصلاحيات السيادية المتعارف عليها في النظم البرلمانية. • ثنائية السلطة التشريعية البرلمان بالأخذ بنظام المجلسين: مجلس النواب، ومجلس الشورى، وعبر انتخابات حرة ومباشرة، ويحدد الدستور قوام مجلس الشورى وصلاحياته ويبين القانون إجراءات انتخابه. • تبعية الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لمجلس النواب . • تخويل البرلمان صلاحية الإقرار والتعديل للموازنة العامة للدولة . • تقييد نفاذ قرارات التعيين التي تتخذها الحكومة لمحافظ البنك المركزي، وللسفراء، ولكبار المسئولين المدنيين والعسكريين بموافقة مجلس الشورى المنتخب . • تخويل السلطة التشريعية وعبر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة التابع لها حق مراقبة سلامة استخدام إمكانيات الدولة ووظائفها وعدم استغلالها، أو تسخيرها من جانب أي حزب أو جهة بما في ذلك مراقبة تمويل الحملات الانتخابية وينظم القانون ذلك . • تحديد مدة مجلس النواب بأربع سنوات، ومدة رئيس الجمهورية بخمس سنوات، ولدورتين متتاليتين فقط . 2 إصلاح السلطة القضائية وتعزيز دورها وصيانة استقلالها من جهتين : الأولى الاستقلال ماليا وإداريا وفنياً والثانية استقلال القاضي في قضائه حكما وتنفيذا وذلك من خلال الآتي : • تشكيل مجلس القضاء الأعلى من قبل مجلس الشورى المنتخب، بناء على ترشيح من الجمعية العمومية التي تشمل جميع القضاة ووفق شروط، ومعايير الكفاءة والأقدمية يحددها القانون . • يتولى مجلس القضاء المنتخب مسؤولية تنظيم القضاء وصيانة استقلاله وسلامة وفعالية أدائه و رعاية وتعيين وندب ومساءلة القضاة . • اختيار قضاة المحكمة العليا من قبل مجلس النواب، بناء على ترشيحهم من قبل مجلس القضاء الأعلى وفقا للشروط والمعايير القانونية . • ضمان الحصانة القضائية، والأمن الوظيفي للقضاة. • إلغاء المحاكم الاستثنائية . • تعزيز دور القضاء في الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وفي الرقابة على شرعية وسلامة قرارات وأعمال مختلف المؤسسات والدوائر والأجهزة الحكومية، وشاغليها من خلال إنشاء محكمة دستورية عليا مستقلة عن المحكمة العليا، و إنشاء القضاء الإداري . • إعادة هيكلة جهاز التفتيش القضائي، وربطه بمجلس القضاء الأعلى وحده،على أن يكون أعضاؤه من درجة قاضي محكمة عليا . • ضمان استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية وأجهزتها، وربطها بمجلس القضاء الأعلى، وتمكينها من القيام بدورها كممثلة للمجتمع وليس للسلطة . • تحديد دور وصلاحيات وزارة العدل، بما يتناسب مع الاستقلال التام للقضاء ماليا وإداريا وفنيا . • تعديل قانون السلطة القضائية . 5 إصلاح النظام الانتخابي بما يضمن التمثيل العادل لكل فئات المجتمع وذلك من خلال: الأخذ بنظام القائمة النسبية ، وضمان حيادية اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاءات العامة , واستقلال الإدارة الانتخابية في كل مراحلها، من خلال المشاركة المتساوية لأطراف المنظومة السياسية الفاعلة في اللجنة العليا ولجانها الميدانية . 6 إصلاح السلطة المحلية، بالأخذ باللامركزية الإدارية في أوسع صورها، وبما يكفل، توسيع قاعدة المشاركة السياسية، وإتاحة الفرص الواسعة أمام كل أبناء الوطن للإسهام الفعال في التنمية والبناء الوطني، وذلك من خلال التالي : • اعتماد مبدأ الانتخاب للمحافظين , ولمديري المديريات . • منح السلطات المحلية المنتخبة كافة الصلاحيات المالية، والإدارية التي تمكنها من إدارة شؤونها التنموية والخدمية المحلية، تخطيطا وتنفيذا، وفي إطار السياسة العامة للدولة التي أقرها البرلمان، ورصد الموازنات المالية الكافية لذلك . • تقوية أجهزة الرقابة بما يضمن سلامة سير المحليات طبقاً للدستور والقوانين النافذة. • تعديل قانون السلطة المحلية، وفقا لما سبق، وبما يضمن إزالة القيود المركزية، وتنظيم العلاقة بين أجهزة السلطة المركزية وأجهزة السلطة المحلية، وتحديد صلاحيات واختصاصات كل منهما على أساس نظام اللامركزية الإدارية والمالية بأوسع صورها، ويحقق التيسير على المواطنين في إنجاز معاملاتهم وحصولهم على الخدمات المطلوبة في مناطقهم ودونما تعقيد أو تطويل .) مشروع المؤتمر الشعبي العام: ظل المؤتمر الشعبي العام يتجنب الحديث صراحة عن الإصلاح السياسي وعمل على تقديم وتبني العديد من الإصلاحات تحت مسميات مختلفة، وقد مثل البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية للانتخابات الرئاسية الأخيرة الوثيقة التي تتضمن في إطارها المشروع الاشمل لرؤية المؤتمر للإصلاحات السياسية، وبالرغم من كل ما تضمنه البرنامج من قضايا متقدمة وهامة في مجال الإصلاح السياسي إلا إن البرنامج تجنب استخدام مصطلح الإصلاح السياسي وعمد إلى نثر وتوزيع هذه الإصلاحات وسط البرنامج لكي لا تبدوا وكأنها مشروع متكامل للإصلاح السياسي، ولهذا وعلى مسؤوليتي الشخصية سأقوم بتجميع تلك النصوص التي أراها متعلقة بالإصلاح السياسي واعرضها كما يلي: أولاً: ترسيخ النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة من خلال: 1- تعزيز العمل بمبدأ الفصل بين السلطات باعتباره أساساً في تنظيم العلاقات وممارسة السلطات والصلاحيات. 2- العمل على إجراء بعض التعديلات الدستورية الضرورية بهدف المزيد من تعزيز النهج الديمقراطي التعدي في بلادنا، ومنها تحديد مدة رئيس الجمهورية ب 5 سنوات بدلا ًَمن 7 سنوات وتشكيل السلطة التشريعية من غرفتين وبحيث يكون مجلس الشورى غرفة ثانية إلى جانب مجلس النواب، و يتم انتخاب أعضاء مجلس الشورى بطريقة مباشرة وبحيث تمثل فيه كافة محافظات الجمهورية بعدد متساو من الأعضاء وتوسيع صلاحياته التشريعية، ويحدد القانون طريقة تشكيله وعدد أعضائه وآلية عمله.. وبما يضمن ان يضم في عضويته شخصيات من ذوي الخبرة والتجربة والكفاءة والنزاهة، وممن لهم رصيد وطني في مسيرة الثورة والجمهورية والوحدة، واسها مات بارزة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها.. بما يحقق الهداف المنشودة من هذا المجلس في توسيع المشاركة السياسية وخدمة الوطن. 3- تطوير النظام الانتخابي عبر ضمان دورية ونزاهة الانتخابات العامة وكفالة شفافية كافة مراحلها. 4- تعزيز تماسك ووحدة العمل التنظيمي للأحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية. 5- مواصلة الاهتمام بالنقابات والاتحادات العمالية والطلابية والمهنية والإبداعية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني.. وبما يمكنها من أداء دورها في رعاية منتسبيها وحماية حقوقهم وتطوير قدراتهم وبما يكفل لهم الإسهام الفاعل في المسيرة الديمقراطية والتنموية. ثانياً: تعزيز اللامركزية وتفعيل دور السلطة المحلية: 1- تطوير قانون السلطة المحلية بما يكفل انتخاب محافظي المحافظات ومديري المديريات وتوسيع صلاحيات المجالس المحلية مع تعديل القوانين النافذة ذات العلاقة التي تتعارض مع تحقيق مبدأ اللامركزية المالية والإدارية. 2- استكمال البناء المؤسسي للسلطة المحلية وتعزيز مواردها بما يمكنها من القيام بدورها في تحقيق التنمية المحلية وتقديم الخدمات للمواطنين. 3- إعادة النظر في التقسيم الإداري الحالي وفق أسس علمية واقتصادية واجتماعية ملائمة وتطوير التشريعات المنظمة لذلك. 4- تقليص فجوة التنمية بين الريف والحضر. ِِِِِِِِِِِِِِِِِثالثاًً: دعم السلطة القضائية وتطوير أجهزتها عبر:ِ 1- تعزيز دور القضاء في الحياة العامة باعتباره الضامن الأساسي لحقوق الإنسان. 2- دعم وتفعيل إصلاحات السلطة القضائية ورفع القدرات المهنية للقضاة وتحسين إدارة المحاكم. 3- تعزيز سيادة القانون واستكمال التعديلات على قانون السلطة القضائية. 4- تفعيل التفتيش القضائي ووضع معايير سليمة وشفافة لتقييم أداء القاضي. 5- دعم الجهاز القضائي وخاصة التجاري وتوفير الكوادر المؤهلة له وضمان فاعليته واستقلاليته. 6- الاهتمام بالمحامين ورعايتهم معيشياً ومهنياً.. وتهيئة كل السبل امامهم لممارسة عملهم وأداء دورهم في خدمة العدالة. رابعاً: الإعلام وكفالة الحريات العامة والفردية وحماية حقوق الانسان عبر: 1- تعزيز وضمان حرية الرأي والتعبير والنشر والتوزيع وحمايتها بالتشريعات القانونية. 2- اصدار قانون جديد للصحافة والمطبوعات بما يكفل إلغاء عقوبة حبس الصحفي لسبب يتعلق بالتعبير عن الرأي، وتفعيل دور الصحافة في الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ورفع مستوى الوعي العام وتعزيز الشفافية. 3- تعزيز دور أجهزة الاعلام الرسمية والحزبية والاهلية وتطويرها وتدعيم البناء المؤسسي لها، وبما يمكنها من أداء رسالتها لخدمة المجتمع.. وإيجاد التشريعات الكفيلة بإنشاء قنوات فضائية ومحطات إذاعية لخدمة الجوانب الثقافية والاجتماعية والشبابية وغيرها وفي إطار الالتزام بالدستور وعدم الاضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والمصالح العليا للوطن. 4- تطوير الشراكة وتعزيز الحوار مع منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان العاملة في اليمن وحمايتها وفقاً للدستور والقانون والمعاهدات الدولية ذات الصلة. 5- إدماج مبادئ حقوق الانسان والحريات العامة في مناهج التعليم. 6- الاستمرار في تحسين اوضاع السجون والمساجين مع حظر أي سجون خارج نطاق القانون. خامساً: تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية والعامة: 1- تشجيع زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية بما يمكنها من الفوز بنصيب أكبر في المقاعد البرلمانية والمحلية. 2- زيادة نصيب المرأة في شغل المناصب الوزارية والدبلوماسية والقيادية في مؤسسات وأجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني. 3- إزالة مظاهر التمييز ولاختلالات المؤسسية والتشريعية التي تحد من دور المرأة في عملية التنمية. 4- دعم القدرات المؤسسية للمنظمات غير الحكومية المعنية بالمرأة.) ما بعد مارثون النصوص: يمثل البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية نهاية او خاتمة المارثون النصوصي لقضايا الإصلاح السياسي، ويمكنني القول اننا بذلك قد بلغنا مرحلة متقدمة جداً وأصبح من الضروري الوقوف امام هذه النصوص المتعددة والمتكاملة بوعي وبمسؤولية والعمل على ما يمكني تسميته بهضمها في إطار النظام التشريعي لتتحول من مشاريع سياسية الى نصوص دستورية وقانونية كمقدمة لازمة لتصبح ممارسة وحقيقة من حقائق نظامنا السياسي الديمقراطي. ان التشابه والتكامل بين مكونات المشاريع الثلاثة السابقة واضح وجلي وهو يعكس حقيقة مهمة جداً، الا وهي ان جميع الأطراف قد انطلقت من قناعة راسخة وإرادة صادقة و بذلت جهداً جاداً وصادقاً لتشخيص العلة وتحديد العلاج. وفي هذا المجال لابد ان نميز بين القضايا التي تتفق حولها الأطراف السياسية بصيغتها العامة والعمل على تشذيب الاختلافات حول تفاصيلها وصولاً الى صيغ وفاقية وبين تلك القضايا التي مازالت محل خلاف كلي وهي محدودة جداً وتتمثل في قضيتين فقط؛ طبيعة النظام السياسي، برلماني ام مختلط، وموضع القوات المسلحة في إطار مستويات النظام السياسي الديمقراطي. ومن هذا الفهم يمكننا باختصار ملامسة تنفيذ هذه التصورات ونبدأ بتحديد منطقي للمسؤوليات على ضوء تحديد موقع وطبيعة عمل كل طرف. فمنتدى التنمية السياسية كأحد منظمات المجتمع المدني يتركز دوره قي البحث الفكري وتقديم الرأي والنصيحة للجميع. والمعارضة وبطبيعة موقعها كأحزاب خارج السلطة تعلن وتطالب بتنفيذ مشاريعها وتعد بتنفيذها اذا ما وصلت الى السلطة وتمكنت من موقع القرار. أما المؤتمر الشعبي العام وباعتباره الحزب الحاكم والمتمكن من موقع القرار في كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية وفي ما هو أكثر من ذلك، فانه وحده من بيده صلاحيات التنفيذ. وبما ان قضايا الإصلاح السياسي هي من القضايا التي ستحدد شكل النظام السياسي الديمقراطي وتأثر بصورة مباشرة على بقية الأطراف السياسة فان الحوار والتشاور معها قبل التنفيذ يصبح ضرورة ملحة، واعتقد ان فخامة رئيس الجمهورية يحرص على ذلك ويعمل على تحقيقه وتجاوز الصعوبات والعراقيل التي قد تعترضه، وما موقفة من الحوار الجاري بين الأحزاب وإعلانه لرعايته الا تأكيدا على هذا الوعي والحرص الوطني العالي. وقبل الانتهاء من ملامسة التنفيذ أجدني بحاجة الى إضافة ما اعتقده جديداً لموضوع تطوير النظام الانتخابي، والذي يمثل قضية اتفاق بين جميع الأطراف مع الاختلاف في التفاصيل. لقد تعاملنا مع النظام الانتخابي خلال الفترة الماضية بصورة مجزأة وعلى أساس ان لدينا انتخابات مجلس النواب فقط. وألان وبعد ان أصبحت الانتخابات هي الوسيلة الشرعية للعديد من مستويات السلطة التنفيذية والتشريعية، وأصبح لدينا منظومة متكاملة من الانتخابات على النحو التالي: السلطة التنفيذية: الانتخابات الرئاسية انتخابات المحافظين ومدراء المديريات انتخابات مجالس المحافظات ومجالس المديريات السلطة التشريعية: انتخابات مجلس النواب انتخابات مجلس الشورى ان هذا الأمر يتطلب إعادة النظر بنظام الانتخابات وبالتالي بقانون الانتخابات بصورة جذرية وكاملة بحيث يأتي ملبي لاحتياجات وطبيعة مهام كل هيئة او مستوى منتخب ويحقق الهدف منه. ويتضح جلياً ان الأساس المحلي قد اخذ الحيز الأكبر من هذه المنظومة، فانتخابات السلطات التنفيذية المحلية ومجالسها تتم على أساس محلي والهدف النهائي منها هو تمثيل المجتمعات المحلية والتعبير عنها وخدمة مصالحها. يضاف الى ذلك طبيعة تكوين مجلس الشورى الذي يمثل المحافظات وينتخب من كل محافظة ممثليها. وإذا كانت الانتخابات الرئاسية بنظام الدائرة الواحدة على المستوى الوطني تتفق وتنسجم مع الصفة الدستورية لموقع رئيس الجمهورية بصفته رئيسا وممثلاً لليمن كلها، فان الانتخابات النيابية بنظام الدائرة الفردية الحالي لا يتفق مع الطبيعة الدستورية لعضو المجلس الذي ينص على اعتباره ممثلاً لليمن بشكل عام. واذا كانت الظروف السابقة قبل تشكيل المجالس المحلية المكلفة أصلا بتمثيل مجتمعاتها المحلية وقبل تبني انتخابات مجلس الشورى الذ يفترض بان يكون أعضائه ممثلين لمجتمعاتهم المحلية، كان يمكن تفهم انشغال أعضاء مجلس النواب بقضايا مجتمعاتهم المحلية ولو على حساب مسؤوليتهم الوطنية ودورهم التشريعي والرقابي على المستوى الوطني. على ما تقدم فيصبح من المهم إعادة النظر في نظام الانتخابات النيابية واختيار نظام يحرر أعضاء البرلمان من الالتزامات المحلية ويسهم في خلق وتشكل نخبة سياسية محترفة على المستوى الوطني. إن النظام المختلط وبالنسبة التي يتفق عليها للمنتخبين إلى مجلس النواب بنظام القائمة النسبية وللمنتخبين بنظام الدائرة الفردية سيمثل تطوراً نوعياً في الحياة السياسية اليمنية وسينعكس بصورة ايجابية ومباشرة على الأحزاب السياسية وينقل الحراك والجدل والحوارات السياسية إلى قاعات مجلس النواب ويزيل ظاهرة تعدد مصادر شرعية القيادة الحزبية السائدة حالياً بين القيادات الحزبية العليا المعتمدة في شرعيتها على نفوذها داخل أحزابها وبين تلك القيادات الحزبية الأدنى الآتية بشرعية شعبية من خلال انتخابها إلى مجلس النواب، وسيجعل من شرعية الانتخابات الشعبية المحدد الحاسم للشرعية القيادية للأحزاب. كما انه سيذلل الصعوبات أمام وصول المرأة إلى مجلس النواب ويوفر إمكانية وصول الكفاءات السياسية الحزبية التي لا توفر لها طبيعة عملها فرص الفوز في الانتخابات بنظام الدائرة الفردية. كما إن المحافظة على نسبة من أعضاء المجلس لينتخبوا بنظام الدائرة الفردية يحافظ على حق المجتمعات المحلية بانتخاب من تعتقده أكثر تعبيراً عنها وارتباطاً بها. ان المطلوب هو اختيار نظام يتوافق مع طبيعة المجتمع اليمني بكل تشكيلاته ومكوناته سوى على المستوى القبلي او الجهوي او المدني، ويسهم بتخلق وتشكل النخبة السياسية المحترفة على المستوى الوطني وداخل كل حزب. وهذا يرد على القائلين بان الدعوة الى تبني نظام القائمة النسبية ينطلق من نظرة متعالية لمجموعة من المثقفين متجاهلين طبيعة المجتمع اليمني. ان البداية ولو بنسبة متواضعة في حدود 25% من أعضاء مجلس النواب القادم تنتخب بنظام القائمة النسبية سيمكن المنظومة السياسية اليمنية من رفد المجلس القادم بحوالي 75 قيادي سياسي حزبي من الرجال والنساء وهو رقم يتفق وبصورة تقريبية مع العدد الحالي للقيادات الحزبية العليا ولتي ستمثل بدخولها البرلمان تطوراً نوعياً في أداء المجلس، وسوف يوفر للقيادات السياسية الحزبية العليا فرصة تجربة التزامل والمواجهة والتحاور داخل قاعات مجلس النواب. أرجو ان أكون قد تمكنت من تقديم صورة اقرب الى التكامل للنصوص المتعددة لقضايا الإصلاح السياسي، وتمكنت من إيضاح التشابه والتكامل فيما بينها ولامسة ولا بنعومة قضية التنفيذ والتي هي في الأصل الغاية من كل ذلك الجهد الفكري الذي بذل في استخلاص وصياغة هذه النصوص. والله الموفق ................................ * ورقة مقدمة الى ندوة معهد الميثاق بتاريخ 17/6/2007م