في الساعة الثانية والنصف ظهراً من يوم 14 اكتوبر 1963م سقط الشهيد راجح غالب لبوزه وهو يصد مع رفاقه تقدم القوات البريطانية باتجاههم في جبال ردفان الشماء بعد رفضه تسليم نفسه ورفاقه إثر عودتهم من جبال المحابشة ومشاركتهم البطولية في الدفاع عن الثورة الام 26 سبتمبر وقبل عودته الى ردفان التقى بصنعاء عدداً من القيادات الثورية الجنوبية وعلى رأسهم قحطان محمد الشعبي لتدارس الوضع في جنوب الوطن وإمكانية اشعال الثورة ضد المستعمر البريطاني. ومنذ انطلقت تلك الشرارة من جبال ردفان تواصلت عمليات الكفاح المسلح ضد البريطانين في مناطق شتى لاسيما في مستعمرة عدن ولم تستطع السلطات البريطانية معالجة الموقف.فسعت الى تقويض الثورة الأكتوبرية باستمالة رموز الثورة للمشاركة والإنخراط في حكومة الإتحاد المزيف ولكن دون جدوى فما يأتي يوم إلا والانضمام الى صفوف الثورة يتزايد وتتزايد العمليات العسكرية والفدائية ضد البريطانين في مركز الشرطة ونقاط التفتيش والدوريات وكذا ضرب المنشآت البريطانية المدنية والعسكرية ومقرات السلاطين وكانت مختلف الأسلحة تأتي للثوار من شمال الوطن بوسائل إخفاء متعددة إذ كانت تعزوإب تمثلان العمق الإستراتيجي للثورة كمقرات لغرف العمليات وممون لجبهات القتال بالعتاد والسلاح وتسهيل عمليات الإمدادالى عدن وغيرها من المناطق وكان لقائد لواء إب الكبسي دوراً كبيراً في التعبئة والإمداد. وعندما وجدت السلطات البريطانية ان الكثير من أبناء الشمال ينخرطون في اعمال المظاهرات والإضرابات العمالية ومن ثم في تنظيمات الكفاح المسلح قامت عام 1965م بالتسفير القسري للمئات منهم إلى اليمن الجمهوري في شمال الوطن واستمرت هجمات الثوار تتنامى وتتكاثر عمليات الاغتيالات للضباط البريطانين وعملائهم المحليين حتى بلغت حوادث عام 1966م في مدينة عدن وحدها 480 إصابة بين قتيل وجريح مما حذا بالسلطات البريطانية في نفس العام إلى أن تعلن أنها ستسحب قواتها من مستعمرة عدن وتعمل على نيل الجنوب لاستقلاله في عام 1968م وكان هدف بريطانيا أن تسحب قواتها من جنوب الوطن وتقوم بتسليم الإستقلال إلى الإتحاد السلاطيني المصطنع على انها ستقوم بدعمه بالأسلحة بعد ذلك إلا ان مناطق عدن شهدت اضطرابات ثورية لم تستطع السلطات البريطانية حيالها إنقاذ الموقف والعودة بالثورة القهقرى .فلم يكن أمام السلطات البريطانية بداً من العمل على ىسحب قواتها بسلام من عدن في منتصف عام 67م على إثر سقوط المناطق فيعدن منطقة تلو الأخرى بيد الثوار وانضمام الكثيرمن جيش ما يسمى الإتحاد الى صفوف الثوار لاسيما بعد نكسة عام 67م بين مصر والعدوالصهيوني إذ ألهبت نتيجة تلك الحرب مشاعر الثوار وزادت من الانضمام الى صفوف الثورة وتوتر نفسياتهم تجاه البريطانيين وهم يعلمون أن بريطانيا هي السند الرئيس للكيان الإسرائيلي مما زاد من استبسالهم وتكثيف هجماتهم ضد البريطانيين. في حين أن السلطات البريطانية لم تتمكن من القيام بتكوين جيش سلاطيني قوي تعتمد عليه عند خروجها من الجنوب في المحافظة على كيان الإتحاد ومكوناتة السلاطينية العملية والعمل على ديمومة العمالة للتاج البريطاني ولو بعد الإنسحاب. فوجدت السلطات البريطانية أنه لامناص من تسليم الإستقلال إلى المقاومة الثورية بقيادة الجبهة القومية التي أصبحت القوة الفعلية المقاومة على أرض الواقع. فكان أن شكلت الجبهة القومية وفدأ مفاوضاً للحكومة البريطاينة في الأمور المتعلقة بسيادة واستقلال الجنوب في جنيف وكان الوفد مكوناًمن سبعة اشخاص من قيادة الجبهة على رأسهم قحطان محمد الشعبي الذي وقع وثيقة استقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية مع السلطات البريطاينة في 29نوفمبر والذي ألقى بيان الإستقلال الوطني في المهرجان الجماهيري بمدينة عدن يوم الاستقلال 30 من نوفمبر 1967م وإعلان ميلاد وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية كدولة مستقلة ومن ضمن ذلك البيان التأكيد بأن الجمهورية الوليدة تؤكد إيمانها الصادق بوحدة اليمن الطبيعي شمالاً وجنوباً وأنها ستعمل من جانبها جاهدةً بالتشاور والمشاركة مع حكومة الجمهورية العربية اليمنية في بحث السبل العملية للوصول الى تحقيق هذا الهدف السامي ...)) وبهذا نال جنوب الوطن استقلاله وأثبت الشعب اليمني الواحد في جنوب الوطن وشماله أنه أقوى من كل المؤثرات الثقافية والنفسية الانفصالية التي كرس الاستعمار كل جهوده في غرسها طيلة فترة بقائه في جنوب الوطن لمدة 128 عاماً فقد ظل حضور التأريخ اليمني والهوية اليمنية ماثلةً في وعي وضمير الحركة الوطنية الذي بلغ ذروة نضالها يوم الإستقلال في الثلاثين من نوفمبر المجيد منطلقةً منه صوب هدف سامٍ وجديد ومرحلةٍ جديدةٍ من النضال الوحدوي ولمٌ الشمل بين شطري الوطن الواحد فكان الثلاثين من نوفمبر بوابة النضال الوحدوي الى يمن ال22من مايو1990م.