كيف كنّا يا ذكريات الجرائمْ مأتما في الضياع يتلو مآتمْ كيف كنّا قوافلا من أنين تتعايا هنا كشهقات نادم و قطيعا من البراءات يهوى من يديّ ذابح إلى شدق لاقم و مضينا يسوقنا سيف جلّاد وتجترّنا سكاكين ظالم *** ضاع في حطونا الطريق فسرنا ألما واجما على إثر واجم و السكون المديد يبتلع الحلم و يسري في وهمنا و هو جاثم و الدجى حاقد يبيع الشياطين فنشري من التبور التمائم و خطانا دم تجمّد في الأشواك جمرا و في الصخور مياسم ورياح الثلوج تشتمّ مسرانا فتشوي وجوهنا بالشتائم *** كيف كنّا نقتات جوعا و نعطي أرذل المتخمين أشهى المطاعم ؟ و جراحاتنا على باب “مولانا ” تقيم ” الذباب ” منها ولائم و هو في القصر يحتسي الشعب خمرا و دما و الكؤوس غضبى لوائم و يرائي و في حناياه دنيا من ضحايا و عالم من مآثم فنفدّيه و هو يغمد فينا صارما مدمنا و يستلّ صارم و يشيد القصور من جثث الشعب المسجّى و من رفات المحارم و يغطّي بالتاج رأسا خلاياه و أفكاره ذئاب حوائم و تلال من الحراب و كهف من ضوار و غابة من أراقم *** كف كنّا ندعوه مولى مطاعا و هو ” للإنجليز ” أطوع خادم هدّنا الضعف فادعى قوّة ” افلجنّ ” و بأس الردى و فتك الضياغم فتحاماه ضعفنا و اتّخذناه إلها من ” شعوذات ” المزاعم عملق الدجل شخصه وهو قزم تتظنّاه قاعدا و هو قائم و صبيّ الشذوذ و هو عجوز نصفه ميّت … و باقيه .. نائم ! و أثيم أيّامه … للدنايا و لياليه للبغايا … الهوائم و يداه يد تجرح شعبا ويد تقطف الجراح ” دراهم ” *** و يولّى على الوزارات و الحكم رجالا كالعانسات النواقم و لصوصا كأنّهم قوم ” يأجوج ” صغار النهى كبار العمائم و طوال الذقون شعثا ” كأهل الكهف ” بل كالكهوف صمّ أعاجم يحكمون الجموع و العدل يبكي و المآسي تدمي سقوف المحاكم تارة يرقصون فوق الضحايا و أوانا يشرّعون المظالم فيسمّون شرعه الغاب حزما إن أصابوا فالذئب أحزم حازم و يصلّون و المحاريب تستفتي متى تصبح الأفاعي … حمائم ؟ و يعودون يلفظون الحكايا مثلما تنثر النثيل البهائم و يميلون يعبرون الرؤى خيرا وشرّا من خاطر الغيب ناجم كلّهم متحف الغباء …. و كلّ يدّعي أنّه محيط المعاجم فيلوكون من ” مريض ” التواريخ حروفا من فهرسات … التراجم و ينيلون ” باقلا ” ثغر ” قسّ ” و يعبرون ” مادرا ” جود ” حاتم ” كيف هنّا فقادنا أغبياء و لصوص متوّجون أكارم ؟ و صغار مؤنثون و غيد غاليات الحلى رخاص المباسم *** هكذا كان حاكمونا و كنّا فنحرنا فينا خضوع السوائم و انتظرنا الصباح حتّى أفقنا ليلة و هو ضجّة من طلاسم أترى قامت القيامة أم هبّ العفاريت يطحنون القماقم ؟ و أصخنا تفسّر الوهم بالأوهام و الظنّ بالظنون الرواجم ووراء الضجيج إيماء رعد يزرع الشهب في يديه خواتم و الدجى يعلك السكون و يعدو مثلما تعلك الخيول الشكائم و سألنا ماذا ؟ فأومت طيوف زاهرات البنان خضر المعاصم و تحدّى صمت القبور دويّ شفقيّ الصدى عنيد الغماغم و العيان الكبير ميعاد رؤيا أنكرت صدقه العيون الحوالم و إذا فاجأ اليقين على الشك حسبت اليقين تهويل واهم *** و هنا حرّق الغيوم انفجار و الصدى يعزف اللّهيب ملاحم فتراخى ” قصر البشائر ” كالشيخ و لاذت جدرانه بالدعائم و احتمى بالقوى فضجّ عليه لهب عارم يلبّيه عارم و حريق يدمي قواه و يمضي و حريق جهنّميّ …. يهاجم فارتمى في اللّظى الأفيال حمر الرؤوس جرحى القوائم و تعالى الدخان و النار فاللّيل نهار صحو الأسارير غائم و تنادى الشروق من كلّ أفق ثورة فانبثي الربىلا يا نائم فإذا مأتم أعراس نشاوى مزغردات نواعم *** أشرق الثائرون فالموت عرس و أنين الحمى لحون بواسم وارتعاش الخريف دفء ربيعيّ؛ وصيف داني العناقيد دائم و الجراح التي على كلّ شبر أثمرت فجأة و كانت براعم *** من رأى الثائرين زحفا من الخصب وزحفا من شامخات العزائم ؟ و صباحا ضافي الشروق مطلا و صباحا في شاطئ اللّيل عائم و شبابا توهجوا فانطفى ” نيرون ” وانهار أغبر الوجه فاحم و استثاروا دفء الحياة فمات الم وت ؛ و انقضّ عرشه و هو راغم و أطلّت وجوههم من وراء اللّيل ؛ كالصحو من وراء الغمائم و مشوا تزرع الدروب خطاهم موسما طيّبا يجرّ مواسم و شموسا هواتفا و انتصارا حاسما يهتدي على إثر حاسم و الضحى في الدروب يمرح كالأ فراح ؛ في أعين الصبايا النواعم *** فتهادت مواكب الشعب ألوانا كنيسان مائج الحسن فاغم و توالت حشوده الكثر تشدو فالربى و السهول شاد و باغم و نسينا في غمره البشر … عهدا أسود القلب أحمر السيف قاتم كلّما عب جيفة مدّ للأخرى كؤوسا كحنجرات … الضراغم كان حكّامه ذبابا عليها من صديد الجراح أخزى المعالم و ذئابا بُلهاً قطيعا قسّمونا و استجمعونا غنائم *** فانقسمنا برغمنا و سألنا أين أين القربى ؟ و أين المراحم ؟ أوَ ما نحن إخوة أمّنا الخضراء ؟ فيم اختصامنا ؟ من تخاصم ؟ أنجبتنا هذي البلاد فأنهت بدع الفنّ قبل بدء العوالم و غذتنا تآخينا كان أبقى من ربى ريفها ووهج العواصم *** فمضوا يطعمونا الحقد حتّى جهل المرء قصده و هو عالم و تمادوا في الهدم حتّى كسرنا معول الحقد في يدي كلّ هادم و دفّنا حكم الشذوذ رفاتا واحتشدنا نتوّج الشعب حاكم و التقينا نمدّ للفجر أفقا من دم التوأمين ” عاد ” و ” هاشم ” و مراحا من تضحيات ” البلاقيس ” و مغدى من تضحيات ” الفواطم ” فانطلق حيث شئت يا فجر إنّا قد فرشنا لك الدروب جماجم وزحفنا نهدي الهدى و مددنا من قوانا إلى الأعالي سلالم و سمونا صفّا مبادئه الحبّ و غاياته سماء المكارم *** و أضأنا حتّى انثنى سارق الإسلام عريان يحتمي بالهزائم و اشرأبّت أرض النبيّ تدوّي من ” سعود ” ؟ أطغى و أغشم غاشم ! و غبيّ سلم لكلّ عدوّ و هو حرب على أخيه المسالم من رآه يرجو ” حسينا ” و يهذي ؟ من يقينا هولا من النار داهم ؟ فيعود الجواب عنه سؤالا هل لطاغ من غضبه الشعب عاصم ؟