منذ عرفنا الإخوان المسلمين وهم يحرمون الغناء تحريما مطلقا، ويعدون صوت المرأة عورة ،والاختلاط من المحرمات التي شدد عليها الشرع، وهذه النقاط الثلاث ظل الإخوانيون طوال مشوارهم السابق يعدونها ثوابت دينية لايمكن التخلي عنها أبدا. لكنها اليوم ومن أجل الوصول للسلطة أضحت من المباحات التي يمكن التنازل عنها لأجل حاجة في نفس يعقوب.فقناة (سهيل) تغني، ونساؤهم في ميادين التغيير يصرخن بأعلى أصواتهن وبمكبرات الصوت أيضا،والاختلاط في ساحة الجامعة يبقى حتى منتصف الليل وما بعده أحيانا. هذا السلوك المتناقض بين ما كان يقوله الإخوانيون سابقا وبين ما يطبقونه على أرض الواقع اليوم كشف وأوضح كم هم الإخوان على استعداد تام للانقلاب على أية معتقدات دينية يتظاهرون بها في سبيل تحقيق الطموحات التي يسعون لنيلها. فهم ومنذ بدأوا الدخول في غمار العملية السياسية في بلادنا يتعاملون بشكل مطاطي رخو للغاية تبعا لمصالحهم، ودائما ما يتنازلون عن أشياء كانوا يسمونها ثوابت دينية لا يجوز الخروج عليها بأي حال من الأحوال، وحين يرون مصلحتهم في إتيان أي سلوك هجين فإنهم يسارعون لاقترافه دون تورع أو خشية من أحد، وهم يبررون لأنفسهم بأن الضرورات تبيح المحظورات، مع أن الثوابت لا يمكن التخلي عنها أبدا عند من يحترم ثوابته ويسعى لتحقيقها على أرض الواقع، هذا إذا كانت وضعية من وضع البشر، فما بالنا بثوابت دينية هي من القداسة بمكان. من هذه الثوابت تحريم الغناء الذي استحلته وأباحته قناتهم قناة (سهيل) مؤخرا لتحفيز الجماهير على الغضب على النظام الراهن وسلطته الفاسدة.. ومع أننا ضد فساد النظام الراهن إلا أننا لا نرضى بهذا الانبطاح الذي يبديه الإخوان المفلسون أو حزب الإصلاح في اليمن،لأن من يتخلى عما يعتقد أنه من الثوابت الدينية بصرف النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معها من السهل عليه أن يتنازل عن ثابت وطني وربما الوطن بأسره في سبيل مصلحته، وهذا ما اتضح جليا من خلال الارتماء المخزي والمهين الذي بدا عليه قادة الإخوان (الإصلاح) أثناء لقائهم بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في مقر السفارة الأمريكية بصنعاء عند زيارتها لليمن مؤخرا. هذه الحادثة أو الواقعة أوضحت كم أن الإخوان المفلسين على استعداد للتخلي عن أية ثوابت في سبيل الوصول إلى السلطة وتحويل اليمن إلى قندهار أخرى،أو كما يزعمون لتأسيس دولة الخلافة الراشدة التي حان حينها!! ارتموا في أحضان كلينتون على مرأى ومسمع الجميع في الوقت الذي كانوا يؤكدون وبشدة - ولايزالون- أنهم لايستقوون بالغرب ضد النظام وضد السلطة باعتبار أن ذلك يعني الاستعانة بأجنبي وهو محرم شرعا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض الاستعانة بمشرك كما ورد في الحديث والسيرة،وهو ماكانوا يرددونه دوما في حرب الخليج حين طعنوا باستعانة بعض الدول العربية بالغرب ضد العراق، لكن حين تأتي مصلحتهم فكل شيء جائز ولا غبار عليه ولو كان ذلك الاستعانة بالغرب والاستقواء بالأجنبي. وهم لا يصدقون في الكثير من مواقفهم لأنهم ينهجون في هذا المجال نهج الشيعة وهو العمل بالتقية،حيث منهجهم كما يعرفه غالبية منظريهم ابتداء بحسن البنا حتى اليوم هو خليط من كل المذاهب والفرق والتيارات الإسلامية.. ولهذا لا غرابة إذا قالوا عقب قراءة هذا المقال- كعادتهم- إن قناة سهيل أهلية ولا تتبع حزب الإصلاح ولا تمثله وليست تبعا له، والشيء نفسه يقولون عن كل صحفهم المدعومة من قبلهم بما فيها أحيانا الصحوة. فكيف بالله نثق بحزب هذا نهجه وديدنه؟؟!!