هناك حكاية يابانية قديمة قرأتها تقول إن محارباً من (الساموراي) طلب من أحد الحكماء أن يصف له الفردوس والجحيم، فأجاب الحكيم بازدراء : «ما أنت إلا حثالة، ولن أضيع وقتي مع أمثالك». اشتعل غضب الساموراي لجرح كرامته، وعلى الفور أشهر سيفه صارخاً : «والآن يجب أن تموت جزاء وقاحتك». أجاب الحكيم بوداعة : «ذلك هو الجحيم». هدأ الساموراي إذ رأى الحقيقة واضحة في قول الحكيم عن الغضب الذي تأجج داخله، وكاد أن يحوله إلى قاتل، فأغمد سيفه، وانحنى شاكراً الحكيم على هذا الدرس. فأجاب الحكيم : «وذلك هو الفردوس». وكان ذلك هو الدرس الثاني الذي لقنه الحكيم للساموراي المحارب، والذي يعني أن النعيم النفسي يكمن في الانتباه الى نيران الغضب التي تشتعل داخلنا، وعدم ترك هذه النيران تحرقنا وتحرق ما حولنا! ما أروع الدروس التي تلقى عبر أمثلة وحكايات.. وما أحوجنا اليوم الى أن نعي الدرس في هذه الحكاية الساحرة.. إنه الجحيم نصنعه بأيدينا يا سادة.. يحرق مساكننا.. ويكوي قلوب أهالينا.. فأين العقول.. أين المشاعر.. أين الحكمة والإيمان.. يا أهل اليمن.. أين روح الإسلام فينا؟! نحن نقرأ القرآن.. لكننا لا نعيش القرآن! نصلي.. ولا نصل الأرحام.. ندعّ اليتيم.. ولا نحض على طعام المسكين! في صلاتنا مراؤون.. في أعمالنا مراؤون.. ونقول إننا مصلحون! نحن نملك العقل.. لكنها عقول مجردة.. عقول باردة.. وليست عقولاً شاعرة! العقول الباردة.. حادة الذكاء.. تحمل شهادة الغواية.. من أعظم الجامعات.. جامعة إبليس العريقة! عقول دهاؤها مدمر.. وذكاؤها مخرب! عقول لا تعرف إلا مصالحها الخاصة.. وشعارها (يا أرض ما عليكي إلا أنا)! ولكن أين العقول الشاعرة.. التي تعرف الله.. وصفاتها قبس من صفات الله.. المحبة .. الرحمة.. العفو.. الصفح.. والغفران! نعم .. أين العقول الشاعرة.. التي بدونها لا يكون الإنسان.. إنساناً! Email : [email protected]